يعكس فوز المسرحية الإماراتية «الملهاة الأخيرة»، التي قدمتها فرقة «جمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح»، بجائزتين في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي أخيراً، وجهاً مهمّاً من أوجه النجاح الذي تحققه دولة الإمارات، وهو شموله كل المجالات التي تحدد مكانة الدول على خريطة الحضارة في العالم. ويشير الفوز في فعالية ثقافية مرموقة ذات تنافسية عالية، إلى أن التفوق في الجانب الثقافي والإبداعي يسير جنباً إلى جنباً مع تعزيز المكانة السياسية للدولة، وإنجازاتها الاقتصادية والعلمية والتقنية الهائلة. وهذا التكامل بين ما هو مادي وما هو روحي يُجسِّد المعنى الدقيق للحضارة، التي تُعرَّف بأنها «جملة مظاهر الرُّقِي العلمي والفني والأدبي والاجتماعي في مجتمع من المجتمعات». وهذا الفوز، الذي تتوالى نظائره في مجالات الثقافة والفكر والإبداع، ليس معزولاً عن سياق أوسع يرتبط بالرؤية الشاملة للقيادة الرشيدة، والتخطيط المُحكم لتحقيق الأهداف المحدَّدة في كل المجالات. ويظهر ما سبق جليّاً في إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية» في نوفمبر الماضي، لتكون الأولى من نوعها في العالم العربي، وهي تهدف إلى «تعزيز مكانة الدولة على خريطة الإبداع الثقافي العالمي ومؤشرات التنافسية العالمية في هذا المجال، وأن تكون الإمارات الوجهة الجاذبة للمبدعين في المجال الثقافي من مختلف أنحاء العالم». والصناعات الثقافية الإبداعية، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، تشمل إبداع وإنتاج وتوزيع سلع وخدمات ذات صبغة ثقافية، مثل الفنون والموسيقا والنصوص الأدبية والأعمال الدرامية وفنون الأداء والنشر، إلى جانب الأزياء والتصاميم والأشغال اليدوية وأنماط العمارة والسياحة الثقافية. وفضلاً عن جانبها الجمالي المتصل بجوهر الإنسانية، فإن الصناعات الثقافية تمثّل كذلك مصدراً لا ينضب لتعزيز الرخاء، اعتماداً على الإبداع الإنساني، حيث تفيد بيانات بأن إيرادات الصناعات الثقافية الإبداعية تبلغ 2.25 تريليون دولار سنويّاً، وهي من بين أسرع القطاعات نموّاً في العالم، إذ يُتوقع أن يبلغ إسهامها 10 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي. وقد اهتمت القيادة الرشيدة للدولة منذ وقت طويل بالصناعات الثقافية الإبداعية، وعملت بدأَب على توفير أفضل الظروف لاستثمار إمكاناتها، وتبدت ثمرة هذه الجهود في تبوء دولة الإمارات المركز الأول عربيّاً والثاني عالميًّا في مجال السلع والخدمات الإبداعية، والمركز السادس عالميّاً في مؤشر صادرات السلع الإبداعية، وفقاً لنتائج «مؤشر الابتكار العالمي 2021»، ليضاف هذا النجاح إلى سجل حافل من الإنجازات يستحق الفخر والاحترام. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :