هل يصلح منتدى شرم الشيخ ما أفسدته السياسة بين مصر وإثيوبيا

  • 1/14/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لم تحل الخلافات العميقة بين القاهرة وأديس أبابا بسبب أزمة سد النهضة من مشاركة فتيات وشباب من إثيوبيا في فعاليات النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم، الذي اختتم الخميس في مدينة شرم الشيخ على البحر الأحمر. وحظي هؤلاء بترحيب وحفاوة واهتمام واضح من إدارة المنتدى التي لم تجد غضاضة في قبول مشاركتهم، وهو ما حمل بادرة جيدة تؤكد على حُسن النوايا التي تبعث بها الدولة المصرية إلى الشعب الإثيوبي، خاصة جيل الشباب الذي كان متفاعلا مع الأزمة في أوقات كثيرة. وأدت حدة الخلافات بين البلدين بشأن أزمة سدّ النهضة إلى نوع من التعصب الوطني، وظهرت تجليات ذلك من خلال منشورات وفيديوهات جرى بثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملت عداء لافتا لمصر وشعبها بذريعة أن الدولة تعوق خطط التنمية في إثيوبيا وتسعى إلى حرمان الشعب من حقوقه المائية. عبدالفتاح السيسي: حريصون على الحوار لتجاوز خلافات سد النهضة وروجت الحكومة الإثيوبية لهذه المعاني على خلاف الحقيقة بهدف التغطية على فشلها في حل الكثير من الملفات الداخلية، بينما استخدمت مصر أعلى درجات ضبط النفس في أوقات كثيرة، وحاولت منع التصعيد ودعم الوصول إلى حلّ مناسب عن طريق المفاوضات. وينظر المصريون إلى سدّ النهضة الإثيوبي على أنه تهديد داهم لحياتهم ووجودهم لأنه يؤثر على الحصة التاريخية المقررة لبلدهم منذ عقود طويلة، ما خلف حالة من الجفاء بين الشعبين وولد انطباعات سلبية عن الشعب المصري، لذا كانت هناك مفاجأة في تواجد وفد إثيوبي مشارك في فعاليات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ. وقالت ماوا نيشيجرما (28 عاما)، وهي شابة إثيوبية تعمل صحافية في بلدها لـ”العرب” إن هذه زيارتها الأولى لمصر وستترك لديها انطباعات بعيدة المدى. وأضافت “وجدت بلدا جميلا وشعبا ودودا مضيافا وكنت أعتقد أن مصر والمصريين يكرهون إثيوبيا، لكن اكتشفت عكس ذلك تماما، فدائما ما تجعلنا السياسة نعتقد أمورا غير صحيحة، وتتولد لدينا آراء مسبقة ربما تخالف الواقع، لكن رأيي تغير تماما بعد حضور المنتدى”. وكشفت الشابة الإثيوبية أن مشاركتها جاءت من خلال قيامها بملء البيانات المعدة على الموقع الرسمي للمنتدى وجرى قبول طلبها سريعا، وحضرت إلى شرم الشيخ، حيث استمتعت واستفادت من حضورها جلسات المنتدى وورش العمل المنبثقة عنه، ووجدتها تجربة ثرية للغاية، منحتها فرصة لمقابلة شباب من كل أنحاء العالم، حيث تبادلت التجارب والخبرات وتعرفت على ثقافات الآخرين. وأوضحت نيشيجرما لـ”العرب”، “المنتدى جيد للغاية، منحني فرصة لتبادل الأفكار مع بعض المشاركين من دول مختلفة ووفر لي رؤية ومنظورا جيدين عن مصر وشعبها”. وجاءت مشاركة مواطنتها ماهيليكس (26 عاما) وتعمل مهندسة، عبر التسجيل أيضا في موقع المنتدى، وعندما أخفقت في استكمال بياناتها تلقت مساعدة من إدارة المنتدى وتم التواصل معها لاستكمال البيانات وقبولها، وهي المرة الأولى التي تقوم بها أيضا بزيارة مصر. وحول هذه المغامرة، قالت لـ”العرب”، “إنها تجربة رائعة، فمصر دولة جميلة وتتميز شرم الشيخ الواقعة على البحر الأحمر بأنها مدينة جذابة وساحرة وخلابة، ومن دواعي سروري التواجد هنا والمشاركة في المنتدى”. وأشارت إلى أنها تفاعلت مع الكثير من الجلسات وورش العمل، “فهناك العديد من الأنشطة التي أقيمت ضمن أعمال المنتدى، وحاولت المشاركة في أفضلها، ووجدت أن جميع الأنشطة مثمرة وتمثل معرفة جديدة بالنسبة لي، ويكفي أنني تعرفت على مصر وثقافة شعبها عن قرب”. وحول نظرتها السابقة بسبب الخلافات السياسية بين أديس أبابا والقاهرة وهل تغيرت عقب احتكاكها مع شباب من مصر، أوضحت “لم تكن لدي فكرة خاطئة، إذ لم أكن أعرف الكثير عنها قبل هذه الزيارة وأحببتها بعد الزيارة ووجدت أنها بلد جميل وشعبها مضياف وطيب وبشوش ويتميز بالحفاوة اللافتة، وسأحاول زيارة مصر في المستقبل مرة أخرى ونقل هذه الانطباعات الإيجابية لأصدقائي في إثيوبيا”. وشارك نحو 35 من شباب وفتيات إثيوبيا في فعاليات منتدى شباب العالم وتولدت لديهم نفس الآراء والانطباعات الإيجابية عن المصريين بعد أن وجدوا معاملة طيبة للغاية واهتمامات بالغة من إدارة المنتدى، التي حرصت على تزويدهم بكل المعلومات التي احتاجوها عن مصر وتلبية طلباتهم والسعي بجدية لراحتهم. ويبدو أن القاهرة تعمدت إطلاق رسائل مبطنة مستفيدة من منتدى شرم الشيخ على أمل أن يصلح المؤتمر ما أفسدته السياسة بين البلدين. وأكدت حرصها على عدم التصعيد مع إثيوبيا، وأن خلافها مع حكومتها بشأن سد النهضة لن يؤثر على محاولة تقارب الشعوب والشباب، ولا تسعى إلى افتعال أزمات، وتحرص على جسر الهوة على المستوى الشعبي، وهو ما ظهر من خلال الرسائل الموجّهة للشعب الإثيوبي لاسيما فئة الشباب. وأشار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال جلسة عقدها مع ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية مساء الأربعاء على هامش فعاليات المنتدى وحضرتها مندوبة “العرب”، إلى حرص القاهرة منذ البداية على مبدأ اتباع الحوار والوصول إلى اتفاق قانوني بشأن ملء وتشغيل سد النهضة يراعي حقوق كل الأطراف. ولفت إلى أنه عندما استمرت المفاوضات سنوات اضطرت بلاده للتحرك في اتجاه آخر (مجلس الأمن) لإعطاء قوة دفع، ولم يكن الهدف سوى سرعة الوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي. وشدد السيسي على أن مصر تنظر بكل تقدير لحقوق الشعب الإثيوبي في التنمية، شريطة ألا يكون ذلك على حساب الأمن المائي لبلاده، فالدولة المصرية تعاني من الفقر المائي، وتعيش على الشريط الممتد على طول نهر النيل من أسوان جنوبا إلى الإسكندرية شمالا، أما بقية الأراضي فهي صحراوية. ووجه رسالة إلى إثيوبيا ودول حوض النيل، حيث قال “ننظر إليكم بإيجابية ومستعدون للتعاون في ما يخص مياه نهر النيل ليس فقط مع إثيوبيا بل مع كل الأشقاء في دول حوض النيل كي يعم الرخاء على الجميع”.

مشاركة :