مخاطر المشروع النووي الإيراني على دول الخليج

  • 1/11/2022
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

منذ‭ ‬بدأت‭ ‬المفاوضات‭ ‬حول‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬لم‭ ‬تؤخذ‭ ‬مصالح‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وحقوقها‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المفاوضات‭ ‬القديمة‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬و5‭+‬1‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬المستفيد‭ ‬الأساسي‭ ‬والأول‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬المختل‭ ‬هو‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬يوما‭ ‬عن‭ ‬تطوير‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬بدأت‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عنها‭ ‬بالمجان‭ ‬وبدون‭ ‬مقابل‭ ‬حقيقي‭ ‬يحقق‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬للجميع‭ ‬بما‭ ‬فيهم‭ ‬إيران،‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬استمرت‭ ‬في‭ ‬التخصيب‭ ‬وتطوير‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬ وبالرغم‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بالخروج‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬اعتبره‭ ‬فاسدا‭ ‬وغير‭ ‬مناسب‭ ‬وهو‭ ‬محق‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الخروج‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الشديدة‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬لم‭ ‬ترتدع‭ ‬ولم‭ ‬تستجب‭ ‬أبدا،‭ ‬بل‭ ‬اغتنمت‭ ‬فرصة‭ ‬خروج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬لتتجاوز‭ ‬القيود‭ ‬البسيطة‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تلتزم‭ ‬بها‭ ‬تجاه‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬نفسها‭.‬ فإذا‭ ‬كان‭ ‬اتفاق‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬قد‭ ‬سمح‭ ‬لإيران‭ ‬بألا‭ ‬تتجاوز‭ ‬نسبة‭ ‬التخصيب‭ ‬لليورانيوم‭ ‬3‭.‬5‭%‬‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬قد‭ ‬بلغت‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭%‬‭ ‬بحسب‭ ‬التقارير‭ ‬الإعلامية‭ ‬المنشورة،‭ ‬بل‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬ترك‭ ‬الأمر‭ ‬بدون‭ ‬عراقيل‭ ‬فإن‭ ‬نسبة‭ ‬التخصيب‭ ‬ستبلغ‭ ‬80‭%‬‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬خطر‭ ‬ومخيف‭ ‬وسوف‭ ‬تكون‭ ‬نتائجه‭ ‬وخيمة‭ ‬لأن‭ ‬إيران‭ ‬لن‭ ‬تتورع‭ ‬عن‭ ‬انتاج‭ ‬القنابل‭ ‬النووية‭ ‬مثلما‭ ‬فعلت‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ترجمته‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬انتاج‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬خلال‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الادعاءات‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬باستمرار‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تصنع‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تمتلك‭ ‬اليوم‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬الذي‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬انتاج‭ ‬قنابل‭ ‬نووية‭.‬ وفي‭ ‬جولات‭ ‬المفاوضات‭ ‬التي‭ ‬تجرى‭ ‬في‭ ‬فيينا‭ ‬حاليا‭ ‬فإن‭ ‬المناقشات‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬جديد‭ ‬لأن‭ ‬هدف‭ ‬إيران‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭ ‬هو‭ ‬ابتزاز‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬والسماح‭ ‬لها‭ ‬بإعادة‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬والافراج‭ ‬عن‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تحديدا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يهمها‭ ‬هو‭ ‬استعادة‭ ‬السوق‭ ‬الإيرانية‭ ‬وفتح‭ ‬الباب‭ ‬لشركاتها‭ ‬الكبرى‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السوق‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬والبترول‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الصناعية‭ ‬والتجارية‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تعيش‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬عزلة‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الغربية‭ ‬المتطورة‭.‬ وبالرغم‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭ ‬عدة‭ ‬أسابيع‭ ‬فإن‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬التشاؤم‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬الفشل‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تهيمين‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المفاوضات‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬المشروع‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬ومما‭ ‬يؤكد‭ ‬احتمالية‭ ‬هذا‭ ‬الفشل‭ ‬وجود‭ ‬حكومة‭ ‬يمينية‭ ‬متطرفة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬العنجهية‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬تزايدت‭ ‬وتيرتها‭ ‬بوصول‭ ‬المحافظين‭ ‬المتشددين‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬ولذلك‭ ‬تميل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تتابع‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬وسطى‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تبادل‭ ‬التوقف‭ ‬المؤقت‭ ‬لإيران‭ ‬عن‭ ‬التخصيب‭ ‬مقابل‭ ‬رفع‭ ‬بعض‭ ‬العقوبات‭ ‬وخاصة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتصدير‭ ‬النفط‭.‬ المشكلة‭ ‬التي‭ ‬تهمنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬أن‭ ‬مصالح‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وخاصة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬مأخوذة‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الآن‭ ‬سواء‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المشروع‭ ‬النووي‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يبعد‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬سوى‭ ‬عشرات‭ ‬الأميال‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬انفجار‭ ‬أو‭ ‬خلل‭ ‬أو‭ ‬حادث‭ ‬نووي‭ ‬سوف‭ ‬يتسرب‭ ‬إلى‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬ويصل‭ ‬إلى‭ ‬بلداننا‭ ‬وقد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬كوارث‭ ‬لا‭ ‬أول‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬آخر‭ ‬وربما‭ ‬تقتل‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭ ‬وتدمر‭ ‬البيئة،‭ ‬ولذلك‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬مصلحة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬بأن‭ ‬تضغط‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إلزام‭ ‬بأعلى‭ ‬درجات‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والرقابة‭ ‬الدائمة‭ ‬الشاملة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭.‬ كما‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬الثانية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمصالح‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬وأمنها‭ ‬تتعلق‭ ‬بالأسلحة‭ ‬الباليستية‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬إيران‭ ‬وتقوم‭ ‬بتطويرها‭ ‬باستمرار‭ ‬لضرب‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬استخدامها‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أذرعها‭ ‬والمليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬والعراق‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المخاطر‭ ‬الجسيمة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬واستخدام‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬منشآت‭ ‬نفطية‭ ‬ومطارات‭ ‬ومدن‭ ‬ومنشآت‭ ‬مدنية‭.‬ إن‭ ‬هذين‭ ‬الموضوعين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يؤخذا‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬على‭ ‬اتم‭ ‬الاستعداد‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬وهذا‭ ‬الخطر‭ ‬المخيم‭ ‬والقائم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الوضع‭ ‬القائم،‭ ‬أما‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الصمت‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يفيد‭ ‬دولنا‭ ‬ولا‭ ‬مستقبل‭ ‬حياتنا‭ ‬فالخطر‭ ‬داهم‭ ‬والأمر‭ ‬جدي‭. ‬

مشاركة :