أقر مجلس الأمة الكويتي الخميس بأغلبية ساحقة تعديلات على قانوني المطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع ليخفف بعض العقوبات من السجن إلى الغرامة المالية، بيد أنه أبقى على بعض البنود المثيرة للجدل دون تعديل من بينها التعرض لشخص أمير البلاد بالنقد. واعتبرت أوساط سياسية أن تمرير التعديلات بطريقة سلسة يعكس في جوهره رغبة الحكومة ونواب المعارضة في تهدئة التوتر السياسي القائم بينهما منذ أشهر. وأقر التعديل عقوبة الغرامة المالية، بحد أقصى 10 آلاف دينار بدلا من الحبس، للكثير من المخالفات ومنها "خدش الآداب العامة أو التحريض على مخالفة القوانين أو إهانة أو تحقير القضاء أو رجال القضاء"، ومنها أيضا إفشاء الأنباء عن الاتصالات السرية الحكومية والتأثير في قيمة العملة الوطنية أو ما يؤدي إلى زعزعة الثقة بالوضع الاقتصادي للبلاد وغيرها من المخالفات. وقال النائب حمد المطر رئيس لجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد التي أعدت التقريرين البرلمانيين إن هذه التعديلات التشريعية أبقت عقوبة الحبس فقط على ثلاثة محظورات؛ هي المحظورات الشرعية كالمساس بالذات الإلهية أو الملائكة أو القرآن الكريم أو الأنبياء، وثانيا التحريض على قلب نظام الحكم في البلاد، وثالثا التعرض لشخص أمير البلاد بالنقد. حمد المطر: التعديلات أبقت عقوبة الحبس على ثلاثة محظورات وسبق أن دعا نواب إلى ضرورة إعادة النظر في العقوبة المفروضة على كل من يوجه انتقادا لأمير البلاد، معتبرين أنها تتعارض مع مبادئ الديمقراطية. وتقول المذكرة الإيضاحية لقانون الإعلام المرئي والمسموع إنه على أرض الواقع برزت أوجه قصور عديدة للقانون السابق أدت في بعض الأحيان إلى تقييد الحريات وتضييق نطاقها. ويأتي التعديل “حفاظا على حقوق الأفراد وصونا لحرياتهم”. وقصر التعديل العقوبة على مرتكب المخالفة دون غيره. وتضمنت التعديلات أيضا خفض رأس المال اللازم لإصدار صحيفة إلى 100 ألف دينار بدلا من 250 ألف دينار، كما قصر المدة الممنوحة للوزير للبت بشأن طلب تأسيس صحيفة أو قناة فضائية إلى 60 يوما بدلا من 90 يوما وألزم الوزير بالموافقة على الإصدار إذا تحققت الشروط. وتم إقرار هذه التعديلات في جلسة استثنائية دعا إليها بعض النواب بالتنسيق مع الحكومة، في مؤشر على انتهاء العداء الذي كان قائما بين البرلمان والسلطة التنفيذية والذي أعاق الكثير من التشريعات خلال العام الماضي وقلص جلسات البرلمان إلى عدد محدود للغاية. واتخذ أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح خطوات لنزع فتيل المواجهة بين الحكومة والبرلمان، إذ أصدر مراسيم بالعفو عن معارضين موجودين بالخارج وآخرين متهمين في قضايا أمن دولة. وفي الثامن والعشرين من ديسمبر شكلت الكويت حكومة جديدة برئاسة الشيخ صباح الخالد الصباح ضمت ثلاثة أعضاء معارضين في مجلس الأمة، وهو ما أنهى القطيعة بين الحكومة وعدد كبير من النواب المعارضين، لكن لا تزال هناك كتلة معارضة تصر على مطلب “رحيل الرئيسين”، أي رئيس الحكومة ورئيس البرلمان الذي يعتبرونه مواليا للحكومة، غير أن تأثير هذه الكتلة أصبح محدودا في البرلمان. وتحظر الكويت، الدولة العضو في منظمة أوبك، الأحزاب السياسية لكنها منحت برلمانها نفوذا أكثر من المسموح به لأي مجلس مماثل في دول الخليج العربية الأخرى، ومن ذلك سلطة إقرار القوانين ومنع صدورها، واستجواب رئيس الوزراء والوزراء، والاقتراع على حجب الثقة عن كبار مسؤولي الحكومة. وشغل النواب المعارضون حقائب الإعلام والشؤون الاجتماعية وشؤون مجلس الأمة. وهذه ثالث حكومة للكويت خلال عام واحد بعد أن استقالت الحكومتان السابقتان خلال المواجهة مع البرلمان التي عرقلت جهود الدولة للإصلاح المالي.
مشاركة :