تسارعت جهود الرياض في التحول إلى مركز عالمي للطاقة الشمسية وتقنياتها خلال الأعوام العشرة المقبلة مع اقتراب وزارة الطاقة من تصميم الإطار التنظيمي لإنتاج الطاقة الشمسية إلى سعات أكبر من اثنين ميغاواط. وتتصدر الطاقة الشمسية المشاريع المتجددة في أنحاء البلد لمواءمة رؤية 2030 التي يتبناها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وما يندرج تحتها من مبادرات في القطاع لتجسيد الجهود الرامية إلى توطين هذا القطاع الحيوي وتعزيز المحتوى المحلي وصناعة مكونات إنتاج الطاقة البديلة محليا. ومن شأن ذلك تأهيل البلد ليصبح مركزا عالميا للطاقة الشمسية وتقنياتها في المنطقة العربية، باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز الاستدامة وتقود الجهود إلى تبني أحدث الابتكارات لمواجهة آثار تغير المناخ والتخفيف من الاحتباس الحراري. وتملك السعودية المواد الخام وأشعة الشمس والأرض والإرادة، وهي مقومات تؤهلها لأن تكون منتجا مهما في إطار برنامج للطاقة المتجددة والذي يُعد من أهم المبادرات تحت مظلة رؤية 2030. ماجد الرفاعي: السعودية ستصبح في صدارة الدول المنتجة للطاقة النظيفة ومن المتوقع تطوير أكثر من 35 مشروعا للطاقة المتجددة في غضون ثمانية أعوام، ما يسهم في زيادة القدرة الإنتاجية من 9.5 غيغاواط إلى 27.3 غيغاواط في عام 2024 عبر برنامج أطلقته الرياض يهدف إلى الوصول إلى 58.7 غيغاواط من الطاقة المتجددة. وتشعل الخطوة السعودية المنافسة العربية المحمومة في هذا المجال بعد أن خطت دول مثل مصر والمغرب والإمارات خطوات مهمة في إنتاج الطاقة الشمسية. وتستهدف مصر مساهمة مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 42 في المئة من إجمالي القدرة الإجمالية للشبكة القومية للكهرباء بحلول 2035، من بينها 22 في المئة من الخلايا الشمسية. ولدى القاهرة مجمع بنبان للطاقة الشمسية الذي أفتتح قبل أيام ويعد الأضخم على مستوى العالم ويضم نحو 40 محطة دخل نصفها حيز التشغيل. أما المغرب فيمتلك مشروعا طموحا للطاقة الشمسية باسم “نور ميدلت” بقدرة إنتاجية تصل إلى ألفي ميغاواط ضمن القدرة الإجمالية للطاقات المتجددة والتي تبلغ 4 آلاف ميغاواط وتمثل 37 في المئة من قدرة الكهرباء في البلاد. وتعد الإمارات من الدول الرائدة في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، ولديها استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى زيادة حصتها النظيفة ضمن مزيج الطاقة إلى 50 في المئة، وتملك مشروعات طاقة شمسية عديدة. وقال ماجد الرفاعي الرئيس التنفيذي للقطاع التجاري في مجموعة تكنولوجيات الصحراء، وهي أول شركة سعودية تعمل في إنتاج الألواح الشمسية، إن “السماح للمواطنين ببناء محطات شمسية يزيد من المنافسة العربية لأنها إحدى أكبر أسواق المنطقة احتياجا إلى الطاقة الشمسية”. وأضاف لـ”العرب” أن القرار يرفع الطلب من المستهلكين الأفراد على إنشاء تلك المحطات لاسيما أن قطاع الإسكان يشكل أكثر من 50 في المئة من حجم السوق، فضلا عن المدن الجديدة مثل نيوم والقدية والبحر الأحمر. وأوضح الرفاعي أن تلك الخطوة ترفع معدلات الإنتاج بالسعودية مستقبلاً وتتصدر السباق العربي بسبب المساحة الجغرافية والسكانية التي تضعها في مصاف دول المنطقة لإنتاج الطاقة، وهي ضمن خطة برنامج الطاقة المتجددة في السعودية. وأكد أنه لا توجد عقبات أمام المواطنين، وما عليهم سوى مطابقة التشريعات المحدثة عن طريق هيئة تنظيم الكهرباء والماء، كما أنه لا توجد تكلفة ثابتة لإنشاء المحطات لأنها تختلف من منزل إلى آخر. Thumbnail وتضم السعودية أكثر من 8 آلاف مصنع تعمل على تلبية احتياجات الأسواق من الألواح الشمسية، وتقدم التسهيلات والمحفزات للقطاع الخاص لتساعد على زيادة الإنتاج والوفاء بالمتطلبات المحلية والتوجه نحو التصدير. ويعد البلد الخليجي من أكبر الأسواق العربية في إنتاج الألواح الشمسية بإنتاج نحو 60 غيغاواط للساعة، بينما المُستهلك لا يزيد عن 5 في المئة وهي نسبة آخذة في الازدياد. ويرمي برنامج السنوات الخمس الذي أطلقته الرياض إلى التركيز على مصادر الطاقة النظيفة وتوفير الآلاف من فرص العمل للمواطنين، وتلك مشروعات عملاقة تفتح أبوابا واسعة للشراكة مع القطاع الخاص الذي يسهم بدور فاعل في تطوير الطاقة المتجددة. وتركز السعودية على قيمة المحتوى المحلي لبناء كتلة صناعية متطورة في ظل القدرة على توطين ثلاثة مجالات على المدى القصير تتمثل في صناعة الألواح الشمسية، وتصنيع الخلايا، وتجميع المحولات والوحدات النمطية. وأشار خالد شربتلي، الشريك التنفيذي ورئيس الاستثمارات لمجموعة تكنولوجيات الصحراء، إلى أن السعودية من خلال خطط وأهداف رؤية 2030 ركزت على الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية لكونها فرصة واعدة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة. خالد شربتلي: زيادة توليد الطاقة الشمسية فرصة لتلبية الطلب المتزايد بالبلد وذكر لـ”العرب” أن خطة السعودية تستهدف استثمار 200 مليار دولار في القطاع بحلول 2030 وأن حجم الاستثمارات حاليا يبلغ 7 مليارات دولار، ويزداد هذا الرقم سنويا. وتم إطلاق “أطلس مصادر الطاقة المتجددة” وهو مشروع وطني لقياس مصادر الطاقة المتجددة على مستوى البلاد، ليتم استخدامه من قبل المهتمين مثل الجامعات ومراكز الأبحاث ومطوري المشاريع، لتساعد شركات القطاع الخاص على دراسة الخيارات المتاحة لها للمشاركة في البرنامج. وأوضح شربتلي لـ”العرب” أن مستقبل الطاقة المتجددة في البلد واعد، وهذا ليس جديدا على السعودية بأن تكون في مقدمة الدول الرائدة في مجال الطاقة، خاصة أن الطاقة الشمسية هي جزء من منظومة الطاقة عامة. وتمتلك السعودية مقومات الريادة في الطاقة من حيث القوة الاستهلاكية والشرائية، وتستطيع إنتاج الطاقة المتجددة وبناء قطاع مقاولات كامل يعزز بنيتها الأساسية ومن ثم تصديرها خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى دول عربية وأفريقية، وفي غضون سبعة أعوام ستصدرها إلى مختلف دول العالم. ولفت شربتلي إلى أن مجموعته دشنت قسما مخصصا لحلول تخزين الطاقة، بما في ذلك مولدات الطاقة الشمسية الكهروضوئية في حاويات صحارى، ما يوفر فرصا جديدة للاقتصادات القائمة وخلق وظائف دائمة لم تكن موجودة من قبل، ويدعم الاستيراد الدائم المهارات والتكنولوجيات الجديدة في المنطقة. كما تستهدف المجموعة إنتاج طاقة شمسية بقدرة ألف ميغاواط بحلول عام 2025، لتصبح المنتج الإقليمي الرائد للوحدات الشمسية. وتوقع شربتلي أن تنمو سوق الألواح الشمسية في السعودية بمعدل سنوي مركب قدره 30 في المئة في غضون عامين، وسيتم ذلك عبر استثمارات دولية، ونقل التكنولوجيا إلى الشركات المحلية والاستثمار في القطاع الخاص وخلق فرص العمل.
مشاركة :