توتر في ماسبيرو يعيد أزمة الإعلام الرسمي في مصر إلى الواجهة |

  • 1/7/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ألمح البعض من مقدمي البرامج الليلية “توك شو” في بعض المحطات المصرية الخاصة التابعة لجهات رسمية، إلى أن رسالة العاملين باتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) المصري وصلت إلى القيادة السياسية، في إشارة إلى أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بات معنيا بالأمر ويجري حاليا البحث عن حل مناسب للأزمة لمنع تفاقمها أو خروجها عن المألوف، وأن هناك استجابة لتسوية المشاكل المالية التي كانت سببا في المظاهرات. وأكدت مصادر إعلامية أن هناك انزعاجا أمنيا من تجمع العاملين في ماسبيرو احتجاجا على تصرفات بعض قياداته، لأنها تعيد شبح التظاهرات الفئوية السابقة، وقد تدفع آخرين إلى سلوك هذا الطريق للضغط على المسؤولين، ولا تقتصر على شريحة العاملين في مبنى التلفزيون الذين يصل عددهم لنحو ثلاثين ألف شخص. وتخلصت الحكومة المصرية من صداع التظاهرات الفئوية بقوانين منع التظاهر التي صدرت قبل أعوام، وتم تطويق العديد من النقابات المهينة التي لعبت دورا مهما في الحض على الاحتجاج عبر تشريعات كبلت تحركات المنتسبين إليها. وأضافت المصادر لـ”العرب” أن رئيس الهيئة الوطنية للإعلام حسين زين لم يُحسن التعامل السياسي مع المحتجين، وارتكب أخطاء إدارية في ظل حالة من الاحتقان عمت فئة عريضة من العاملين جراء ما يعتقدون أنه مجاملات كان يقوم بها لبعض الإعلاميين من خارج ماسبيرو على حساب أبنائه الذين أمضوا أعواما طويلة في العمل من دون الحصول على حقوقهم في العلاوات السنوية ومكافآت نهاية الخدمة القانونية منذ سنوات. وأنكرت الصفحة الرسمية للهيئة الوطنية للإعلام على فيسبوك وجود مظاهرات أو احتجاجات داخل مبنى ماسبيرو، وزعمت أن التجمهر تكدس نتيجة تدافع الموظفين بعد تطبيق نظام البصمة في الدخول والخروج، في محاولة لإنكار وجود الغضب. وأثار نظام البصمة الذي تم التنبيه على ضرورة العمل به في التلفزيون غضب البعض حيث يستلزم الحضور يوميا لمقر ماسبيرو، بصرف النظر عن ممارسة عمل حقيقي أم لا، وتحول الاحتجاج على تطبيقه بلا مراعاة لأي مواءمات إلى وسيلة للكشف عن خلافات مع حسين زين، الذي يؤخذ عليه عدم مراعاته حقوق العاملين المالية بذريعة أن الميزانية المخصصة لا تسمح بصرف حقوق العاملين. وأصدرت وزارة المالية المصرية بيانا أكّدت فيه أن جميع مستحقات العاملين تصرف بانتظام وتوجه إلى الهيئة الوطنية للإعلام في موعدها، بما يعني أن رئيسها يتحمل مسؤولية الغضب المتفجر، حتى سارع وقال إن الأموال التي كانت ترسل إلى الهيئة يذهب جزء كبير منها إلى أعمال التطوير، في محاولة لامتصاص الغضب. وكبرت كرة الثلج داخل مبنى ماسبيرو وكسرت الكثير من الحواجز التي كانت تمنع العاملين من التظاهر، حيث نكأ رد زين جراحا إعلامية قديمة بشأن التطوير ومصيره، إذ لم يعد التلفزيون الرسمي يحتل أهمية لدى القائمين على الإعلام في مصر أو يشهد تطويرا مهنيا ملموسا أو يقوم بدوره المعتاد، وتمت الاستعانة بقنوات خاصة مختلفة لتكون بديلا عنه، الأمر الذي أفقده الدور الذي كان يقوم به في دعم الدولة المصرية. وكشفت الصور والفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الأيام الماضية عن وجود أزمة حقيقية داخل ماسبيرو، فالأعداد التي تجمهرت ليست قليلة أو شاردة فقد ردد أصحابها عبارات سياسية غابت عن الحياة المصرية منذ سنوات، في تطور خطير يصعب التقليل منه. وقال المتظاهرون من داخل مبنى التلفزيون المصري “هو يمشي.. هو يرحل” كدليل على عدم القبول باستمرار رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، وهي الجهة الرسمية المنوط بها الإشراف على الإذاعة والتلفزيون، لكنها تفرغت لدعم القنوات الخاصة. التلفزيون الرسمي لم يعد يحتل أهمية لدى القائمين على الإعلام وتمت الاستعانة بقنوات خاصة مختلفة لتكون بديلا عنه وتقدمت العضو في البرلمان المصري أميرة صابر ببيان عاجل إلى مجلس النواب لمناقشة ما يجري في التلفزيون، وهي خطوة تشي بأن الأزمة خرجت عن السيطرة داخل ماسبيرو، وانتقلت إلى البرلمان، ويمكن أن تكون لها انعكاسات كبيرة. ويقول خبراء إن تظاهرات العاملين في ماسبيرو أعادت إلى الواجهة أزمة الإعلام الرسمي وما يمكن أن تجره معها من تداعيات سياسية، ولم تعد المشكلة منحصرة في الشق المالي، وهو جزء حيوي في حاجة إلى تعامل حاسم معه، بل تتجاوز التراكمات التي أدت إلى تجاهل حل تكدس الآلاف من العاملين في ماسبيرو بلا عمل حقيقي. ويشير الخبراء إلى أن أجهزة الدولة المصرية يمكنها أن تحتوي الأزمة الناشبة بسبب تصرفات حسين زين التي أدت إلى خروج الاحتجاجات بهذا الشكل من خلال تجميده أو إقالته مع صرف المستحقات المتأخرة، لكن سوف تظل الأزمة الهيكلية التي يعاني منها الإعلام المصري مستمرة لأنها لا تقع ضمن أولويات الحكومة حاليا. وقد استقال وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل منذ حوالي عام ولم يتم تعيين وزير آخر بدلا منه وأصبح هذا المنصب شاغرا حتى الآن، وذلك بعد خلافات نشبت بينه وبين الهيئات الثلاث المسؤولة عن الإعلام نتيجة التداخل الحاصل في المسؤوليات، وهي المجلس الأعلى للإعلام ويرأسه كرم جبر، والهيئة الوطنية للصحافة ويرأسها عبدالصادق الشوربجي، والهيئة الوطنية للإعلام ويرأسها حسين زين. وتعد أزمة ماسبيرو الجديدة واحدة من الأزمات التي تطل برأسها من حين إلى آخر، والتي يرجعها خبراء إلى وجود عيوب هيكلية في الجسم الإعلامي المصري، والتي تحتاج إلى علاج عاجل يتضمن مقاربات عملية تتعلق بإصلاح النواحي المالية. كما أنه من الضروري أن تصل عملية الإصلاح إلى البحث سريعا في المضمون المقدم من خلال التلفزيون الرسمي لأن جزءا من الهتافات التي تعالت استهدفت بعض الأسماء التي جرى الاستعانة بها من خارج ماسبيرو، من صحافيين وإعلاميين، تصرف لهم مكافآت سخية لا يتحصل عليها عاملون في التلفزيون المصري.

مشاركة :