في قضية يمكن أن تفاقم التوتر القائم أصلا بين واشنطن وكراكاس، مثل اثنان من أقرباء الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أمام محكمة أميركية في جلسة قصيرة مساء أول من أمس في نيويورك بعد اتهامهما بالتآمر لإدخال كميات من الكوكايين إلى الولايات المتحدة. وأوقف ايفراين كامبو فلوريس، وفرانشيسكو فلوريس دي فريتاس، وهما من أبناء أخوة زوجة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، في هايتي ونقلا إلى نيويورك. وأفاد محضر الاتهام بأنهما متهمان بمحاولة إدخال «خمسة كيلوغرامات أو أكثر من مواد ومزائج تحوي كميات يمكن رصدها من الكوكايين» إلى الولايات المتحدة، و«بالمشاركة في خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في لقاءات بفنزويلا حول شحنة من الكوكايين كان يفترض أن ترسل إلى الولايات المتحدة عن طريق هندوراس». وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن ايفراين أنطونيو كامبو فلوريس قدم نفسه على أنه صهر الرئيس الفنزويلي عند توقيفه، بينما قال فانكي فلوريس دي فريتاس إنه ابن أحد إخوة زوجة الرئيس سيليا فلوريس (62 عاما). فيما قال الناطق باسم الشرطة الوطنية الهايتية غاري ديروزييه في مؤتمر صحافي إن الرجلين أوقفا الثلاثاء «بموجب مذكرة دولية» خلال «عملية لكتيبة مكافحة المخدرات» الهايتية، في فندق كبير بالقرب من مطار بور أو برانس الدولي. لكن حسب عدد من المراقبين، فإن هذه القضية يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التوتر في العلاقات الدبلوماسية بين فنزويلا والولايات المتحدة، اللتين لا تتبادلان السفراء منذ 2010، خصوصا أنها تأتي قبل ثلاثة أسابيع من انتخابات تشريعية في هذا البلد الواقع في أميركا اللاتينية، حيث يواجه تيار الرئيس الاشتراكي عدة صعوبات. وأدان مادورو من جنيف أول من أمس «المضايقات المستمرة»، التي تهدف إلى «عزله» في بلده، دون أن يشير بشكل واضح إلى توقيف الشابين. وكان مادورو يتحدث في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بعدما انتقد رئيس المجلس زيد رعد الحسين النظام القضائي الفنزويلي. وكتب مادورو على حسابه على موقع «تويتر» أيضًا أن «الوطن سيواصل مسيرته، ولا يمكن للهجمات أو الكمائن الإمبريالية النيل من شعب المحررين». لكن السلطات الأميركية تقول باستمرار إن جزءا كبيرا من الكوكايين، الذي يتم إنتاجه في كولومبيا، يمر عبر فنزويلا قبل أن يرسل إلى الولايات المتحدة وأوروبا. وهي تشتبه بتورط مسؤولين كبار في الشرطة والجيش والحكومة الفنزويلية في تبييض أموال مرتبطة بتهريب المخدرات. وكانت محكمة في فلوريدا قد اتهمت في سبتمبر (أيلول) الماضي المسؤول الفنزويلي السابق عن الاستخبارات المالية بيدرو لويس مارتن بتهريب المخدرات أيضًا. وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن فنزويلا ومعها بورما وبوليفيا «أخفقت في الأشهر الـ12 الأخيرة على ما يبدو في بذل جهود كافية وكبيرة لاحترام التزاماتها» في مجال مكافحة المخدرات. إلا أن السلطات الفنزويلية رفضت هذه الاتهامات، وقالت إنها حملة تشهير تهدف إلى إضعاف الحكومة. وطالبت المعارضة بتحقيق في قضية أقارب الرئيس، إذ قال الأمين العام لتحالف «طاولة الوحدة الديمقراطية» خيسوس توريالبا «إنها قضية هزت البلاد (...) وتتطلب ردا. ولذلك نطالب بتحقيق فورا». وإضافة إلى مشكلات الرئيس، طلبت مجموعة من شخصيات المعارضة الفنزويلية من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق معه، ومع عدد من المسؤولين الآخرين في ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية». فيما أعرب رئيس مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عن «مخاوف جدية» بخصوص مصداقية الجهاز القضائي الفنزويلي، قبل إلقاء مادورو كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان. وتحدث رئيس المجلس زيد رعد الحسين في رسالة فيديو، تم بثها قبل كلمة مادورو، الذي تعرض حضوره إلى المجلس إلى انتقادات عارمة من المجتمع المدني والناشطين بسبب سجله المروع في حقوق الإنسان، بحسبهم. وقال إن عدة منظمات، من بينها الأمم المتحدة، «تحدثت عن مخاوف جدية حيال استقلالية القضاء في فنزويلا، وعدم انحياز القضاة والمدعين والضغوط التي يواجهونها عند معالجة قضايا ذات حساسيات سياسية». وقبل 3 أيام، طلب المعارض كارلوس فيكشيو من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق مع مادورو ومسؤولين حكوميين بتهم جرائم ضد الإنسانية، من بينها القتل والتعذيب بحسبه. وتنظم فنزويلا انتخابات تشريعية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يرى المحللون السياسيون أنها قد توفر مكاسب كبرى للمعارضة نظرا لتدهور شعبية مادورو بشكل متسارع.
مشاركة :