طرح تأجيل الانتخابات الرئاسية في ليبيا التي كان من المبرمج إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر تساؤلات بشأن مصير حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة وسط دعوات سياسية لاستبدالها بحكومة مصغرة فضلا عن إمكانية إجراء تعديل وزاري يشمل معظم الوزارات. وقال عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي إن إعلان المجلس عن عقد جلسة الاثنين يعني خروج رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة من المشهد وتركه رئاسة الحكومة. وأضاف في تصريح لوسائل إعلام محلية “في اعتقادي كل الأطراف متوافقة على أن خروج الدبيبة من المشهد من مصلحة ليبيا”، موضحا أنه “ستكون هناك حكومة مصغرة وسيكون لها رئيس وستلبي الاحتياجات من البابين الأول والثاني ولا علاقة لها بباقي الأبواب، وتتجه وتحضر للانتخابات”. وعبر العرفي عن توقعه أنه “في شهر يناير المقبل لن تكون هناك انتخابات خصوصًا بعد سماع أصوات تنادي بالدستور والاستفتاء عليه، وهو كلام حق ولكن أريد به باطل لإطالة أمد الأزمة”. وتابع “نخشى أن تكون هناك فتنة أو حروب وهذا ما لا نتمناه وخصوصًا في غرب البلاد، نتمنى أن يسلم الدبيبة مقاليد السلطة”، لافتا إلى أن “الدبيبة إذا كان يرغب في الترشح لرئاسة الدولة حتى وإن أجلت فهذا كله من مصلحته”. ويرى متابعون للشأن السياسي في ليبيا أن حكومة الدبيبة فشلت في تجاوز العقبات التي اعترضتها نحو تنظيم الانتخابات واستكمال المسار السياسي بالبلاد، علاوة عن تنكر الدبيبة لتعهداته أمام الليبيين ومحاولته القفز في السباق الانتخابي وقطع الطريق على منافسيه، ورجح هؤلاء أن يفكر المجتمع الدولي في سيناريو التخلي على الدبيبة مقابل التوجه نحو تشكيل حكومة مصغرة. وأفاد الخبير في الشأن الليبي منتصر الشريف بأن “حكومة الدبيبة فشلت في تنظيم الانتخابات الرئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر، وهذا له انعكاسات على مستوى العلاقة بين الليبيين والحكومة من ناحية، والدبيبة والمجتمع الدولي من ناحية أخرى”، قائلا إن “حكومة الدبيبة أصيبت في مقتل”. وأضاف لـ”العرب” أن “الفشل الثاني أمام الليبيين هو موقف الدبيبة وحرصه على المشاركة في الانتخابات، خصوصا وأنه تعهّد بعدم الترشح، لكنه انقلب على ذلك في محاولة منه لإضعاف منافسيه”. وتابع “في اعتقادي هذه الحكومة ستجد نفسها ملزمة بالاستقالة، والدبيبة ربما سيقدم استقالته حتى يشارك في الانتخابات، وهو حكم على نفسه بالفشل منذ البداية وأصبحت الحكومة أحد أسباب الأزمة في البلاد”. واستطرد الشريف “المجتمع الدولي سيجد نفسه مجبرا على التخلي عن حكومة الدبيبة وربما سيتم التفكير في تشكيل حكومة مصغّرة”. وجدّد أعضاء في مجلس النواب دعوتهم إلى تغيير الحكومة، باعتبار أن مهمتها الأساسية كانت تنظيم الانتخابات، وأنها حكومة تسيير أعمال بموجب قرار النواب القاضي بسحب الثقة منها في سبتمبر الماضي. وأعلنت سفارة المملكة المتحدة في ليبيا الجمعة أن المملكة ستواصل الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية كسلطة مكلفة بقيادة ليبيا إلى الانتخابات، كما أكدت أنها لا تؤيد إنشاء حكومات أو مؤسسات موازية. وأضاف بيان السفارة “يجب أن نحافظ ونبني على التقدم نحو السلام والاستقرار الذي تم تحقيقه من خلال اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 2020، وخارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي (جرى بتونس في نوفمبر 2020 وأفرز حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة)”. وتعليقا على الموقف البريطاني، قال عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي إن بيان السفارة البريطانية لدى ليبيا بشأن مواصلة الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية كسلطة مكلفة إلى حين إجراء الانتخابات، يعكس إرادة وتوجهات السفارة، موضحا أن “البيان شكلي ومجرد مناورة سياسية”. وأضاف العرفي في تصريحات صحافية أن “بريطانيا ليست لاعبا أساسيا في الأزمة الليبية، وأنها ليست من الأطراف المؤثرة في الأزمة الليبية”، مشيراً إلى أن “البيان يعكس توجهات السفارة فقط”. وتذهب أوساط سياسية إلى سيناريو التعديل الوزاري الذي يشمل عددا من الوزارات إذا لم يقع الاتفاق على حكومة جديدة. والسبت أكد عضو مجلس النواب فرج عبدالملك أن النواب لا يعلمون إلى حد الآن جدول أعمال جلسة المجلس المبرمجة الاثنين المقبل، لأنه “يوضع على مزاج رئاسة المجلس”. وقال عبدالملك في تصريح صحافي إنه “إذا لم يقع الاتفاق على حكومة جديدة، ستتم مطالبة الدبيبة بتعديل وزاري يشمل معظم الوزارات”، داعيا إلى ضرورة تغيير مجلس إدارة المفوضية لما وصفه بـ”عبثية عملها”، وتكليف مجلس إدارة جديد. وأضاف “منذ صدور قوانين الانتخابات المعيبة حذرنا منها ونبهنا إلى أنها ستكون عرضة للطعون لأنها لم تتخذ من قاعة البرلمان بل استفردت الرئاسة باتخاذها لأغراض هي تعرفها”، مشيرا إلى أن المجلس قد يتمكن من تغيير هذه القوانين في الجلسة المقبلة. ولفت إلى أنه ستتم الدعوة إلى العودة إلى الدستور والاستفتاء عليه ومن ثم إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، مطالبا كل الأطراف المتخالفة بضرورة التنازل بما يخدم الوطن، وأبدى ترحيبه بأي اتفاق ليبي دون تدخل أجنبي. وسبق أن قال عضو البرلمان جبريل أوحيدة إنه “إذا ما تأجلت الانتخابات لفترة أطول، فمن المتوقع أن تتم إقالة حكومة تسيير الأعمال التي لا تلقى قبولا بسبب ملفات الفساد وتخبطها وإخفاقاتها الكثيرة، وسيتم تكليف رئيس جديد لتشكيل حكومة مصغرة لمهام محددة”. وكانت تحذيرات وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا أكثر دقة عندما قال في مقطع مسجّل إن “هذه الحكومة عمرها ينتهي يوم الثالث والعشرين من ديسمبر عند الساعة الثانية عشرة ودقيقة، وفي هذا التوقيت تنتهي شرعيتها”. والتقى باشاغا ونائب رئيس المجلس الرئاسي السابق أحمد معيتيق باللواء خليفة حفتر في بنغازي وعدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية، ودار حديث في الأوساط الإعلامية الليبية أن هؤلاء اتفقوا على تنسيق خطواتهم بهدف تشكيل حكومة جديدة. وأصدروا بيانا مشتركا أعلنوا فيه أنهم اتفقوا على “استمرار التنسيق والتواصل وتوسيع إطار المبادرة الوطنية لجمع الكلمة ولم الشمل واحترام إرادة الليبيين”. وسبق لباشاغا أن تحالف مع حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح في قائمة واحدة للترشح لرئاستي الحكومة والمجلس الرئاسي، لكنهم خسروا أمام قائمة عبدالحميد الدبيبة ومحمد المنفي في انتخابات ملتقى الحوار السياسي التي أجريت في فبراير الماضي. انشرWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :