القرآن الكريم كتاب الله تعالى الذي ختم الله به الكتب ونزل على خاتم الأنبياء والرسل، نزل به الروح الأمين جبريل - عليه السلام - على قلب نبينا محمد سيد المرسلين (عليه الصلاة والسلام) فخرت لبلاغته فصحاء العرب صاغرين. وقد تحدى الله تعالى العرب المعاصرين لنزول القرآن الكريم بأن يأتوا بمثله، ثم تحداهم بأن يأتوا بعشر سور منه، كما تحداهم بأن يأتوا بسورة واحدة منه، ومع بلوغ العرب الغاية في الفصاحة والبلاغة والبيان لم يستطيعوا أن يأتوا بشيء مما تحداهم به الله تعالى، وذلك لما تميز به القرآن الكريم من وجوه الإعجاز من حيث: الجمع بين الجزالة والسلاسة، والقوة والعذوبة، والمعاني اللطيفة والفوائد الغزيرة، مع بديع نظمه وعظيم نسجه، وشرف معانيه وسمو مراميه، وصدق حجته وعلو تصويره وسهولة تناوله وتناسق آياته وسوره، مع وفائه بحاجة البشر في كل عصر ومصر، وإخباره بالأمور الغيبية التي وقعت فيما بعد، وما تضمنه من قصص الأولين وأخبار الماضين. وهذا التحدي بالقرآن لا يختص بزمن النبي (صلى الله عليه وسلم) ولكنه باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فليس لإنسان كائن من كان أن يأتي بسورة من القرآن مهما علا في البلاغة كعبه ومهما ارتفع في البيان شأنه. يقول الله تعالى: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين، فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار) الآيتان 23- 24 من سورة البقرة: والشاهد في قوله تعالى في الآية الثانية من هاتين الآيتين (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) حيث تحدت الجملة الكريمة الأولى (فإن لم تفعلوا) المعاصرين للقرآن بينما تحدت الجملة الكريمة الثانية (ولن تفعلوا) الناس جميعا إلى قيام الساعة حيث اشتملت على أداة النفي (لن) التي تفيد نفى المستقبل، وحكمت كلتا الجملتين على الفريقين معا بالفشل في الإتيان بمثل سورة من القرآن. وخير شاهد على ذلك أنه امتدت الأجيال وتوالت العصور والقرآن يتردد صداه في مشارق الأرض ومغاربها: أربعة عشر قرنا من الزمان ولم نر أو نسمع من وقف متحديا القرآن الكريم أو ادعى قدرته على الإتيان بمثل هذا القرآن. وعلى ذلك فما زال التحدي للناس جميعا في كل عصر ومصر بالإتيان بسورة من مثل القرآن باقيا إلى قيام الساعة!!!. الشيخ عثمان إبراهيم عامر
مشاركة :