في ملعب مغلق على ضفاف نهر دجلة وسط العاصمة العراقية بغداد، يتجمع ثلة من الشباب الذين أصيبوا بحالات بتر للأطراف العليا او السفلى من أجسامهم للمشاركة في وحدات تدريبية بلعبة كرة القدم بعد أن أسسوا بجهودهم الذاتية وإصرارهم فريقا لهذه اللعبة التي عشقوها منذ طفولتهم متحدين حالات العوق التي يعانون منها ليحققوا طموحاتهم وأحلامهم بمستقبل أفضل. وهذا الفريق الفتي الذي تأسس قبل نحو خمسة أشهر يضم في صفوفه مجموعة من اللاعبين من بغداد ومدن العراق الأخرى يجمعهم حبهم لكرة القدم ورغبتهم بتحقيق بطولات محلية ودولية. وأعضاء الفريق شباب تتراوح أعمارهم بين 20 و 30 عاما، أصيبوا بحالات بتر للأطراف العليا أو السفلى من أجسامهم يجمعهم عشقهم لكرة القدم التي لعبوها قبل أن يصابوا وكان حلمهم بأن يتمكنوا من ممارسة لعبتهم المفضلة من جديد فكان تأسيس هذا الفريق بارقة أمل لهم. وبحسب الدكتور محمد عدنان أبراهيم مؤسس الفريق والمشرف عليه، فإن فكرة تأسيس فريق كرة قدم لمبتوري الأطراف، قد انبثقت لديه خلال دراسته في بريطانيا وكان حلمه بأن يحقق هذه الفكرة على أرض الواقع. وقال إبراهيم الذي بترت إحدى ساقيه بانفجار عبوة ناسفة في بغداد، خلال حضوره وحدة تدريبية للفريق، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن فكرة تشكيل الفريق جاءت خلال دارستي في بريطانيا، حيث عرفت هناك أن كرة القدم لمبتوري الأطراف لها فرق وأندية ومنتخبات وتنظم لها بطولات محلية وقارية وعالمية. وأضاف تفاجئت أنه في العراق ليس لدينا هذه الرياضة، رغم أن لدينا الكثير من الشباب الذين يحبون هذه اللعبة وحتى أنه ليس هناك فريق يمارس هذه اللعبة. وتابع أبراهيم كانت أمنيتي أن يكون في العراق فريق كرة قدم لمبتوري الأطراف، ولكن كانت المشكلة كيف أجمع اللاعبين لهذا الفريق، وخطرت لي فكرة بأن أنشر إعلانا من خلال مركز لصناعة الأطراف أدعو من خلاله من يرغب بالانضمام إلى الفريق، واتصل بي عشرات الأشخاص الذين أبدوا رغبتهم باللعب في هذا الفريق. واسترسل، شكلنا الفريق وبدأنا التدريب بعد استئجار ملعب وهنا واجهتنا العديد من الصعوبات منها، أن أرضية الملعب صلبة واللاعبين يرتكزون على مساند اصطناعية وأن سقوط أي منهم على هذه الأرضية يسبب له أصابات كبيرة، كما أن تنقلهم داخل بغداد ومجيئ أخرين من بعض المحافظات هو صعوبة أخرى بسبب حالة الإعاقة التي يعانون منها وكثرة الازدحامات في الشوارع فضلا عن التجهيزات الرياضية الخاصة التي يحتاجون اليها. ولفت أبراهيم إلى أن لعبة كرة القدم لمبتوري الأطراف الأن أمام مرحلة جديدة بعد أن أصبح لدينا فرق في عدد من المحافظات ومنها البصرة والموصل والنجف، كما بدأنا إجراءات إنشاء اتحاد خاص باللعبة وتواصلنا مع وزارة الشباب والرياضة والاتحاد العراقي لكرة القدم بهذا الخصوص. وختم بالقول "رغم كل ما نواجهه من صعوبات نتمنى أن يكون لدينا فريق قوي ينافس أقوى فرق العالم" والإصرار والتحدي وحب اللعبة والالتزام بالوحدات التدريبية كان عنوان نجاح فريق مبتوري الأطراف وسر تغلبهم على الكثير من الصعوبات التي واجهتهم. وأوضح علي جبار حسين، مدرب فريق العراق لكرة القدم لمبتوري الأطراف، لـ ((شينخوا)) أن الفريق تشكل قبل نحو خمسة أشهر، وبذلنا كل جهدنا نحن واللاعبين في سبيل أن ينجح الفريق الذي حقق نسبة تطور تصل إلى نحو 80 بالمائة مقارنة مع الأيام الأولى لبدء التدريب. وأضاف أن تدريب المعاقين يختلف بشكل جذري عن تدريب الفريق العادي أو الأصحاء، ولكن هناك انسجام بين المدرب والفريق وهذا سهل المهمة بعض الشيء. وبين حسين أن بعض اللاعبين كانوا يعانون من نقل الكرة فيما بينهم ومن خلال التمرين المتواصل والتزام اللاعبين بتعليمات المدرب والوحدات التدريبية وإصرارهم على النجاح ذللنا الكثير من العقبات، مبينا أن الكثير من أعضاء الفريق هم لاعبون أصلا ولكن بعد أن تعرضوا للإصابة بدأوا يلاقون صعوبات، ومع استمرار التدريب عادوا إلى وضعهم الطبيعي. "أملنا بأن يكون القادم أفضل" بهذه العبارة لخص علي محمد، حارس مرمى فريق كرة القدم لمبتوري الأطراف ومسؤول تدريب حراس المرمى في الفريق، حالة التحدي والإصرار التي يعيشها لاعبو الفريق، وأملهم في أن يحققوا أفضل النتائج في قادم الأيام. ومحمد الذي بترت ذراعه اليسرى بانفجار سيارة مفخخة في بغداد، كان يلعب كرة القدم قبل أن يصاب ويترك اللعب مع زملائه، ولكن شغفه بهذه اللعبة بقي كما هو حتى رأى أعلانا على إحدى صفحات (فيسبوك) ومن خلاله تواصل مع الدكتور محمد عدنان مؤسس الفريق وأنضم اليه. وأضاف "اتولى حاليا مهمة حراسة مرمى الفريق وتدريب الحراس لعدم وجود مدرب لهم خلال الفترة الحالية"، مبينا أن الفريق الذي يجرى تهيئته للمشاركة في البطولات الخارجية ما زال يفتقر إلى الدعم الحكومي ويعتمد بشكل أساسي على مساهمات اللاعبين و دعم بعض منظمات المجتمع المدني. وتابع محمد" طموحنا بأن نقدم الأفضل في البطولات القادمة، و لكن نحتاج إلى دعم حكومي من وزارة الشباب والرياضة، وأن يكون لنا اتحاد ينظم شؤون اللعبة". واعتبر اللاعب كريم حسن زوير، وهو جريح حرب أصيب بانفجار عبوة ناسفة في مدينة الموصل (400 كم) شمال بغداد، أن تشكيل فريق كرة قدم لمبتوري الأطراف كان طوق نجاة بالنسبة له، لأن وضعه النفسي تدهور كثيرا بعد أن بترت ساقه وأصبح طريح الفراش. وقال لـ (شينخوا) "أصبح وضعي النفسي سيء جدا بعد أن تعرضت للإصابة وبترت ساقي بانفجار عبوة ناسفة خلال عملي جندي في الجيش العراقي بمدينة الموصل". وأضاف، أن انتمائي إلى فريق كرة القدم واختلاطي باللاعبين وقضاء وقت جميل معهم أسهم كثيرا بتحسن وضعي النفسي وأشعر حاليا بتحسن كبير، لافتا إلى أنه انتمى إلى الفريق لأن لديه طموح برفع مستواه وتقديم الأحسن وتحقيق حلمه بمستقبل أفضل له ولفريقه، معتبرا أن المثابرة والإصرار أساس النجاح.
مشاركة :