ضجة في العراق بعد إضافة مادة في القانون تستهدف الأقليات الدينية

  • 11/16/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي تعهد فيه رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري بحفظ حقوق الأقليات الدينية في العراق بسبب ما أثارته المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية الموحدة من إشكالات قانونية واجتماعية تهدد وجود من تبقى من أبناء هذه الأقليات، اعتبر ممثلو هذه الأقليات في البرلمان العراقي أن هذه المادة التي تجبر الأبناء القاصرين من أتباع هذه الديانات على تغيير دينهم إلى الإسلام دون إرادتهم لا يختلف عما يقوم به تنظيم داعش من أساليب تجبر الناس بالسيف على تغيير دياناتهم. وكان وفد من ممثلي هذه الأقليات (المسيحية والصابئية المندائية والإيزيدية) التقى أمس رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري بهدف إيجاد حل مرضٍ لهم. ونقل بيان لمكتب الجبوري عنه قوله إن «حقوق الأقليات الدينية وحمايتها في العراق واجب تشريعي يفرض على الجميع الشروع في وضع لوائح قانونية تستند إلى الدستور». ولفت الجبوري إلى سعيه «لتقريب وجهات النظر بين كل الأطراف السياسية، خاصة في ما يتعلق بقانون البطاقة الموحدة بما يضمن حقوق الجميع»، مشددا على «أهمية عدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو المذهب أو الطائفة». من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية خالد شواني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «رئاسة الجمهورية أكملت الصيغة المعدلة والتي ستتم إعادتها إلى البرلمان بالاتفاق بين رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم، الذي أبدى تعاطفه، ورئيس البرلمان بهدف إعادة التصويت على المادة 26 من قانون البطاقة الموحدة التي أثارت الأقليات الدينية في العراق». وأضاف أن «رئيس الجمهورية لا يحق له نقض القانون بعد تشريعه». في السياق ذاته، أكد السكرتير العام للحركة الآشورية الديمقراطية ورئيس كتلة الرافدين في البرلمان العراقي، يونادم كنا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المادة 26 من قانون البطاقة الموحدة تخرق نحو خمس مواد في الدستور العراقي وهي المواد 2 و14 و37 و41 و42 والتي تؤكد على حماية الحريات العامة من حيث العقيدة وحقوق الإنسان وفي مختلف الجوانب المتعلقة بالدين والمعتقد، الأمر الذي أدى إلى حصول مخاوف حقيقية من قبل أبناء الأقليات غير المسلمة في العراق لجهة التعسف في تغيير أديانها نحو الإسلام بشكل خارج عن إرادتها وهو ما جعلنا نتحرك باتجاه تغييرها على كل المستويات سواء كانت مرجعيات دينية شيعية وسنية أو رئاسة الجمهورية لكون رئيس الجمهورية هو حامي الدستور، وكذلك رئيس البرلمان»، مبينا أن اللقاء مع رئيس البرلمان «أسفر عن اتفاق يتمثل بصياغة قرار يؤدي إلى معالجة الخلل في تلك المادة محل الجدل والنقاش والتي تجيز في فقرتها الأولى لغير المسلمين في حال أبدل أحد الوالدين دينه نحو الإسلام أن يتحول الابن القاصر إلى الإسلام تلقائيا دون إرادته وهو منطق في غاية الغرابة ولا داعي له لأن البطاقة الموحدة هي بديل لقانون الأحوال الشخصية وبالتالي تعد صيغة جامعة لكل العراقيين على أساس المواطنة دون التدخل في عقائدهم». وأضاف كنا، أن «المطلوب من التشريعات أن تحقق مبدأ المساواة بين العراقيين لا أن تنتهك هذه المساواة التي هي في الواقع انتهاك لمبدأ المواطنة». وأوضح كنا أن «مشكلتنا هي مع الفقهاء الذين كانت فتاواهم بمثابة النار التي تأكل المزيد من الحطب بسبب الاختلافات الفقهية، بينما هناك رجال دين كبار شأن الإمام الخوئي الراحل لديهم رؤى منفتحة على هذا الصعيد»، مشيرا إلى أن «وضع هذه المادة في هذا الظرف الصعب الذي يعيشه العراق والذي يمثل بيئة طاردة للأقليات كأنما يراد بها القول للأقليات غير المسلمة إنه لم يعد لديكم وجود في هذا البلد». وردا على سؤال بشأن ما إذا كانوا قد تحركوا على المرجعيات الكبرى الشيعية والسنية لمعالجة هذا الأمر قال كنا: «نعم تحركنا على هذه المرجعيات ونحن بانتظار أجوبتها على ما طرحناه من أسئلة بهذا الشأن»، مؤكدا أن «هناك من هو إيجابي ومن هو سلبي». من جانبه، أكد عضو البرلمان السابق عن الصابئة المندائيين خالد الرومي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المادة 26 من قانون البطاقة الموحدة تخالف كل مواد الدستور العراقي التي تحمي الإنسان وحقوقه الفكرية والدينية والشخصية والعقائدية بشكل صارخ وغير مسؤول، بل أستطيع القول إنه إذا كان تنظيم داعش يجبر الناس بالسيف على تغيير دياناتهم فإن الفقهاء الذين صاغوا هذه المادة يجبرون الناس على تغيير معتقداتهم، لكن عبر القانون، وهذا أقسى من العنف الذي يمارسه (داعش) ويعترف العالم كله بجرائمه». وأضاف الرومي أن «إجبار أبناء غير المسلمين القاصرين على تغيير ديانتهم أمر يتناقض مع كل الشرائع والقيم كما يتناقض مع ما نعمل عليه من إقامة عراق ديمقراطي ووطن للجميع لا تفرض فيه القوانين فرضا. وبشأن ما إذا كان هناك موقف من الحكومة أو رئاسة الجمهورية بشأن هذه المادة، قال الرومي إن «كل ما تلقيناه حتى الآن وعود وليس فعلا». في المقابل، فإنه في الوقت الذي طالب فيه التيار المدني الديمقراطي بإلغاء هذه المادة فإن الأستاذ في الحوزة العلمية حيدر الغرابي أبلغ «الشرق الأوسط»، أن «العراق بلد غالبيته العظمى مسلمة، والدستور يقول إن الإسلام دين الدولة الرسمي، وهذه من عناصر الديمقراطية التي ينادي بها الغرب وأميركا»، نافيا وجود تعسف في إضافة هذه المادة قائلا إن «النص يقول إنه في حال أسلم أحد الوالدين من الديانات الأخرى ونطق بالشهادة فإنه في حال لديه أولاد كبار لا يجبرون على الإسلام، لكن في حال لديه أبناء أقل من 16 عاما فإن هؤلاء يعدون مسلمين تلقائيا وهو موقف يجمع عليه كل فقهاء الإسلام السنة والشيعة». لكن نائب السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي والقيادي البارز في التيار الديمقراطي رائد فهمي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحزب الشيوعي أصدر بيانا طالب فيه بإعادة النظر في هذه المادة الظالمة لحقوق الإنسان»، مشيرا إلى أن «الأصح هو إلغاء هذه المادة حتى يتم رفع الإحراج عن الجميع لأنها مخالفة لحقوق الإنسان، وإنها طريقة مثالية لإخراج ما تبقى من الأقليات من العراق معتبرا أن هذه القرارات والفتاوى التي تؤدي إلى خلخلة السلم الأهلي والمجتمعي في العراق».

مشاركة :