الزيادة في الأجور تقود إلى خلاف بين الحكومة المصرية والقطاع الخاص |

  • 12/27/2021
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تلوح في أفق المشهد الاقتصادي المصري بوادر خلاف قد يصل إلى حد الصدام بين الحكومة ورجال الأعمال، بعد إعلان نحو ثلاثة آلاف شركة اعتراضها على الالتزام بالحد الأدنى للرواتب المعلن بسبب كونها كثيفة العمالة وارتفاع أعباء الإنتاج، فضلاً عن التداعيات السلبية لجائحة كورونا على تشغيلها. وشملت الصناعات التي طلبت التأجيل أو الاستثناء من القرار شركات تعمل في صناعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والسياحة والورق ومتاجر التجزئة، وتلقت الحكومة طلبات من المدارس الخاصة التي تقل مصروفاتها السنوية عن 640 دولارا لتكون مشمولة بالتأجيل أو الاستثناء. ولم يقتصر قرار المجلس القومي للأجور على الحد الأدنى للرواتب، بل ألزم شركات القطاع الخاص بتقديم علاوات دورية سنوية يبلغ الحد الأدنى لها 3 في المئة والتي تعادل 4.5 دولار من الراتب التأميني، وفقًا للسنة المالية المحاسبية لكل منشأة. وأعلنت وزيرة التخطيط ورئيسة المجلس القومي للأجور هالة السعيد أن الراتب المقصود في قرار الحكومة هو الراتب الشامل الذي يحصل عليه العامل شاملاً العلاوات والبدلات والمزايا العينية ليتواءم الحد الأدنى لرواتب القطاع الخاص مع زيادات رواتب القطاع العام، والتي ارتفعت في بداية يوليو الماضي إلى 153 دولارًا من 128. وقالت السعيد إنه ستتم دراسة طلبات الشركات الراغبة في الاستثناء من القرار عبر الفحص والتحقق من الأدلة التي تقدمها للحكومة، ويمكن الموافقة عليها. وتشير تصريحات الوزيرة المصرية إلى أن قرار الحكومة غير ملزم، كما أعلنت في قرارها الرسمي المنشور بالوقائع المصرية. وإذا تمت الموافقة على منح شركة بعينها استثناءً، فيجب عليها الإلتزام بموعد نهائي تبدأ بعده بتطبيق الحد الأدنى الذي يكفل حياة كريمة للعاملين “لكن الحكومة لا تستطيع إلزامها إذا تأكدت من دراسة حالتها”. ويتردد الحديث عن تطبيق الحد الأدنى للرواتب بالقطاع الخاص منذ العام 2013 عبر تصريحات حكومية غير ملزمة، إلا أن العام الحالي جاء بشكل يبدو بمثابة “جس نبض” فهو في باطنه اختياري، كما أن قيمة الراتب التي تم الإعلان عنها هزيلة ولا تفي بمتطلبات الحد الأدنى من المعيشة في مصر. وتحوم الشكوك حول مساعي القاهرة لإصلاح منظومة الرواتب بالقطاع الخاص، لاسيما أن القطاعات التي بسببها قررت الحكومة زيادة الحد الأدنى للرواتب هي نفسها التي تعترض على تطبيقه حاليًا، وعلى رأسها مصانع الغزل والنسيج والملابس والتي تمنح العمال رواتب تتراوح بين 95 و130 دولارًا شهريًا. وتتمثل آلية الحكومة في التأكد من تطبيق قرار الحد الأدنى للرواتب عبر قيام وزارة القوى العاملة بحملات تفتيش منتظمة على المصانع والتواصل مع التأمينات الاجتماعية، فزيادتها يترتب عليها رفع قيمة الاشتراك بالتأمينات الاجتماعية، بجانب تلقي المجلس القومى للأجور شكاوى من العاملين بالشركات غير الملتزمة بالقرار. أيمن رضا: القرار يفوق قدرات العديد من الشركات ويقودها إلى الإغلاق ولم يتم الكشف عن العقوبات التي ستقع على الشركات التي لديها مقومات تطبيق الحد الأدنى للرواتب وترفض تطبيق القرار، لأنها ضمن مشروع قانون العمل الجديد الذي لم يخرج من مجلس الشيوخ حتى الآن. ويرفض عدد من أصحاب الشركات تطبيق القرار الحكومي الحالي لأنه يزيد من أعبائها ويخفض مكاسبها بشدة، بعد أن بدأت تعمل بجزء من طاقتها الإنتاجية لتعويض الخسائر المتراكمة منذ اندلاع الجائحة. وتلعب الحكومة دورًا في رفض بعض الصناعات تطبيق الحد الأدنى للرواتب، لأنها لن تعفي الزيادة الجديدة في الراتب من الضرائب أو التأمينات، ولن يحصل العامل على الحد الأدنى المعلن عنه صراحة، وحال حدوث الإعفاء تخفض المصروفات على المنشآت لاسيما ما يتعلق باشتراك التأمينات. وقال هشام كمال عضو جمعية مستثمري الألف مصنع بمنطقة القاهرة الجديدة، إن الحكومة يمكنها إلزام القطاع العام والمؤسسات التابعة لها بتحديد الرواتب، بينما إجبار القطاع الخاص ليس من شأنها، لأنه يعي مسؤولياته تمامًا وتدفقاته المالية، كما أن تلك الخطوة مسؤولية المجتمع المدني. وأضاف لـ”العرب” أن رفع الحد الأدنى للرواتب في المنشآت الخاصة تترتب عليه مصروفات وأعباء لا تتحملها معظم الصناعات كثيفة العمالة مثل الغزل والنسيج والبلاستيك. ويُنذر إصرار الحكومة على قرارها بصدام وشيك مع المستثمرين، لاسيما الشركات الصغيرة والمتوسطة، وقد تترتب عليه حالة من الكر والفر بين القطاع الخاص ومكاتب العمل التي تشن حملات تفتيش على المصانع وتُلزم الشركات بالتأمين على العمالة وتفعيل الحد الأدنى للرواتب، ما يدفع المصانع إلى التحول إلى القطاع غير الرسمي أو الإغلاق. وقد يقود تحديد الحد الأدنى للرواتب بعض الشركات إلى رفع أسعار منتجاتها بالأسواق، ما يترتب عليه إشعال معدلات التضخم، فضلاً عن أنه حال رفض المجلس القومي للأجور استثناءات الشركات يدفع ذلك إلى تسريح عدد كبير من العمالة أيضًا، وهي خطة يمكن أن تزيد من طابور البطالة. مجدالدين المنزلاوي: مصانع عديدة تمنح رواتب أعلى مما حددته الحكومة وأوضح أيمن رضا الأمين العام لجمعية مستثمري العاشر من رمضان شمال شرق القارة أن العديد من المنشآت الخاصة ستعجز عن تطبيق قرار الحكومة، لأنه خارج قدراتها، وربما ترى أن الأفضل لها المغادرة من السوق. وذكر لـ”العرب” أن الجمعية تلقت خطابات من مصانع الغزل والنسيج والبلاستيك والورق والطباعة، بأنها لا تملك ميزانيات تسمح بزيادة الرواتب لعرضها على الحكومة لأجل استثنائها من تطبيق الحد الأدنى للرواتب. ويرى بعض المراقبين أن الحكومة في منأى عن الدخول في صدام مع القطاع الخاص وربما ترضخ لمطالبه، لأن العمالة ستكون الضحية، فضلاً عن أن عدم التوافق بين الطرفين يرسم صورة لدى الرأي العام المحلي والعالمي بأن السلطات المصرية تقوض الصناعة الخاصة والحكومة في غنى عن ذلك. وأكد مجدالدين المنزلاوي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين أن العمال هم الطرف المشارك للمستثمرين في المصانع وعامل أساسي لنجاح الشركات الخاصة، موضخًا أنه توجد مصانع تمنح رواتب تفوق الحد الأدنى الذي أعلنت عنه الحكومة. ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن معظم أعضاء الجمعية سيلتزمون بتفعيل الحد الأدنى الذي أعلنت عنه السلطات، لكن بعض المصانع لا تتحمل تكاليف تطبيقه لطبيعة صناعتها، إذ تلقت الجمعية خطابات من شركات الغزل والنسيج والحاصلات الزراعية والتعبئة والتغليف لمخاطبة الحكومة واستثنائها من القرار الجديد.

مشاركة :