(1) وُلِدَ الحبُّ ميْتًا، واللهفةُ وُلِدتْ ميتْة، وعادَ النخيلُ وحيدًا، عادَ يبكي الذي... عادَ غريبًا يُجرجرُ أذيالَ حُزنٍ، يرتلُ ألحانَ همٍّ، والمزاميرُ عادتْ لصمتٍ يؤدي لصمت. (2) لم يبقَ لي إلا الردى، ضاعتْ جميعُ ملامحي، ضاعتْ حكاياتُ المُنى. أصبحتُ غصنًا يابسًا، أصبحتُ عطرًا هائمًا، وصرتُ وردًا باهتًا. ليلي تهاوى والنهار، والصمتُ دار، وتبددت قصصُ الهوى، والسُحُبُ ملّتْ من حكاياتِ السما، ضجرَ الغريبُ من الدُنا، ضجرَ اللهيبُ من اللهب، والطيرُ ضيّعَ عُشه، نسيَ الشفق. (3) يأتي الأحبةُ في آخر العمر، يبتسمون ولا يبتسمون، يتململون في الشوقِ، ولا ينتحبون. يرحلون سريعًا، وسريعًا يذبلون، يندمون قبل الندم، تأكلهم حيتانُ البحرِ، ويغيبون، لا يتركون الذكرى، وغيرُ مأسوفٍ عليهم يموتون. (4) عرفتُ العويل، عرفتُ أنينَ الليلِ والنشيج، حملتُ الأسى، ولبستُ الشجن، رأيتُ الندبَ، أدركتُ سرَّ السأم، عرفتُ النحيبَ في البدءِ، وتعلمتُ الندم. (5) ليلٌ يحاصرُني، وليلٌ يجرحُ الفرح، أملٌ يغيب، شجرٌ يضيع. أسفٌ عليه ولا أسف، وشككتُ في سَمعي وفي بصري، شككتُ في كُلي وبعضي، وفي كل الأسف.
مشاركة :