ذوبان الجليد في القطب الشمالي يهدد انتظام الحرارة في العالم

  • 11/18/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

حذر الاخصائي في علم المحيطات البليجيكي روجيه فرنسوا، أن استمرار تسارع ذوبان الجليد في المنطقة القطبية الشمالية ينذر بزيادة كبيرة في كمية المياه العذبة في المحيط الأطلسي الشمالي، ما قد يؤدي على المدى الطويل إلى اختلال في آلية تشكل المياه العميقة التي تعتبر مرجعاً حقيقياً لقياس حدة التغير المناخي العالمي. وشغل الباحث مهام رئيس بعثة علمية على متن كاسحة الجليد البحثية الكندية «اموندسن» يدرس حالياً تاريخ الكوكب عبر كشف اسرار محيطاته، مثل المحيط المتجمد الشمالي، إذ يقود خلال الخريف الحالي بعثة تضم حوالى 40 عالماً متخصصا في التغير المناخي. ويرفض روجيه فرنسوا الافراط في التشاؤم موضحاً أن «الدورات المناخية الشديدة تتعاقب منذ مليوني سنة بوتيرة مرة كل 100 ألف عام مع تشكل مسطحات جليدية على القارة الشمالية تتبعها مرحلة ذوبان سريع للغاية تمتد على خمسة الآف عام». وحصل أخر احترار مناخي قبل 15 إلى 20 ألف سنة خلت، ما أدى إلى ارتفاع في مستوى مياه البحار بمعدل 130 متراً. ويقول فرنسوا «هذا هو الاتجاه السائد مع ذوبان الجليد في غرينلاند والمنطقة القطبية الجنوبية. أما الفارق الأكبر مع ما يحصل اليوم هو الوتيرة الزمنية، إذ أن الامر لم يكن يوماً بهذه السرعة». وتتسم كل دورة مناخية بتغير مستوى الكربون في الغلاف الجوي. وفي خلال اخر موجة احترار مناخي، ارتفع معدل غاز ثاني اكسيد الكربون (ابرز انواع الغازات المسببة لمفعول الدفيئة) في الهواء من 180 جزءاً في المليون إلى 280 جزءاً في المليون خلال خمسة الآف عام. وحتى الثورة الصناعية، بقي المستوى عند 280 إلى أن شهد منذ ذاك الحين ارتفاعاً مطرداً حتى بلغ 400 جزء في المليون العام 2015، بحسب هذا العالم. ويحذر فرنسوا من أنه «في حال بقينا على هذا النحو، وهو ما يبدو أنه حاصل، سنشهد في حلول نهاية القرن الحالي مستويات غير مسبوقة منذ عصر الديناصورات في الحقبة الوسطى مع معدل الف جزء في المليون». آخر موجات ذوبان للجليد تبعها استقرار مناخي أكبر بكثير، سمح للإنسان العاقل بتنمية قدراته. ويلخص الاستاذ في جامعة «بريتيش كولومبيا» في فانكوفر الوضع قائلاً إن «حضارتنا كما نعرفها تمثل نتيجة مباشرة لتطور المناخ». وتحتل المياه العميقة التي تنشأ في المحيط الأطلسي الشمالي قبالة غرينلاند، موقعاً أساسياً في صلب هذا المناخ المناسب للحضارة البشرية. فهذه المياه الموجودة في إعماق المحيطات وفق مسار محدد بدقة تراكم كميات من ثاني اكسيد الكربون المتأتي من الغلاف الجوي، بالإضافة إلى تشكيل آلية كبرى لنقل الحرارة من خط الاستواء إلى القطبين، بحسب روجيه فرنسوا. وفي ظل ذوبان الانهار الجليدية، يؤدي انهيار الجبال الجليدية المؤلفة من مياه عذبة في البحر إلى تخفيض الملوحة، ما يجعل تشكل المياه العميقة اكثر صعوبة. ومن شأن توقف انتقال الحرارة بين الاستواء والقطبين بسبب انهيار آلية تنظيم الحرارة التي تشكلها المياه العميقة أن يجعل المرتفعات العالية أكثر برودة. وحصل سيناريو مشابه خلال أخر احترار مناخي في العالم. ويشير اخصائي علم المحيطات إلى أن «مستوى البرودة كان أعلى في بداية مرحلة ذوبان الجليد، مقارنة بالمستوى الأقصى المسجل في العصر الجليدي، خصوصاً في شمال أوروبا». ويمثل التبدل الحاصل على صعيد تشكل المياه العميقة أحدى ردات الفعل الناجمة عن الاحترار المناخي، إذ أن سبباً ما يولد اثراً معيناً وهذا الاخير يعزز السبب ويفاقم الوضع في كثير من الاحيان. وأضاف فرنسوا «لا علم لنا بمجمل ردات الفعل المشاركة في الاحترار وهنا مكمن القلق»، مضيفاً أن «النظام برمته شديد التعقيد وهذا الأمر ليس قابلاً للتجربة، يمكن الحديث عن عملية تحصل على مستوى الكوكب ومجرد الاغفال عن تفصيل صغير قد يؤدي إلى خلاصات مختلفة».

مشاركة :