تواجه كوريا الشمالية أزمة غذائية ضخمة في الوقت الحالي، بسبب العزلة التي فرضتها على نفسها بسبب جائحة كورونا مما تسبب في نقص كبير في المواد الغذائية، كما تؤثر العقوبات الأمريكية على اقتصاد البلاد.وقال الكاتب السياسي الأمريكي، دوجلاس باندو، الزميل البارز بمعهد «كاتو»، الذي كان مساعدا خاصا للرئيس الراحل رونالد ريجان، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست»: إن بيونغ يانغ تمر بأوقات عصيبة، وسط ضغوط عسكرية من جانب الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وفي ظل الفشل الزراعي بسبب عدم كفاية التنمية الريفية.خطابات كيموتحدث الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وهو يرتدي بزة على الطراز الغربي، في ختام الاجتماع العام الرابع للجنة المركزية الثامنة لحزب العمال الكوري، الذي كان قد استمر خمسة أيام، وبحسب محللين، كان المؤتمر موجها إلى الداخل إلى حد كبير، وافتقر إلى «رسائل للولايات المتحدة أو كوريا الجنوبية مثل تلك التي ألقاها كيم في خطابات السياسة العامة السابقة بمناسبة قدوم عام جديد».وانصب التركيز في هذا الحدث على الاقتصاد، خاصة الغذاء، وأشار تقرير الحزب إلى التقدم الذي تحقق، بما في ذلك «التحسن الكبير والنتائج»، في إطار تنفيذ الخطة الخمسية الجديدة، ومع ذلك، كانت هناك صعوبات كبيرة واضحة، واعترف الحزب بأنه سعى إلى «اكتشاف سبل استقرار الاقتصاد في أصعب الظروف»، وهو ما لم يتحقق على ما يبدو، وعلاوة على ذلك، أشار التقرير إلى النجاح في «تدعيم» القواعد الاقتصادية المتعلقة بخطط الدولة و«تعزيز» الرقابة الوزارية، وبدا أن هذا الأمر مستمر في الاتجاه المقابل لمسار الإصلاحات الاقتصادية وإعادة تأكيد السيادة الاقتصادية للدولة.وبدت التنمية الريفية أقل نجاحا، وعلى الأقل، كان كيم والحزب أكثر انتقادا للسياسة الحالية، وحدد الحزب هدفا إيجابيا، وهو «فتح عهد جديد عظيم لتحقيق تطور جذري في الريف الاشتراكي على الطريقة الكورية»، وبالنظر إلى عجز بيونغ يانغ منذ فترة طويلة عن إطعام نفسها، من الصعب تصور ما الذي يقصده الحزب.الطريقة الكوريةوعلى أية حال، يبدو أن «التطور الجذري للريف الاشتراكي على الطريقة الكورية» لم يتحقق، ولم يظهر القائد الأعلى سعيدا، رغم أنه تجنب استخدام كلماته الحادة في وقت سابق من هذا العام عندما قال: «إن الوضع الغذائي للشعب يزداد توترا الآن مع فشل القطاع الزراعي في الوفاء بخطته لإنتاج الحبوب»، وكان أحد بنود جدول الأعمال في اجتماع الحزب، بكامل هيئته، في يونيو الماضي، هو «وضع سياسة طوارئ بشأن التغلب على أزمة الغذاء الحالية».ومع ذلك، أشار مراقبون من الخارج إلى التركيز الكبير والمستمر على هذا الموضوع.وقال جوشوا بولاك، من معهد «ميدلبري» للدراسات الدولية: «يشير هذا التركيز اللافت للنظر على الزراعة ممزوجا بإشارات عديدة للصعوبات الشديدة، إلى أن الجوع يمثل بالفعل مشكلة خطيرة».وأكد كيم خلال الاجتماع الأخير للحزب على «حل القضايا الريفية الحالية لتعزيز الإنتاج الزراعى في البلاد»، كما أمر المجتمعين «بحل قضية الغذاء والملابس والسكن للشعب»، وقال أيضا: «المهمة الرئيسية التي تواجه حزبنا وشعبنا في العام المقبل هي توفير ضمانة أكيدة لتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق تغيير ملحوظ في تنمية الدولة ومستوى معيشة الشعب».والسؤال الواضح هو كيف يمكن تحقيق ذلك؟ خاصة في ضوء تحول النظام عن الإصلاحات الاقتصادية السابقة.القلق السياسيولفت بولاك إلى دليل آخر يدعو للقلق السياسي، حيث لوحظ فقدان كيم جونغ أون للوزن بشكل كبير في وقت سابق من هذا العام، وهو ما يمكن أن يكون مرتبطا بمشكلات صحية محتملة، فإما أن يكون الزعيم الكوري الشمالي يعاني من حالة خطيرة أو أنه يسعى إلى تجنب المعاناة من حالة خطيرة، ومع ذلك، قال بولاك: «يبدو من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن بدانته السابقة أصبحت عبئا سياسيا، وقد نستنتج أن الجوع يصل بالفعل إلى قاعدة دعم النظام، ولا يقتصر على الريف».ويقول السياسي الأمريكي باندو: إن عدم إعطاء كيم اهتماما كبيرا للولايات المتحدة أو كوريا الجنوبية في حديثه، يشير أخيرا إلى عدم الاهتمام بتخفيف العقوبات، أو على نحو أدق، عدم الاعتقاد بأن من المرجح أن يتم ذلك.ويشير هذا بدوره إلى أنه من المرجح أن يمضي كيم قدما في برنامجه الطموح للتسلح، وخلص تقرير الحزب إلى «أن البيئة العسكرية لشبه الجزيرة الكورية واتجاه الوضع الدولى يزدادان اضطرابًا يومًا بعد يوم، مما يتطلب تعزيز القدرة الدفاعية للدولة بقوة دون تأخير لحظة».ويقول باندو في الختام: إنه يتعين على كوريا الجنوبية والولايات المتحدة مواصلة الضغوط من أجل المشاركة، وعليهما أن يفعلا ذلك من دون نوع من الأوهام، وفي ظل انشغال بيونغ يانغ وواشنطن بالمشاكل الداخلية، قد ينتهي الأمر بالجانبين إلى القيام بنسخة محدثة من «الصبر الإستراتيجي»، وعلى الرغم من أن ذلك لا يُعد نتيجة مُرضية، فإنه سيكون أفضل من جولة أخرى من «النار والغضب».
مشاركة :