طرابلس - أعلنت مؤسسة النفط في ليبيا أن أفرادا مرتبطين بـ"حرس المنشآت النفطية" أغلقوا بالقوة الاثنين أربعة حقول نفطية في البلاد، في تطور يأتي بينما تسود ليبيا حالة من الغموض قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية التي قد يتم تأجيلها بسبب مثل هذه الحوادث الأمنية أو خلافات سياسية بين الفرقاء الليبيين. وقالت المؤسسة في بيان إن إغلاق حقول الشرارة والفيل والوفاء والحمادة تسبب بخسائر تجاوزت "300 ألف برميل يوميا"، أي نحو ثلث الإنتاج الوطني اليومي. وقال رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله "لا يمكن لنا أن نقبل أو نغض الطرف عن هذه الممارسات التي تسبب معاناة للمواطنين ولا يمكن جعل هذه الممارسات وسيلة تسيس قوت الليبيين لأغراض جهوية أو لتحقيق مكاسب ومصالح أفراد ولن نسمح لهؤلاء بلعب دور في قطاع النفط الوطني". وأضاف "لقد أضحى تنفيذ التزاماتنا تجاه المكررين في السوق النفطية مستحيلا وعليه فإننا مضطرون لإعلان حالة القوة القاهرة". وتُعد "القوة القاهرة" تعليقا "مؤقتا" للعمل وحماية يوفرها القانون للمؤسسة بمواجهة الالتزامات والمسؤولية القانونية الناجمة عن عدم تلبية العقود النفطية الأجنبية بسبب أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد. وأكدت المؤسسة الوطنية للنفط أنها ستقوم بإبلاغ النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لكشف المتورطين في عملية الإغلاق. وأكد مصدر في جهاز حرس المنشآت النفطية (الجنوب الغربي) المنفذ لعملية الإغلاق أن الهدف من الخطوة هو الضغط على الأطراف الرسميين لتلبية سلسلة مطالب مالية ولوجستية. وقال المصدر "قام عناصرنا بإغلاق حقول الحمادة والوفاء والشرارة والفيل إلى جانب الصمام الرابط لنقل النفط ومشتقاته من الغاز بين حقل الشرارة وميناء الزاوية وكذلك بين حقل الوفاء ومجمع مليتة للغاز". وأضاف "قمنا طيلة الأشهر الماضية بمخاطبة الحكومة ومؤسسة النفط بضرورة صرف المستحقات المالية لعناصرنا إلى جانب توفير الاحتياجات لدورياتنا من مركبات آلية وتموين. نعمل في ظروف صعبة منذ سنوات في غياب الدعم اللازم". لكن جهاز حرس المنشآت النفطية التابع لوزارة الدفاع الليبية أعلن في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي على صفحته بفيسبوك، استنكاره لغلق أفراد محسوبين على الجهاز، غلق حقول النفط. وجاء في البيان "يستنكر جهاز حرس المنشآت النفطية قفل الحقول النفطية واستخدامها كوسيلة ضغط لمطالبهم وندعو إلى إعادة ضخ النفط، بالنظر للآثار السلبية ماديا وفنيا الناجمة عن استمرار الإغلاق". وتابع "نؤكد أن جهاز حرس المنشآت النفطية كان دائما يعمل على حماية المنشآت النفطية ويدعوا إلى عدم اتحاذها وسيلة للابتزاز والضغط نظرا لأن النفط والغاز هو المورد الوحيد للاقتصاد الوطني والضرر يعود على الجميع وما سيترتب عليها من عجز تام في الإيرادات المالية للدولة والتأثيرات المباشرة على حياة الناس والتي تتمثل في انقطاع التيار الكهربائي بسبب توقف إمدادات الغاز والوقود السائل وكذلك النقص في المحروقات وغيرها من الآثار السلبية الأخرى" وخلص إلى القول "كما يدعو المعتصمين إلى تغليب المصلحة العامة وأن يسلكوا الطرق القانونية لتنفيذ مطالبهم وليس من خلال الاعتصامات وقفل المنشآت النفطية". وحذرت شركة الكهرباء الحكومية من أن هذا الإغلاق قد يتسبب بخسارة نحو نصف إنتاج الشركة من الطاقة. وقالت في بيان إن الإغلاق "سيؤدي إلى فقدان ما يقارب 2500 ميغاوات، ما سيترتب عليه صعوبات فنية في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة وزيادة ساعات طرح الأحمال خصوصا في هذه الأيام التي تشهد انخفاضا في درجات الحرارة". وينقل حقل الوفاء الواقع على مسافة 500 كلم جنوب غرب طرابلس إمدادات ضخمة من الغاز إلى مجمع شركة مليتة للنفط والغاز غرب طرابلس الذي تديره شركة "إيني" الإيطالية للطاقة بالشراكة مع ليبيا. وهو المجمع نفسه الذي ينقل إمدادات الغاز إلى إيطاليا عبر أنبوب بحري ضخم يربطها مع ليبيا. وينقل معظم إنتاج حقل الشرارة النفطي عبر صمامات إلى ميناء الزاوية غرب طرابلس. وتدير حقل الشرارة شركة "أكاكوس" التابعة لمؤسسة النفط الليبية وشركات ريبسول الإسبانية وتوتال الفرنسية و"أو إم في" النمساوية و"ستات أويل" النرويجية. ويقع حقل الشرارة في أوباري حوالي 900 كلم جنوب طرابلس وهو أحد أكبر الحقول النفطية في ليبيا وينتج كحد أقصى 315 ألف برميل يوميا. وتنتج ليبيا أكثر من خمسة آلاف ميغاوات من الطاقة يوميا، لكن هذه الكمية غير كافية لتلبية استهلاك البلاد، وخصوصا في ذروتي الشتاء والصيف.
مشاركة :