أكد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الأربعاء أن التئام مجلس الوزراء أصبح ضروريا لإقرار الموازنة العامة لعام 2022، مشيرا إلى أنه سيدعو إلى عقد جلسة للمجلس خلال اليومين المقبلين بعد تسلمه الموازنة، وذلك لأول مرة منذ نحو ثلاثة أشهر، منهيا فيما يبدو مواجهة شلت عمل الحكومة وسط أزمة مالية. وقال ميقاتي بعد اجتماعه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا صباح الأربعاء، إنه أبلغ الرئيس عون بأن "الموازنة العامة لعام 2022 باتت جاهزة وسوف أتسلمها خلال اليومين المقبلين، وفور حصول هذا الأمر يصبح من الضروري التئام مجلس الوزراء لإقرارها". وأضاف "ندعو مجلس الوزراء إلى الانعقاد عند استلام الموازنة، للنظر بها كونها المسألة الأهم في الوقت الراهن، ومن ثم إرسالها إلى مجلس النواب". وتوقف مجلس الوزراء عن الاجتماع منذ الثاني عشر من أكتوبر الماضي، بسبب رفض وزراء حزب الله وحركة أمل الحضور قبل أن تتخذ الحكومة إجراء بتغيير المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار، وهو الأمر الذي يرفضه رئيسا الجمهورية والحكومة، ويؤكدان أنه خارج عن صلاحيات الحكومة التي لا تستطيع التدخل في الشأن القضائي. ولا يزال حزب الله على موقفه بالنسبة لاجتماع الحكومة، ومن غير الواضح ما إذا كان الاجتماع المرتقب الذي تحدث عنه ميقاتي من باب ضرورة إقرار موازنة عامة لتسيير أمور البلاد، وهو ما سيدفع الطرف الأول إلى المشاركة، أم أن التئام الحكومة سيكون منقوصا باستمرار مقاطعة الحزب، خصوصا أن أي تغيير لم يحصل في قضية انفجار مرفأ بيروت الذي يضعه الأخير شرطا لاستئناف عمله الحكومي. وتسبب عدم اجتماع الحكومة دون اتخاذ إجراءات في أزمة اقتصادية وصفتها جهات دولية بأنها أحد أسوأ الانهيارات المالية في تاريخ العالم، حيث سجلت العملة الوطنية أدنى مستوياتها على الإطلاق عند 30 ألف ليرة للدولار الليلة الماضية، لتفقد بذلك 95 في المئة من قيمتها مقارنة بقيمتها عام 2019. وقال ميقاتي إن موافقة الحكومة والبرلمان على الموازنة العامة لعام 2022 مطلب أساسي لصندوق النقد الدولي، وسط محادثات بشأن برنامج دعم يعد أساسيا لإنعاش الاقتصاد اللبناني. وأضاف أنه يعتقد أن جدول أعمال الحكومة وعرض الموازنة يزيدان من أهمية اجتماع الحكومة، واستبعد أن يتخاذل أحد عن واجبه الوطني. وكان عون دعا الأسبوع الماضي إلى ضرورة أن يجتمع مجلس الوزراء في أسرع وقت، بعد أكثر من شهرين من تعطيل حليفه حزب الله لجلسات الحكومة، في ما بدا انتقادا ضمنيا لموقف الحزب من دون أن يسميه. كما دعا إلى حوار وطني عاجل من أجل التفاهم على ثلاث مسائل، هي اللامركزية الإدارية والاستراتيجية الدفاعية والتعافي الاقتصادي. واعتبر الرئيس اللبناني أن "تعطيل الحكومة هو المسؤول عن شلل الإدارة، في وقت ينتظر الموظفون حقوقهم، والمستشفيات مستحقاتها، والمرضى العلاج"، في بلد يشهد انهيارا اقتصاديا متسارعا منذ صيف العام 2019. ويأتي الشلل الحكومي في وقت يشهد لبنان أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، وقد فقدت الليرة اللبنانية خلالها أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، وبات نحو 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر. ويلف الغموض مصير المفاوضات التي تخوضها الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، حيث لا تزال هناك العديد من الخطوات عليها اتخاذها للتوصل إلى اتفاق مع الصندوق، فيما سعى مسؤولون لبنانيون لبث رسائل طمأنة بشأن قرب توقيع اتفاق مطلع العام 2022، لكن المفاوضات لا تزال متعثرة. وأكد ميقاتي عقب اجتماعه مع عون، الذي وصفه بالمثمر، أنه اتفق مع رئيس الجمهورية على توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب تبدأ بشكل فوري إلى حين حلول موعد الدورة العادية. وكان عون يرفض فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، الذي انتهت دورته العادية في الخامس عشر من ديسمبر الماضي، خوفا من تأمين الحصانة للنواب الذين تم استدعاؤهم إلى التحقيق، وصدرت بحقهم مذكرات توقيف، بالإضافة إلى الخلاف المتسع بينه وبين رئيس البرلمان نبيه بري، منذ مدة. ويرى مراقبون أن الإعلان المفاجئ والسريع من ميقاتي عن اجتماع مجلس الوزراء وفي موازاته عقد جلسة النواب يمكن أن يكون نتيجة صفقة تحت الطاولة، تمثلت بعودة الحكومة إلى الاجتماع مقابل عودة البرلمان، وبالتالي عودة الحصانات. وتبدأ الدورة العادية لمجلس النواب اللبناني في مارس المقبل، أي قبل الانتخابات النيابية المقررة في مايو، بفترة قصيرة، ومن الطبيعي عدم انعقاده نتيجة انشغال النواب بالحملات الدعائية. ويحتاج انعقاد دورة استثنائية للبرلمان إلى مرسوم موقّع من عون، ضمن صلاحياته كرئيس للجمهورية، لكن بنود الصفقة، إن وجدت، لن تهمل تذليل كل العقبات، مقابل عودة الحياة السياسية إلى طبيعتها في لبنان. وينتظر لبنان استحقاقا مهما يتمثل بإجراء انتخابات نيابية في الخامس عشر من مايو المقبل، لكن زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أكد في الثلاثين من نوفمبر الماضي أن "حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون سيعملان على تأجيل الانتخابات أو تعطيلها، "لأنهما شبه متأكدين من أنهما سيخسران الأكثرية النيابية التي بحوزتهما".
مشاركة :