تثير التقارير المتواترة عن لقاء سري جمع رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح برئيس المجلس الأعلى للدولة الاستشاري خالد المشري تساؤلا عما إذا كان هذا التقارب سيسرّع نهاية حكومة عبدالحميد الدبيبة المؤقتة؟ ويبدو أن كلا الطرفين توصلا إلى اتفاق بشأن تمديد الفترة الانتقالية، وهي خطوة ترفضها المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، وهو ما عبرت عنه بعيد لقائها بعدد من ممثلي تنسيقية الأحزاب والتكتلات الليبية في العاصمة طرابلس. ولا يزال الترقب يسود مصير حكومة الدبيبة بعد فشل إجراء الانتخابات العامة في موعدها المُقرر بحسب خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي بجنيف السويسرية، حيث يقترح نواب في البرلمان تشكيل حكومة جديدة تستمر لمدة ستة أشهر يتم خلالها التوافق على سند قانوني يتم بموجبه إجراء الانتخابات. في المقابل يسعى الدبيبة للإبقاء على الوضع على حاله مستقويا بدعم تركي وبريطاني خارجيا وبالميليشيات داخليا. جبريل أوحيدة: خالد المشري يقوم بمناورات ليثبت وجوده للمجتمع الدولي وكان البرلمان قد سحب الثقة من الدبيبة في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي، في خطوة رد عليها رئيس حكومة الوحدة الوطنية بالتصعيد بعد أن حشد الليبيين في العاصمة ضد القرار المذكور. ولم تُشر أي جهة رسمية إلى اللقاء بين صالح والمشري في المغرب، غير أن وسائل إعلام محلية في المملكة وفي ليبيا أيضا أشارت إلى إجرائهما سلسلة من المشاورات. ويبدو أن سرية اللقاء تعود إلى حساباتهما الخاصة، ففيما يلتقي المشري صالح بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للدولة لم تعد لصالح صفة رسمية حاليا بعد تخليه عن رئاسة البرلمان منذ فترة لاستكمال الشروط القانونية التي تُخول له دخول السباق إلى رئاسة ليبيا. وبالرغم من أن تفاصيل اللقاء أو ما تمخض عنه من اتفاقات لم تخرج إلى العلن إلا أن أوساطا مقربة من الطرفين ألمحت إلى إمكانية حدوث تفاهمات بشأن السلطة، وهو ما يطرح بجدية تساؤلات حول فرضية تعجيل ذلك برحيل الدبيبة وحكومته خاصة بعد سحب البرلمان الثقة منه. وقال عضو المجلس الأعلى للدولة عبدالقادر حويلي، في تصريح لقناة "ليبيا الأحرار" التي تعد الذراع الإعلامية لتنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا، إن التكتم على اجتماع المشري وصالح قد يشير إلى أنهما اتفقا على تقاسم السلطة. وتتحدث العديد من الأوساط السياسية في ليبيا عن اتفاق بين صالح والمشري بشأن رحيل الحكومة وتشكيل سلطة من مجلس رئاسي وحكومة جديديْن في البلاد. وقال المستشار السياسي السابق للمجلس الأعلى للدولة أشرف الشح إن صالح التقى المشري في المغرب للاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة بديلا عن السلطة الحالية. وأضاف الشح في وقت سابق أن وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني سابقا والمترشح الرئاسي فتحي باشاغا التقى المشري قبل ذلك وأجرى مكالمة هاتفية مع صالح، وتوسط بينهما لإجراء المشاورات في المغرب. عبدالقادر حويلي: التكتم على لقاء المشري وصالح مرده اتفاقهما على تقاسم السلطة ولفت الشح إلى أن الغرض من اللقاء هو الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي جديد، مشيرا إلى أن المجلس سيكون برئاسة عقيلة وعضوية المشري على أن يرأس باشاغا الحكومة. ونفى المشري صحة سعيه لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة، ولكنه أقرّ بوجود اتصال مع عقيلة بـ"صفته رئيس مجلس النواب" لإيجاد حل للانسداد الحاصل في العملية الانتخابية، ورجح أن يلتقيه في تركيا أو مصر، قبل أن يجتمعا فيما بعد في المغرب. وفي حال رحلت حكومة الدبيبة طبقا لاتفاق بين المشري وصالح فإن ذلك سيكون بناء على تنازلات قدمها الطرفان، فالأول يسعى لأن يكون طرفا في المعادلة السياسية خاصة في علاقة بالانتخابات التي سيتحدد موعدها لاحقا، على عكس ما جرى خلال الإعداد لقوانينها في السابق، أما الثاني فقد يكون رهن ذلك بموافقة مجلس الدولة الذي يسيطر عليه الإسلاميون على تنحية حكومة الدبيبة. وقال عضو البرلمان الليبي جبريل أوحيدة "ليس لدينا ثقة في مجلس الدولة والدبيبة معا". وأضاف أوحيدة في اتصال هاتفي مع "العرب" أن "المشري يحاول إثبات وجوده للمجتمع الدولي وهو يقوم الآن بمناورات، على أية حال خارطة الطريق هي التي ستحدد ملامح المرحلة المقبلة". وتابع أن "البرلمان قادر على عزل هذه الحكومة، ونحن طبعا مع أي تقارب دون أي حوار رسمي مع المشري مثل الحوارات السابقة. وأعتقد أن هناك محاولات لتقريب وجهات النظر".
مشاركة :