سواء كانوا أصحاب خبرة أم مبتدئين، هواة أم خريجي إعلام، لا مجال إلّا للاستفادة من كل ما تقدمه مسابقة استوديو الفيلم العربي، فمنذ انطلاقها في عام 2011 عملت المسابقة على تخريج العديد من المواهب التي أتقنت صناعة الأفلام القصيرة، مواهب تعرفت إلى العملية الإنتاجية في رحلة عمرها 6 أشهر تجوب بهم في عالم السينما. تهدف مسابقة استوديو الفيلم العربي للأفلام الروائية التابعة لشركة إيمج نيشن في أبوظبي بالتعاون مع توفور 54، لرعاية الشباب الموهوبين في صناعة السينما وتطوير مهاراتهم، من خلال ورش عمل مكثفة في كتابة القصة والسيناريو وعمليات ما قبل وبعد الإنتاج، حتى إصدار الفيلم، كل ذلك ولا يشترط الخبرة المسبقة للمشاركة، بل يكفي أن يملك المتقدم للمشاركة الشغف والخيال والرغبة كي يكون ضمن الفريق. يحصل الفائز في مسابقة الأفلام الروائية، على فرصة التدريب مع إيمج نيشن في مشروع محلي أو دولي، ويحظى كل من يصل إلى المرحلة الأخيرة المتضمنة 6 مشاركين، بفرصة إنتاج فيلم خاص، ليخضع للتحكيم من قبل لجنة من السينمائيين، لنيل جوائزها. أفضل فيلم ومونتاج لدورة هذا العام، كانت من نصيب فيلم خمسة للمخرج عمر آدم (مصر)، الذي يحكي فيلمه قصة انتظار يونس 5 ساعات لمكالمة هاتفية من المستشفى، إذ إنه من المحتمل أن يكون مصاباً بمرض خطر، ونتائج الفحص تجعله يحبس نفسه في بيته، لا يستطيع التكلم ولا التعامل مع أحد، فيشعر أنه على أعتاب النهاية، لكن حدثاً ما، يجعله في اللحظة الأخيرة يترك الانتظار وراء ظهره ويسير قدماً. اختار آدم ممثلاً إيرانياً لفيلمه، وعرضه باللغتين الإنجليزية والإيرانية، مع ترجمة إلى العربية، واستطاع أن يجعل المشاهد يترقب سلوك وإحساس يونس حتى النهاية بحرفية. يقول آدم عن فيلمه: رغبت من خلال الفيلم أن أظهر أن الإنسان هو وحده القادر على تحديد مصيره وسلوكه، فخياره في التشاؤم والتفاؤل بيده، وقدرته على تجاوز المحن أيضاً بيده، والحياة لا تنتظر أحداً وعلى الإنسان بذلك أن يسير معها. وتخرج آدم في الجامعة الأمريكية في دبي تخصص إعلام، وسمع عن برنامج استديو الفيلم العربي التدريبي، ووضع برأسه فكرة المشاركة حال التخرج، وفعلاً استطاع أن يحظى بالفرصة. دافعه هو التعلم دون كلل، فكل فرصة للتعلم، بحسب آدم، يجب اغتنامها لأنها لابد وأن تضيف له شيئاً، وحال مشاركته في البرنامج بدأ يشعر بالاختلاف عما درسه، لأن التعامل معهم في البرنامج كان على أساس حرفي وتعامل حقيقي مع المخرجين. فهو برنامج يضم التعليم واكتساب الخبرة من الآخرين. ويضيف: تعلمت أن أجد صوتي ككاتب، وأن أصنع من كل شيء حولي فيلماً، فدخلت البرنامج ككاتب ومخرج، وخرجت منه كذلك مع اختلاف التجربة، وعلى الرغم من أنني كنت أخرج أفلاماً خلال الدراسة الجامعية، فإنني وجدت الفرق كبيراً في البرنامج، فهو يمنح القوة المهنية بجوانبها التقنية والفنية الإبداعية، وعليك أن تتقن كل شيء في فيلمك، وأن تنجز أمورك بنفسك، وهذا ما لم نشعر به خلال الدراسة الجامعية، فهناك الأستاذ المشرف والمساعد، ولذلك أشجع كل شخص على المشاركة في البرنامج. المخرجة والمنتجة ديان فرح (كندا - لبنان)، التي حصدت جائزتي أفضل تصوير وسيناريو عن فيلم من بينهم، تشير إلى استفادتها العالية من برنامج التدريب في استوديو الفيلم العربي على الرغم من خبرتها السابقة في مجال صناعة الأفلام. تقول: لم أكن أصنع الأفلام التي تترجم رؤيتي الخاصة، بل كنت دائماً أسهم في إنتاج أعمال الآخرين، فكانت الفرصة مميزة في استوديو الفيلم العربي، لأعبر عن مهاراتي وأفكاري من خلال الفيلم، فكل ما تعلمناه كان مميزاً ومهماً لأقصى الحدود، إضافة إلى أن التواصل مع الآخرين أصحاب الاهتمام المتشابه يثري المعرفة ويعزز التواصل المهني والفكري، ولعل أبرز ما تضمنه البرنامج التدريبي كان التركيز على كل التفاصيل، فزرع فينا حب تعلم ومعرفة كل شيء في صناعة الفيلم وعدم الالتزام بحرفة واحدة، من الألف إلى الياء، كل منا كان كاتباً، أو مصوراً، أو منتجاً، أو مخرجاً، أو منسقاً، وغير ذلك. وتخلص فرح من تجربتها برغبتها العارمة في أن تكون مخرجة ومنتجة أفلام مستقلة تترجم رؤاها بنفسها وتخرجها للعالم، وذلك بفضل اجتهادها في استوديو الفيلم العربي، ويحكي فيلم فرح قصة مصور، يحمل كاميرته ويتعرف إلى الآخرين بسؤالهم عن حياتهم بهدف التقاط صورة، لكن هذه الصور تكشف مدى ارتباط الناس ومصائرهم بعضها ببعض. وفي فيلم ضايعة الذي حصد جائزة لجنة التحكيم الكبرى للمخرجة لبنى باجسير من السودان، تحكي باجسير قصة امرأة عربية غامضة مهووسة بنفسها، تلقي الشرطة القبض عليها لتورطها مع حبيبها في السيارة، وتعطيهما إنذاراً نهائياً، إما الزواج أو الدخول إلى السجن بتهمة إقامة علاقة غير شرعية، ويتضح في النهاية أنها متزوجة من رجل آخر، واستطاعت المخرجة إتقان الفيلم من خلال إقناع المشاهدين بقصتها حتى النهاية. عن فيلمها، تقول باجسير: منذ أن تخرجت في درجة الماجستير ببريطانيا كان رصيدي فيلماً وثائقياً بعنوان (بختي)، وكان لقصة هندية بريطانية، ومنذ ذلك الحين وأنا أترقب وأسعى لليوم الذي أصنع فيه فيلماً روائياً، وحين علمت بوجود استوديو الفيلم العربي وسمعته ذائعة الصيت، قررت أن أشارك، وكانت لي الفرصة، وكنت شبه متيقنة أنني سأخرج من البرنامج بفوائد جمة، إذ نعمل خلال 6 أشهر على التعلم التطبيقي، ولا مجال لأن نغفل عن كل تفصيلة صغيرة في صناعة الفيلم، فكي يكون الشخص مخرجاً، يجب أن يعرف كل ما يدور في عملية صناعة الفيلم، وهذا ما حظينا به في البرنامج. وأدركت في النهاية أن من دونه لم أكن لأتقن صناعة فيلم قصير بطريقة حرفية عالية الجودة. وتكشف باجسير أنها تعلمت الثقة بالنفس وبالآخرين في عملية صناعة الأفلام بفضل البرنامج، وأنه لا يمكن أن يعتمد الشخص على نفسه، في صناعة الفيلم ولابد من مشاركة الآخرين وأن يكون ملماً بأعمالهم. في فيلم عُبيد يستطيع مخرجه العماني محمد الهاشمي أن يشد حواس المشاهدين ويرسم الابتسامة على وجوههم ببساطته وعفويته وعودته لبساطة الحياة الخليجية، حين يقع عُبيد في حب ابنة مديره في العمل فيتحتم عليه كتم علاقته بها وإبقائها سرية لفترة من الزمن، بينما تُحبط أحلامه في الزواج منها لعوزه المال اللازم، لكن حدثاً ما يغير حياته، لكنه لا يغيره بل يجعله يكبر في عيون الناس.
مشاركة :