يعكف رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبدالفتاح البرهان على تشكيل حكومة كفاءات مستقلة عقب استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، في حين تعهدت قوى الحرية والتغيير بالعمل على هزيمة ما وصفته بالانقلاب العسكري وإقامة الدولة المدنية، وذلك تزامنا مع دعوات جديدة إلى التظاهر الثلاثاء. وناقش البرهان خلال اجتماع مجلس السيادة مساء الاثنين بدائل لرئيس الوزراء المستقيل، وإمكانية تشكيل حكومة الكفاءات المستقلة في وقت وجيز، من خلال تشكيل لجنة ثلاثية للتواصل مع كافة القوى السياسية بالسودان. وفي خطاب ألقاه الاثنين أمام كبار ضباط القوات المسلحة، شدد البرهان على "ضرورة تشكيل حكومة كفاءات مستقلة ذات مهام محددة يتوافق عليها جميع السودانيين، في هذا الظرف التاريخي الذي تمر به البلاد". كما أشار إلى "ضرورة العمل على تحقيق مهام الفترة الانتقالية التي تتمثل في تحقيق السلام، وبسط الأمن، ومعالجة قضايا معاش الناس وقيام الانتخابات". وتعهد البرهان، الذي يتولى أيضا قيادة الجيش السوداني، بحماية الثورة وتحقيق أهدافها، مشيرا إلى أن "تحقيق هذه الأهداف يحتاج إلى تلاحم الشعب السوداني، إعلاء لمصالح الوطن والبعد عن المصالح الحزبية الضيقة". وقدّم البرهان لكبار الضباط شرحا بشأن تشكيل حكومة تصريف أعمال مستقلة، وتشكيل لجنة تنظر في تشكيلها، وتكون اللجنة برئاسة عضو مجلس السيادة الفريق أول ياسر العطا وعضوية عضو المجلس مالك عقار. والأحد أعلن حمدوك استقالته من منصبه على خلفية أزمة سياسية بالبلاد، قائلا "قررت تقديم استقالتي لأفسح المجال، وأرد الأمانة للشعب السوداني". وجاءت الاستقالة عقب ساعات قليلة على احتجاجات شهدتها الخرطوم، للمطالبة "بحكم مدني" سقط خلالها ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى بحسب لجنة "أطباء السودان غير الحكومية"، دون صدور إحصائية رسمية أو تعليق من السلطات بالخصوص. وقللت قوى الحرية والتغيير من تأثير استقالة رئيس الوزراء على الأوضاع السياسية، وجددت عزمها على هزيمة ما وصفته بالانقلاب العسكري، وإقامة الدولة المدنية. وأصدر الائتلاف مساء الاثنين بيانا اعتبر فيه أن استقالة حمدوك من رئاسة الوزراء "نهاية مباشرة للانقلاب"، وأن الاستقالة أيضا كتبت نهاية اتفاق الحادي والعشرين من نوفمبر الموقع بين حمدوك والبرهان، والذي رفضته قوى الحرية والتغيير من قبل. وورد في البيان "أكدت هذه الاستقالة أن إرادة الشعب غالبة ولا يمكن تجاوزها أو تجاهل أولوياتها". وقال المتحدث باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير "إن هذا الائتلاف يتعهد بالتصعيد الثوري حتى إسقاط الانقلاب". قوات الأمن تغلق طرقا وسط الخرطوم قبيل انطلاق مظاهراة جديدة قوات الأمن تغلق طرقا وسط الخرطوم قبيل انطلاق مظاهرات جديدة واعتبر حزب "الأمة القومي" السوداني الاثنين أن "طريق الخلاص الوحيد هو في استئناف شرعية الوثيقة الدستورية كاملة، والتحول المباشر إلى الحكم المدني واستئناف مسار التحول الديمقراطي". وقوى إعلان الحرية والتغيير والمكون العسكري هما طرفا الوثيقة الدستورية الموقّعة في أغسطس 2019، والمعدّلة في أكتوبر 2020، عقب توقيع اتفاق جوبا للسلام بين الخرطوم والجبهة الثورية (حركات مسلحة) لإدارة المشهد الانتقالي. وأكد حزب الأمة القومي أن "استقالة حمدوك دليل دامغ على فشل كل المناورات للاستيلاء على السلطة بالقوة"، موجها الشكر لرئيس الوزراء السابق. وشدد على رفضه أي محاولة لتمدد "الانقلاب"، عبر أي سيناريو جديد في مؤسسات الدولة المدنية. وتأتي هذه التطورات السياسية تزامنا مع دعوات جديدة إلى التظاهر ضد الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش، وبعد يومين على استقالة حمدوك. وانتشرت قوات الأمن السودانية صباح الثلاثاء في أنحاء الخرطوم والمدن المجاورة، وأغلقت الشوارع المؤدية إلى مقر قيادة الجيش في وسط العاصمة. والثلاثاء انتشرت دعوات إلى التظاهر والتوجه في مسيرة إلى القصر الرئاسي بوسط الخرطوم "حتى يتحقق النصر". ويكثف ناشطون سودانيون داعمون لحكم مدني ديمقراطي دعواتهم إلى الاحتجاج على انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، الذي نفذه البرهان حين أطاح بشركاء الحكم الانتقالي من المدنيين، وأوقف آنذاك حمدوك وغالبية وزراء حكومته. ويمر السودان بمرحلة انتقالية هشة باتّجاه حكم مدني كامل منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل 2019، بعد موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات التي قادها الشباب. ومنذ الانقلاب تقوم السلطات السودانية في الكثير من الأحيان بقطع خدمة الإنترنت وتعطيل الاتصالات لمحاولة منع التجمعات. ويثير مرسوم أصدره البرهان الشهر الماضي مخاوف من المزيد من العنف، إذ يمنح قوات الأمن كل الصلاحيات بموجب بنود "قانون الطوارئ" الموروث من عهد البشير، مثل "دخول أي مبنى وتفتيشه وتفتيش الأشخاص الموجودين فيه" و"القيام بعمليات مراقبة ومصادرة".
مشاركة :