إسرائيل ..«ماركة» لدولة سيئة السمعة

  • 11/15/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لكل شيء أو كائن في هذا العالم علامة فارقة تسمى في عالم التجارة والصناعة ماركة. اليوم ومع تداخل ما هو مادي ملموس مع ما هو أخلاقي في التطور العام للمجتمعات، تتعولم المجتمعات، أفرادا ومؤسسات ومنشآت وشركات وموارد و..دولا. وبما أن العامل المسيطر في مسيرة التعولم هو النظام الرأسمالي القائم على المنافسة «الحرة» ومعيارها النجاح القائم على الربح، تتسع مساحة الماركة- التسويق- لتشمل بشكل متزايد الدولة كشخصية اعتبارية وكلاعبة في السوق العالمي تجذب أو تنفر المتعاملين فيه بناءً على مكانة وسمعة ماركتها كبلد وشعب ودولة. وبالرغم من معايير العولمة وسطوتها على الدول، إلا أن لكل دولة، حسب درجة تطورها ومواردها وموقعها الجغرافي ونظامها السياسي والاجتماعي والاقتصادي- ماركتها التي لا يستطيع التسويق ولا لمعان الماركة إخفاء ما وراءها. في هذا السياق يلعب النظام السياسي القائم على العدل، وإن بنسب متفاوتة، دوراً فارقاً في منافسات وخصومات الدول وبخاصة تلك الدول التي لم تحسم خيارها بعد حول ضرورة الانخراط في معايير السباق الكوني نحو المستقبل. ولأن لكل قاعدة استثناء، يحدث أن تكون دولة كإسرائيل تملك كل مقومات الدولة الحديثة، عاجزة عن أن تكون ماركتها مقبولة بالرغم من مكانتها القوية في أوساط القوى النافذة في العالم. ما هي عيوب ماركة إسرائيل الدولة المتقدمة صناعيا وعسكرياً و «ديمقراطيا»؟ ذلك لأن هذه الدولة وبالرغم من آلتها الإعلامية الجهنمية التي تلت احتلالها للأراضي الفلسطينية منذ أكثر من ستين عاما لم تفعل سوى القتل والتشريد للفلسطينيين ونهب المزيد من أراضيهم متحدية بذلك مشاعر الأكثرية الساحقة من شعوب العالم بما في ذلك جزء لا يستهان به من شبابها الذين بدأوا يضيقون ذرعا بسياسة حكوماتهم المتعاقبة القائمة على الاستخفاف بعقل كل من يجرؤ على ربط مشاكل المجتمع الإسرائيلي بالاحتلال أو بقمع الفلسطينيين. وبدلاً من العودة للحوار العقلاني للوصول إلى حل سلمي، يمعن اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو في عسكرة المجتمع الإسرائيلي ويلجأ «للهلوسة» لتسعير مشاعر الكره ضد الفلسطينيين والعرب ومسؤوليتهم عن المحرقة. اليوم يقر العديد من المفكرين والمؤرخين والكتاب اليهود وعلى صفحات الإعلام الغربي والإسرائيلي بأن «ماركة إسرائيل صعبة البيع». ومع استمرار العنجهية المرضية لحكومة بنيامين نتنياهو في استفزاز مشاعر الفلسطينيين والتعدي بشكل صارخ على مقدساتهم وتصعيد سياسة حرمانهم من أي وسائل سلمية للدفاع عن هذه المقدسات فضلاً عما تقوم به قوات الأمن الإسرائيلي من قتل وتعامل وحشي مع المحتجين، لم يجد الفلسطينيون وبمبادرة تلقائية من الشباب سوى القيام بهبة جديدة تواجه طلقات الرصاص الحي للشرطة الإسرائيلية بما هو متوفر للدفاع. هكذا نقلت وسائل الإعلام مناظر بشعة لجنود الاحتلال وهم يطلقون النار يومياً على كل شاب بناءً على الشبهة. ووسط هذه الأجواء، تقدم دول الاتحاد الأوروبي على قرار وضع بطاقات تعريف على البضائع المنتجة في المستعمرات في الأسواق الأوروبية. هذا القرار الذي وإن كان رمزياً في جانبه الاقتصادي، إلا أن بنيامين نتنياهو جن جنونه وصب جام غضبه على الأوروبيين «لم يخجلوا» من القيام بهذا العمل. قبل ذلك، في شهر أغسطس الماضي وبفضل اللوبي الصهيوني نظمت بلدية باريس ملتقى «تل أبيب على ضفاف السين» كمحاولة تسويقية باستخدام تل أبيب بدلاً من إسرائيل للتعويض عن احتفالية فاشلة في العام 2012 بعنوان «الليلة البيضاء» قاطعها وقتها العديد من الفنانين ودور العرض. أما الملتقى الأخير فقد تجاوز فشله الملتقى الأول. تقول مجلة كوريير انترناسيونال معلقة على الموضوع (يبدو أن رون هوليدي رئيس بلدية تل أبيب، وأمام تصرفات قواته الأمنية الفظة وموظفيه، قرر إدارة شؤون مدينته كما لو كان الأمر يخص قاعدة عسكرية أو فرعا من فروع حكومته اليمينية ومعاملة مواطنيه - في مجال الفن والأدب- كما يعامل الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين العزل. كثيرون من الوسط الفني نقلوا أفكارهم إلى هوليدي حول سياسته القاصرة حول الفن والأدب). ما تفعله العقلية العسكرية اليمينية من جهود وأموال لاستقطاب الفنانين والأدباء نابع من فهمها لخطورة القلم والريشة على المدفع والحقد، ما جرى في ملتقى تل أبيب على ضفاف السين لم يخرج عن مفاهيم الفن لدى كل الحكومات اليمينية المتعاقبة. ألم تكن هيلا اورين في حفل افتتاح «جلوبل سيتي- تل أبيب» في عام 2012 هي من طرح مفهوم الفن القائم على الفن «محرك اقتصادي» يحتاج للتسويق ويمكن من غزو السوق العالمي ويمكن أن يكون إداة لإحتواء الأزمة؟

مشاركة :