لن تجد شركة قبل عشر سنوات أصبحت بنفس الأداء أو النتيجة، بل تتغير بتغير السنوات، سواء بتوسع او تراجع، بربح او خسارة، بنمو او ضعف، وهكذا وهذه سنة الحياة، والأسواق المالية تتغير سنة بعد سنة، فما كان من شركات العام المنصرم تغيرت هذه السنة، بزيادة عددها أو تغير مراكزها المالية، ولكن الأغرب أن "المتداولين" وفي غالبهم لم يتغير، يظل يقوده سلوك ثابت، فكثير منهم "يصر على المضاربة" وهو لا يجيد المضاربة، يصر على سؤال يردده صباح مساء كم سيصل المؤشر آخر العام أو إلى أين سيتجه، والبعض قرر من سنوات أن السوق "فلس" بمعنى خسائر ولا يجدي معه استثمار، رغم أنه يوميا تداولات بخمسة وستة مليارات ريال فمن هم هؤلاء؟ والبعض يصر السوق ليس ثقة، وانه مجموعة "حرامية" أو "متلاعبين" وهكذا شكوك وريبة لا تنتهي، وحين تسأله سؤالا واحدا فقط وحدث لي أن فعلت، هل تعرف بأصول التحليل الفني بأبسط معرفاتها كالمتوسطات 10 و50 و100 و150 و200 يوم وانواعها واهميتها؟ الجواب لايعرف شيئا للمضارب ناهيك ان تسأله عن حركة مؤشر أو سهم لعشر وعشرين دقيقة وهكذا، اما كمستثمر تسأله سؤال تحليل لمؤشر مالي واحد وهو "كيف تستخرج العائد على السهم أو القيمة الدفترية. فإن الإجابة لن تجدها. متعامل السوق غالبا "من ينتقده بقسوة او يرفضه" هو في الحقيقة لا يعرف السوق من الأساس كتعامل معه، فهو لا يعرف كمضاربة ولا كمستثمر، ولا يعني ان تحدد ماذا تكون أنك ستنجح، فهناك ضوابط كثيرة، فليس كل من يعرف فنيا كتحليل يعني ان قراراته صحيحة او ستنجح، والمستثمر ليس كل سهم يشترى ويحتفظ به يعني أنك مستثمر، فيكفي أن تشتري سهما استثماريا مميزا بسعر مرتفع جدا ليصبح قرارك خاطئا. التعامل مع السوق يحتاج علما ومعرفة وتوقيتا وخبرة وصبرا ومصداقية وأمانة، واهدافا وهدف بعضها يحتاج سنوات وبعضها لفترة زمنية، بعضها يحتاج تحليل السهم كل 6 اشهر او سنة، وبعضها يحتاج سنوات وسنوات لكي تحصل على عائد مجزٍ، التعامل مع السوق كالذي يتعامل مع الهواتف الذكية، إما تتجدد معها وتتابع وتكون حاضر الذهن، او تظل على طريقة كلاسيكية قديمة تعطيك عائدا اضعف وأقل. يجب ان نعرف أن الأسواق المالية "مصدر ثروة" فهل وجدت كبار رجال الأعمال بالعالم لا يملكون اسهما وحصصا مؤثرة؟ هل وجدتهم يوما تتغير كميات تملكهم كل يوم او كل شهر او كل سنة؟ مهما حصل؟ بل يندر ونادر تغيير كمياتهم، فالأزمات تكسبهم غالبا لا تخسرهم. الأسواق تحتاج "لخلطة" قرار لا قرار واحد ناجع لكل شيء، ويجب أن تكون لديك دراسة وقراءة وتحليل وعمل تؤديه فالثروات لا تهبط من السماء بدون عمل متقن ومثابرة وحرص وصبر واختيار دقيق، وتتجدد مع الأسواق، ومن لا يخسر لا يربح كقاعدة أساسية، ولكن الأهم خسارة تدعمك على ان تقذف بك خارج السوق، والمستثمر هو الرابح في النهاية مهما طال الزمن.