هجمات باريس: رعب ودم بارد

  • 11/16/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عندما وقع الهجوم الإرهابي على صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية في شهر يناير الماضي، أظهرت التعبئة الاستثنائية ووحدة صف الشعب الفرنسي في مسيرة 11 يناير، أن هذا الشعب وقادته لا ينقصهم التصميم ولا العزيمة لرفع هذا التحدي، وصد هذا الخطر الذي يتهدد فرنسا، بقدر ما يتهدد العالم أجمع. ووقفت يومها مختلف دول العالم المتحضر صفا واحدا مع باريس، وظل الرئيس فرانسوا هولاند، ووزيره الأول مانويل فالس، والمسؤولون الأمنيون، يؤكدون جميعا أن الخطر ما زال قائما، وأن السؤال ليس عما إن كان من المحتمل أن تقع هجمات أخرى، وإنما متى تقع؟ جاءت هذه الليلة الصاخبة من العنف والدم والرعب في باريس ومنطقة سان دينس، مساء الجمعة الماضي، لتعيد كل ذلك إلى الأذهان، ولتظهر حجم الخطر الذي يواجه البلاد، ويواجه الإنسانية جمعاء، بسبب تصميم جماعات العنف والإرهاب الظلامية على نشر الرعب والعنف واستهداف الأبرياء في كل مكان. وبالتالي دخلت فرنسا في حرب حقيقية ضد الإرهاب الجارف، الأعمى، والموغل في القتل. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها فرنسا لهجمات متزامنة بكل هذا العدد وهذه الدموية، وفي أماكن مكتظة من مطاعم ومسارح وقرب ملعب "ستاد دو فرانس" في وقت كان 80 ألف متفرج يتابعون فيه مباراة بين منتخبي فرنسا وألمانيا، بحضور الرئيس هولاند. هذه الهجمات الشنيعة تثير عددا من الأسئلة والضرورات، أولها أهمية تأمين البلاد بشكل كامل، وهي تستعد لاستقبال العشرات من قادة العالم في قمة باريس للمناخ، المقررة في آخر هذا الشهر، خاصة أن انتخابات جهوية ستتزامن مع ذلك الموعد أيضا. كما تثير هذه الهجمات سؤالا آخر حول فاعلية سياسة مكافحة الإرهاب، وضرورة دعم التدابير الكفيلة بمنع وقوع أي استهداف آخر لفرنسا التي لا يخفي الإرهابيون وضعها على قائمة استهدافهم وإرهابهم الأعمى. ويبقى، أخيرا، سؤال السياسة الخارجية الفرنسية، فمن المعروف أن جهود باريس الحازمة في مكافحة الإرهاب لا يرقى إليها الشك، ومثّل تدخلها في مالي جهدا حظي بكل تقدير وإشادة دولية، تماما مثلما أن شراكتها مع المجتمع الدولي في مواجهة داعش تعبّر هي أيضا عن مدى التزامها بمكافحة آفة الإرهاب القاتلة، وتخليص العالم من شرورها المستطيرة.

مشاركة :