دخل لبنان حالة من الشلل، أمس، إثر بدء إضراب عام في قطاع المواصلات العامة وخدمات أخرى حيوية، فيما تشهد البلاد تفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم. وزادت حدة الأزمة في لبنان بعدما قررت نقابات العمال أن تخوض إضراباً لأجل المطالبة بإيجاد حلول للأوضاع المزرية. وتأتي هذه الخطوة فيما لم تفعل الطبقة الحاكمة أي شيء تقريباً، لمحاولة إخراج البلاد من حالة الانهيار والفساد وسوء الإدارة المتجذرة منذ عقود. وتتعثر الطبقة السياسية، التي تدير الدولة ذات الـ6 ملايين نسمة، من بينهم مليون لاجئ سوري، منذ الحرب الأهلية التي جرت في الفترة بين عامي 1975 و1990، في تطبيق الإصلاحات التي طالب بها المجتمع الدولي. وأغلقت، أمس، الجامعات والمدارس في جميع أنحاء لبنان أبوابها، ولم يتمكن كثير من المواطنين من الوصول إلى أماكن العمل بسبب إغلاق الطرق. وأغلق المتظاهرون الطرق السريعة الرئيسة في البلاد، وكذلك الطرق داخل المدن والبلدات بدءاً من الساعة الخامسة صباحاً. واستخدم سائقو سيارات الأجرة والشاحنات مركباتهم لإغلاق الطرق، احتجاجاً على الزيادة الحادة في أسعار الوقود، حيث رفعت الحكومة الدعم، وطالبوا بالحصول على وقود مدعوم مرة أخرى. وفي العاصمة بيروت، تم إغلاق العديد من الطرق بحاويات القمامة العملاقة والمركبات. ويعيش نحو 80 في المئة من اللبنانيين في فقر بعد أن فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها، وانكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة 20.3 في المائة عام 2020 وبنحو 7 في المائة العام الماضي، بحسب البنك الدولي. ويصعب الآن أن يكفي راتب أسرة متوسطة الحال لإطعامها بعد أن كان دخلها مريحاً ذات يوم. وقال ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا: إن ارتفاع سعر الصرف تسبب في مشكلات جمة. من جانبه، أكد رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان بشارة الأسمر، أمس، نجاح يوم الغضب من خلال إعلان تضامن المناطق والقطاعات كلها والمشاركة فيه، مشيراً إلى أنه «على أرض الواقع شهدنا التزاماً تاماً». وقال الأسمر، بعد انضمامه إلى المعتصمين في منطقة الدورة بجبل لبنان: «ما نشهده على الأرض هو إقفال تام وتجاوب في المناطق اللبنانية كافة، والواقع هو واقع رفض لحالة مأسوية أصبحت غير محتملة». وجرى قطع العديد من الطرقات على امتداد الأراضي اللبنانية من الجنوب حتى الشمال مروراً بالعاصمة بيروت ومداخلها في «يوم غضب» دعت إليه اتحادات ونقابات قطاع النقل البري، احتجاجاً على عدم دعم القطاع من قبل الحكومة. وأفادت خدمة «التحكم المروري»، عبر موقع «تويتر»، بقطع السير على الكثير من الطرق والتقاطعات. وكان المحتجون بدؤوا في التجمع، مساء أمس الأول، واعتصم عدد منهم أمام مصرف لبنان المركزي في بيروت وفرع المصرف في مدينة طرابلس. وجاء تحرك «يوم الغضب» احتجاجاً على عدم التزام رئيس الحكومة بالاتفاق المبرم مع رئيس اتحاد قطاع النقل البري في لبنان بسام طليس بدعم قطاع النقل ابتداءً من ديسمبر الماضي. واتخذت القوى الأمنية تدابير لمواكبة تحركات قطاع النقل البري، كما جرى إغلاق المدارس والثانويات والمؤسسات التربوية الرسمية والخاصة. وكانت قيادة الاتحاد العمالي العام وتجمع المزارعين ونقابة الشاحنات العمومية في مرفأ بيروت ونقابة المعلمين في المدارس الخاصة وغيرها من النقابات أعربت منذ أمس الأول عن تأييدها تحرك «يوم الغضب». وفي هذه الأثناء، أعلنت المنسقة المقيمة لأنشطة الأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنان نجاة رشدي، أن الأمم المتحدة ستواصل تقديم الدعم لمواجهة الأوضاع الإنسانية الملحة في لبنان. وعرضت رشدي، خلال لقائها، أمس، على الرئيس ميشال عون «تقريراً بالعمل الذي تقوم به منظمات الأمم المتحدة لمواجهة الأوضاع الإنسانية الملحة في لبنان»، لافتة إلى أنه «يتوجب على الدولة اللبنانية أن تقوم هي أيضاً بما عليها من مسؤوليات في هذا الصدد». وأكدت رشدي أنه «لا شروط من الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية». من جهته، أبلغ الرئيس عون رشدي أن «لبنان يدعم الجهود التي تبذلها في إعداد وتنفيذ برامج تأمين الحاجات الإنسانية للبنانيين، لا سيما في مجالات التعليم والمياه والكهرباء والدواء».
مشاركة :