معلمون في المدارس الخاصة يشكون تدني الرواتب

  • 11/15/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

شريحة كبيرة من المعلمين في المدارس الخاصة تعيش واقعاً مؤلماً، بعد أن فرضت عليهم الظروف العمل برواتب متدنية قد تصل أحياناً إلى 2000 درهم في الشهر، يبحثون عن وظائف أخرى إضافية لزيادة رواتبهم الشهرية التي لا تتناسب مع الجهد المبذول لتعليم الطلبة، ولا تناسب حتى لتوفير الحياة المعتدلة للمعلمين وعائلاتهم في بعض المدارس الخاصة، حيث تساوى دخلهم الشهري مع وظائف أخرى لا تتطلب مجهوداً فكرياً وعقلياً كالمعلم، سائلين الجهات المختصة، عن سبب عدم تدخل كل من وزارة التربية والتعليم، ووزارة العمل، وهيئة المعرفة، في وضع قوانين ومسودة صارمة لإدارة المدارس الخاصة؟ ولماذا ترمي كل منها الكرة على عاتق الأخرى عند السؤال؟ مشيرين إلى أن بعض المعلمين بقيت رواتبهم جامدة لا تتجاوز 2200 درهم شهرياً، بالرغم من ارتفاع الأسعار في الدولة من حيث الإيجارات السكنية، والمعيشة بشكل عام، والتي انعكست على طريقة التعليم الذي تدنى مستوى جودته في بعض المدارس الخاصة، والذي أثر في مخرجات التعليم الذي انتقلت بعض مؤسساته إلى مشاريع عقارية استثمارية طويلة المدى تهدف فقط إلى الربح. طالب معلمو المدارس الخاصة بتدخل الجهات المختصة وخصوصاً وزارة التربية والتعليم لفرض نفوذها على المدارس الخاصة، وإقناعها برفع رواتبهم المتبلورة معظمها حول 2000 درهم أو أكثر بنسبة قليلة، مؤكدين أنه في حال عدم وضع رواتبهم على رأس الأولويات، وقوانين إجبارية تخضع وتلزم المدارس الخاصة بتحديد رواتب تتناسب مع الخبرات والكفاءات المهنية الموجودة، سيزيد من إصرار أصحاب المدارس الخاصة على الظلم، منوهين إلى أن معظم أصحاب المدارس الخاصة يعاملون المعلمين كالعمال، وأصبح للمعلم كيان لا يليق به، نتج عنه انتقال النظرة إلى الطلاب، والذين استغلوا هذا الموقف وأصبح بعضهم يتعامل مع المعلم بأسلوب وطريقة تقلل من شأنه واحترامه. جهود عالية وخلال جولة قامت بها الخليج في بعض المدارس الخاصة في الإمارات، أكدت لانا رزق مدرسة في إحدى المدارس الخاصة أن المعلم مطالب بتقديم جهود عالية المستوى سواء كانت جهوداً فكرية أو عقلية أو جسدية لأنه يتعامل مع شريحة كبيرة من الطلاب في بيئة تضع فيها الدولة أولوياتها على التعليم والابتكار فهل يعقل ألا تتجاوز رواتب بعض المعلمين في المدارس الخاصة 2200 درهم؟ وأشارت إلى أن النفسية العامة تؤثر جداً في مستوى المعلم لأداء وظيفته على أكمل وجه، فعلى سبيل المثال إذا كان راتب أي شخص 2000 درهم، ويواجه ضغوطاً مادية وديوناً فوق رأسه، فكيف له بممارسة العمل بشكل إيجابي وأداء وظيفته بأكمل وجه؟ وأين مراقبة الجهات المختصة على تلك الأمور أو إيجاد عدد من المقترحات التي تدعم المعلم في المدارس الخاصة؟. مهارات المعلم وأكد محمد طه معلم رياضيات في إحدى المدارس الخاصة ضرورة خضع إدارات المدارس الخاصة بوضع حد أدنى من الرواتب للمعلمين والتي لا تقل عن 5000، ووضع نموذج للزيادة السنوية، والأخذ في الاعتبار مهارات المعلم سواء التعليمية (الشهدات التي حصل عليها) والابتكارات (الأساليب الذي خاضها في المدرسة وشكلت نموذجاً يتطور مع الطلاب). وعلق محمد طه قائلاً: أصبح المعلم في بعض المدارس الخاصة عبارة عن آلة إلكترونية من كثرة الحصص، حيث تزداد الأعباء المدرسية، وليس له الحق في النقاش مع الإدارة، فيجب عليه تنفيذ الأوامر مثله مثل العامل. دروس خصوصية ومن ناحية أخرى التقت الخليج بالمعلمة نضال جلال إحدى المعلمات التي عانت كيد وجشع المدارس الخاصة، مشيرة إلى أن بعض المدارس الخاصة تسعى دائماً إلى الظلم بحق المعلمين، ما يسبب الأثر البالغ في عجلة التعليم، والتي نتج عنها لجوء المعلمين لإعطاء دروس خصوصية لسد احتياجاتهم المادية لحياتهم المعيشية، مشيرة إلى أنه من شدة ظلم معظم أصحاب المدارس الخاصة أصبح بعض المعلمين يتكاسلون ويتباطؤون في إعطاء الطالب حقه في التدريس بالفصل، لكي يجذبه للدروس الخصوصية. التعليم والتجارة وقالت خولة أحمد معلمة في إحدى المدارس الخاصة: التعليم في معظم المدارس الخاصة يفتقر إلى الاتزان، فانتقلت معظمها من مرحلة التربية والتعليم إلى مرحلة التجارة، حيث أصبحت معظم إدارات المدارس الخاصة ومالكوها غايتهم السعي لهدف الربح فقط، مشيرة إلى أنه لا توجد برامج تدريبية خاصة بالمعلمين في تطوير طرق التعليم والتدريبات الحديثة، وأغلبية المدارس أصبحت تبحث عن المعلمين حديثي الخبرة ومعلمين ذوي خبرة ضعيفة يعيشون في رهبة إنهاء الخدمة إذا طالبوا بزيادة رواتبهم أو ببعض حقوقهم. أكدت شيماء أحمد معلمة في إحدى المدارس الخاصة في أبوظبي أن معظم المدارس الخاصة لا توفر الاستقرار للمعلم بل تقوم بإرهاقه فتدني رواتب المعلمين عبارة عن سلاح يتحكم به أصحاب المدارس. وأضافت ليس هناك مقارنة بين المدارس في القطاع العام والمدارس في القطاع الخاص ففي مدارس الحكومة تكون الأولية دائماً باحتضان المعلم وتوفير جميع سبل الراحة النفسية له لينعكس ذلك على الطالب، أما بعض المدارس الخاصة فتعكس ذلك الانطباع فتقوم بإهلاك المعلم وتعيشه في حاجز القلق ما يؤثر سلباً في الطالب. أعذار كاذبة ومن جانبها، قالت ربا البخاري مشرفة اجتماعية في إحدى المدارس الخاصة، إن الأعذار الكاذبة التي يصطنعها أصحاب المدارس، هي وهم وليس لها شيء من الحقيقة، ولكن كل ما ترتكز عليها هذه المدارس التي أصبحت كالشركات التجارية، العمل على ضغط الموظف وحصر الرواتب لكسب المزيد من الأرباح. وأضافت البخاري أنه من أهم الأسباب الرئيسية التي تجعل المعلم في المدارس الخاصة يبحث عن عمل، توفير لقمة العيش له ولعائلته، وسط ارتفاع الأسعار المتتالية على كافة مستلزمات الحياة، إضافة إلى الضغط الكبير الذي يتعرض له في عمله من خلال الزيادة الكبيرة في الحصص. خفض المصاريف وأكدت مساعدة وكيلة مدرسة خاصة، لم تصفح عن اسمها، أن الكارثة الرئيسية التي تواجهها بعض المدارس الخاصة هي مطالبة أصحابها إدارة المدرسة بخفض المصاريف الهيكلية والتشغيلية لطاقم المعلمين وبعض من مناصب الإدارات بهدف زيادة الربح العام من الخدمات التعليمية للطلبة. وقال أحد المديرين في المدارس الخاصة: قيمة المعلم في وقتنا الحالي كبيرة جداً وخصوصاً في الوقت الذي نلاحظه الآن من نقص كبير في المعلمين أصحاب الكفاءات، والذي تعانيه المدارس الخاصة. ولفت إلى أنه على الجهات المختصة إجبار المدارس الخاصة على تحقيق المساواة بين المعلمين والسعي في إنشاء بيئة تعليمية حقيقية للطلاب، وذلك لا يكون إلا بوجود معلمين مستقرين. القلق والاكتئاب ومن جانب التأثير النفسي والاجتماعي قالت الدكتورة فاطمة حجير المختصة في علم النفس والاجتماع إن نتيجة الإرهاق الشديد والتفكير بالمادة الأموال والديون التي يعانيها بعض معلمي المدارس الخاصة قنبلة مدمرة، حيث يتدرج تأثيرها من القلق إلى الاكتئاب من ثم أعراض مرضية جسدية سواء كانت على القلب أو التوتر الدائم. وأضافت أن نسبة هذه الأعراض تظهر على الرجال أكثر من النساء بسبب ما يحملونه من مسؤولية حياتية أكبر، تدخلهم في دوامة الخوف من المستقبل حيث يسبب هذا الخوف إجهادات إضافية لا يتحملها القلب. وأضافت: إن عدم قناعة المعلم بهذه المبالغ القليلة تزيد من نسبة الارتباك الشخصي بسبب النمط الحديث للحياة المملوء باللهو والترف، حيث إن فقدان الأمل هو أكبر مدمر للمعلم. رسالة سامية وقالت عائشة سيف أمين عام مجلس الشارقة للتعليم، إن المدارس الخاصة يجب عليها تطبيق اللائحة المتعلقة برواتب المعلمين ورفع رواتبهم للمبلغ المعقول، وتفعيل التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، مشيرة إلى أن رواتب المعلمين في بعض المدارس الخاصة قليلة جداً حيث تتراوح في بعض الأحيان بين 2000 درهم و4000 درهم. وأضافت: إن المعلم هو عنصر أساسي في زرع البيئة التعليمية الصحيحة للطلاب وللمدرسة بشكل عام ليحقق ذلك النمو المتكامل للمدرسة وينفذ أعماله على أكمل وجه، ويجب على المدرسة إعطاؤه مستحقاته الفعلية، وتلبية جميع احتياجاته من برامج تعليمية وتطويرية، فالمعلم هو من يحمل الرسالة السامية ويجب على بعض المدارس في القطاع الخاص أن تعيد النظر في هيكلة رواتب المعلمين. وأكدت هيئة المعرفة والتنمية البشرية أهمية دور المعلم في بناء المؤسسة التعليمية القادرة على إنشاء جيل متفتح وقادر على مواكبة عصرنا السريع باعتبار قطاع التعليم يمثل المحرك الحقيقي لتنمية المجتمعات الإنسانية. ويعتمد بعض مالكي المدارس الخاصة على طرق عديدة للحصول على المال من أولياء الأمور بشكل سنوي، وبعضهم يستنزفون المعلم لدرجة أنهم لا يأخذون حقوقهم كأنهم معلمون بل كأنهم عاملون مستضعفون في إحدى الشركات، فإذا قامت الجهات المختصة بالتعليم في الدولة، بضبط إطار رواتب المعلمين في المدارس الخاصة، ووضع رواتب كحد أدنى لا تقل عن 5000 آلاف درهم، نجد نتيجة حتمية لاختلاف مستوى التعليم في بعض المدارس الخاصة التي تعاني افتقاراً للمعلمين أو لتعليم لا يملك جودته العالية بسبب المعلمين ذوي الأجور المتدنية، وعلى هذا النحو ستبتكر الوسائل التعليمية الخاصة غير محققة للاكتفاء الذاتي للمعلم تطوراً ملحوظاً، هذا ما أكده الأستاذ ووليّ الأمر سفيان حسين، وأشار إلى أن من الضروري حماية المعلم من بطش بعض المدارس الخاصة، التي لا تزيد على أن تكون مشروعاً استثمارياً الغرض منه الربح، وهذه حقيقة يعلمها الجميع. وقال: ليس من الضروري على المدارس الخاصة إنهاء خدمات المعلمين عند أخذهم إجازات صيفية من أجل رفع مستوى الربح، فالأستاذ يقوم بالاجتهاد طوال العام في إثبات ذاته في المدرسة، فليس عدلاً أن يكافئ بإنهاء خدماته، وهذا السلوك في بعض المدارس الخاصة مع المعلمين سنوياً، يؤدي إلى أزمة في بداية العام الجديد لما تواجهه تلك المدارس من نقص في المعلمين، الأمر الذي يدفعها إلى تعيين معلمين خرجين جدد أو لا يتمتعون بالكفاءة والخبرة. وأضاف: وكما تقول المقولة من حكماء العرب إن المعلم والطبيب كلاهما لا ينفعان إن لم يكرما، فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه، واصبر لجهلك إن أهنت معلمًا، فلذلك يعد المعلم صاحب رسالة سامية وعنصراً أساسياً في تقويم الأجيال وبنائها وقيمة مضافة يجب إدراكها، سواء كان يعمل في مدارس حكومية أو خاصة.

مشاركة :