توقيع عقد إيجار بيت الزوجية هو أول مشكلة واجهت أيمن الخطيب ابن السادسة عشرة عاماً خلال ترتيبات إتمام زواجه. ويكشف أنه فوجئ عندما أبلغه محامي صاحب الشقة التي وقع اختياره عليها بأنه لا يمكنه الاستئجار وهو في هذه السن الصغيرة، مقترحاً عليه أن يحضر والده لتوقيع العقد بدلاً منه. لكن أيمن الذي تبدو والدته في عجله من أمرها لعقد قرانه، فقد والده بحادث سير قبل أن يبصر النور. وبالتالي، عليه أن يستعين بوالدته أو أحد جيرانه لتوقيع العقد نيابة عنه، وذلك على رغم التبعات النفسية والاجتماعية التي يمكن أن يتسبب بها ذلك، فهو لا يملك بيته، وبالتالي لا يملك قراره، على حدّ تعبيره. وتنص الفقرة الأولى من المادة 43 من القانون المدني الأردني رقم 43 الصادر عام 1976 على أن «كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية»، فيما تنص الفقرة الثانية من المادة ذاتها على أن «سن الرشد هي ثماني عشرة سنة شمسية كاملة.» وتنص المادة 46 على أن «يخضع فاقدو الأهلية وناقصوها وفق الأحوال في أحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة للشروط ووفقاً للقواعد المقررة في القانون». ولم تقتصر المشاكل التي واجهت أيمن على عقد إيجار، بل زادت قسوة عندما لم يستطع تسجيل طفله في دائرة الأحوال المدنية واستخراج شهادة ولاده له. ويقول: «هذا الموقف كان الأشد إيلاماً عليَ، فبعد أن أصبحت أباً، يرفض القانون أن يمنحني هذا الشعور عملياً بعد أن طلب مني موظف دائرة الأحوال المدنية أن أُحضر راشداً من أحد أقاربي ليسجّل المولود الجديد لي ويستخرج له شهادة أحوال مدنية». فيما يسرد أشرف الطويل الذي تزوّج في سن 17 عاماً معاناته مع طفله الذي ولد في الشهر السادس من الحمل وكان في حاجة إلى البقاء في غرفة الخداج مدة شهرين كحد أدنى بكلفة مالية تتجاوز 5 آلاف دينار. ويشير الطويل، الذي كان يعمل في إحدى شركات التنظيف، إلى أنه تقدّم بطلب قرض من أحد المصارف بضمان راتبه في الشركة، وكان عمره وقتذاك دون الـ 18 بشهرين، فرفض طلبه. ولولا تبرّع أحد أقربائه بالمبلغ لما استطاع توفير الرعاية الطبية لولده. ويكشف التقرير الإحصائي لعام 2012 الصادر عن دائرة قاضي القضاة في الأردن، أن العدد الإجمالي لحالات الزواج المسجلة لدى المحاكم الشرعية بلغ 70400 حالة بينها 267 حالة عمر الزوج أقل من 18 سنة، و8859 حالة عمر الزوجة أقل من 18 سنة. وتظهر الإحصاءات أن النسبة الأكبر لهذه الحالات موزّعة على محافظات عمّان (88 حالة) وإربد (48) وجرش (38)، في حين خلت محافظة الطفيلة من أي حالة. وتنص الفقرة الأولى من المادة 10 من قانون الأحوال الشخصية (رقم 36 لعام 2010) على أنه «يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين وأن يتم كل منهما 18 سنة شمسية من عمره». وورد في الفقرة الثانية من هذه المادة، أنه «(...) يجوز للقاضي وبموافقة قاضي القضاة أن يأذن في حالات خاصة بزواج من أكمل الـ15 سنة شمسية من عمره وفقاً لتعليمات يصدرها لهذه الغاية، إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة ويكتسب من تزوج وفق ذلك أهلية كاملة في كل ما له علاقة بالزواج والفرقة وآثارهما». وتلفت جمعية معهد تضامن النساء الأردني «تضامن» إلى أن تلك الأسر التي يقل فيها عمر الزوجين عن 18 سنة تتمتع بالأهلية الكاملة بما يتعلق بالزواج والفرقة وآثارهما، في حين لا تتمتع بالأهلية لمباشرة الحقوق المدنية كالانتخاب وفتح الحسابات المصرفية والاقتراض والتملك، أو الحصول على رخصة قيادة أو دفتر عائلة أو تسجيل حالات الولادة أو الحصول على جواز سفر أو تسجيل الشركات أو مزاولة المهن الحرة أو إقامة الدعاوى المدنية. كما لا تستطيع تلك الأسر استئجار منزل الزوجية أو ترتيب التزامات مالية، إلا بوجود ولي أمر أحد الزوجين أو كلاهما. ولا يمكن للزوجين التقدّم للوظائف العامة أو العمل في القطاع الخاص بطريقة قانونية. وتؤكد «تضامن» أنه حتى وإن كان عدد تلك الأسر قليلاً نسبياً، وسيتمتع أفرادها بالأهلية المدنية الكاملة بعد ثلاث سنوات على أبعد تقدير مع بلوغ الزوجين سن الـ 18. ويشكل تدخّل أولياء الأمور في أغلب تفاصيل حياة أفرادها سبباً إضافياً ورئيساً للتفكك والمشكلات الأسرية، ما يهدد كيانها ويؤدي إلى انهيارها.
مشاركة :