فتحت تصريحات وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، في شأن المضي قدماً بأي إجراءات قد تتطلبها عملية إعادة الاستقرار لسوق النفط، الباب واسعاً أمام سيل من التكهنات بخصوص ما يقصده الرجل. ولعل تأكيده بأن «السعودية تراقب سوق النفط، وستتخذ إجراءات مع (أوبك) والمنتجين المستقلين إذا لزم الأمر لإعادة التوازن للسوق، يشكل «بيت القصيد» في رحلة البحث عما يرمي إليه الفالح. فبعد تعثر مباحثات ثبيت الإنتاج بين الأطراف المعنيين (منتجو النفط من داخل وخارج (أوبك) أكثر من مرة، يرى بعض المحللين أن التوصل إلى اتفاق من هذا النوع قد يكون ممكناً أكثر من أي وقت مضى بعد تصريحات الفالح. ويستند هؤلاء في توقعاتهم هذه إلى أكثر من نقطة، أبرزها، تراجع أسعار النفط بشكل كبير خلال الأسبايع القليلة الماضية، حتى إنها تكاد تقترب من مستويات متدنية، كانت قد بلغتها مطلع العام الحالي، وهي لا تناسب بأي حال أي طرف على الإطلاق. في المقابل، فإن الرهان «الفارغ» من وجهة نظر بعض المراقبين على تلاشي تخمة المعروض في وقت قصير هو ضرب من ضروب التمني، والتي لا تجد ما يدعمها على الأرض، في ظل زيادة الإنتاجين الإيراني والعراقي إلى مستويات قياسية. من ناحية ثانية، يجزم هؤلاء بأن أي من ميزانيات الدول المنتجة للنفط (خليجية وغير خليجية) لم تعد تحتمل ضغوطاً أكبر، بالتزامن مع شروع غالبية دول مجلس التعاون بإصدار سندات لتمويل عجز موازناتها، لذا فإن التوصل إلى «تسوية» تضمن بقاء أسعار النفط عند مستويات قريبة من 50 دولاراً، أفضل بأشواط من الدوران في «حلقة مفرغة» مستمرة منذ أكثر من عامين. وإلى جانب العديد من الأسباب المنطقية الأخرى، يجزم المحللون والخبراء بأن كلام الفالح يمهد بالفعل لتسوية ولو مبدئية، قد تساعد على تهدئة المخاوف واستقرار أسعار النفط من خلال الدخول في مفاوضات مع كل من إيران وروسيا. من جهته، يقول المحلل والخبير النفطي، محمد الشطي، إن أي تفاهم جديد خلال جولة المشاورات الجديدة والمرتقبة، هو رهن تفاهم سعودي - إيراني، مؤكداً أن مثل هذه الخطوة يعول عليها بشكل كبير لإعادة الاستقرار والتوازن للسوق، خصوصاً في ظل بلوغ إنتاج ايران مستويات ما قبل فرض العقوبات تقريباً. واعتبر الشطي أن «التحركات والتصريحات الخاصة بمشاورات جديده ما بين المنتجين خلال منتدى الطاقة الدولي القادم في الجزائر ، والمقرر بين 26 و28 سبتمبر المقبل، أعطت دعماً موقتاً للأسعار بانتظار وضوح التصورات حول ما ستؤول اليه تلك المشاورات»، مشدداً على أن «التصريحات السعودية أسهمت في تقديم دعم إضافي للأسعار، كونها تؤكد جدية المشاورات بما يسهم باستقرار السوق». إذاً، وبعيداً عن «الاشتباك السياسي» الراهن بين المملكة العربية السعودية، وإيران، يبقى السؤال من وجهة نظر الكثيرين «هل من الممكن التوصل إلى حد أدنى من التفاهم النفطي بين الجانبين؟، أما ان النفط لا يستطيع إصلاح ما أفسدته السياسة؟ وحدها الأيام القليلة المقبلة كفيلة بالإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها. الأسعار في هذه الأثناء، انخفض سعر برميل النفط الكويتي 52 سنتا في تداولات الخميس، ليصل إلى مستوى 38.94 دولار للبرميل مقارنة بمستوى 39.46 دولار للبرميل يوم الأربعاء الماضي. وفي السياق ذاته، أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أن سعر سلة خاماتها ارتفع بواقع 5 سنتات، ليستقر عند 40.62 دولار للبرميل. وذكرت نشرة وكالة أنباء (أوبك) ان المعدل السنوي لسعر السلة للعام الماضي كان 49.64 دولار للبرميل. من ناحيتها، سجلت أسعار النفط انخفاضا طفيفا أمس، لتظل قرب المستويات المرتفعة التي سجلتها أول من أمس بفعل محادثات محتملة بين المصدرين لبحث سبل دعم السوق التي ما زالت تعاني من وفرة المعروض من الخام. وفي منتصف جلسة أمس، انخفض سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 19 سنتا إلى 45.84 دولار للبرميل، بعدما بلغ أعلى مستوى له في 3 أسابيع في وقت سابق من الجلسة عند 46.66 دولار للبرميل. في المقابل، بلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 43.41 دولار للبرميل بانخفاض قدره ثمانية سنتات بعدما لامس أعلى مستوى له منذ 25 يوليو عند 44.17 دولار للبرميل. وارتفع الخامان أكثر من أربعة في المئة يوم الخميس بعدما قال خالد الفالح وزير الطاقة السعودي إن منتجي النفط سيناقشون خلال اجتماع سيعقد الشهر المقبل في الجزائر تحركا محتملا لتحقيق استقرار أسعار النفط. كما تلقت الأسعار دعما من توقعات نشرتها وكالة الطاقة الدولية بأن يتحسن التوازن بين العرض والطلب قرب نهاية العام. كما وجدت الأسعار دعما في حديث تجار عن انخفاض إنتاج الصين من الخام بنسبة 8.1 في المئة في يوليو، ليصل إلى أدنى مستوى في 5 سنوات عند 16.72 مليون طن نظرا لأن ذلك يعني أن أكبر اقتصاد في آسيا مضطر لاستيراد المزيد من الخام. وعلى الرغم من هبوط إنتاج الصين أكبر مستهلك للطاقة في العالم، فإن الاثار الواقعة على السوق متباينة نظرا لأن صادراتها من المنتجات المكررة آخذة في الزيادة.
مشاركة :