سعدت بحضور اثنينية الوجيه عبدالمقصود خوجة لتكريم سمو وزير التربية والتعليم، وبسماع كلمات الثناء المستحقة من مقدمي الضيف، أما المحتفى به فقد أمتعنا بحديث ضافٍ عن طفولته وصباه وحياته العلمية وخبراته العملية، وبرغم أني حضرت متوقعا وممنيا النفس بحديث عن همومنا التعليمية، إلا أني وجدت كلمته وكلمات الثناء كانت متسقة مع أجواء تكريمية يتحدث الناس فيها عن الإيجابيات والإنجازات والصور المشرقة، عن النصف الملآن من الكأس تحديدا. كان الوزير واضحا بقوله بداية أنه ترك مشلحه في السيارة، وبرغم أني فهمت أنه يقصد أن يكون حوارا وديا أخويا وليس رسميا، إلا أن كلمته وكلمات الأساتذة المقدمين أكدت حميمية اللقاء، فأقنعت نفسي بذلك وجلست منصتا. لكن يبدو أن الحفل الحقيقي بدأ مع فترة الأسئلة، صحيح أن بعضها تحول لثناء آخر من بعض منسوبي الوزارة على غرار كله تمام يفندم، إلا أن هذا تصرف بشري مفهوم، أول سؤال جاد أتى من صالة السيدات وما لبث صداه أن امتد إلى الرجال، ثم تتابعت الأسئلة موزعة على أضلاع العملية التعليمية المعلم والمنهج والمبنى المدرسي، ويبدو أن الوزير إما أنه فوجئ بنوعية الأسئلة أو أنه لم يتوقعها في حفل تكريمي، أو، وهذا احتمال ضعيف أنه لم يسمع بها، والحقيقة بدت جميعها خارج سياق الاحتفاء. راودني هاجس بعد الحفل، ماذا لو كان سمو الوزير فعلا لم يسمع بهذه الأسئلة، بمعنى أن من حوله لم يوصلوها له، ماذا لو كان الوزير، أي وزير، لا يسمع سوى كلمات الثناء، استبعدت الهاجس، فالوزير يتحدث عن صعوبات وزارته، لكنه ما زال يردد أن تعداد موظفي وزارته حوالي ثلثي موظفي الدولة، ولا أظن هذا عذرا، بل عيبا إداريا وترهلا تعليميا لا علاقة له ببرامج التحديث، بالخصوص مع الدعم السخي والمباشر من خادم الحرمين ماديا ومعنويا، دعم ضخم كهذا يجعل من المعيب استمرار المدارس المستأجرة وتخلف المناهج وتدني مستوى المعلم. لم يشرح لنا سموه كيف أن برنامج تطوير العلوم والرياضيات يأخذ عشر سنوات ولا يقر مع التطور السنوي لكل المناهج تقريبا بدول العالم، لم يجب سموه عن أزمة النقل والمقاصف والعناية الصحية بالمدارس، لم يقل شيئا عن النقص في المدارس الحديثة المجهزة. ربما لأنه حفل تكريمي، لكن من يساعدني لقتل هاجسي بتوصيل هذه الأسئلة لسمو الوزير، فمقالات وأطروحات كثيرة لمتخصصين وخبراء نشرت في صحفنا، فهل يعقل أنها كلها لم تصل، بالتأكيد لا يعقل.
مشاركة :