سعيد دهري-الدوحة احتضنت العاصمة القطرية الدوحة الثلاثاء الدورة الخامسة من مهرجان كتارا للمحامل التقليدية (السفن القديمة)، بالتزامن مع عودة رحلة محمل فتح الخير الثانية من الهند، وذلك وسط إقبال من المواطنين والمقيمين على اكتشاف هذا الجانب من تراث المنطقة. وشهد انطلاق الفعاليات بالحي الثقافي كتارا الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والشيخ جاسم بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير قطر، ووزير الثقافة والفنون والتراث حمد بن عبد العزيز الكواري وعدد من السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية. وقال المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي خالد السليطي للجزيرة نت إن مهرجان المحامل التقليدية يمثل استمرارا للاحتفاء بالتراث البحري للأجداد، الذي يشكل بدوره جزءا أصيلا من الموروث الشعبي لقطر، ومشتركا ثقافيا بين دول الخليج العربي. وأكد السليطي على أن النسخة الحالية للمهرجان تتميز عن سابقاتها بتخصيص سوق للذهب واللؤلؤ ومتحف يعرض 16 مجسما للسفن القديمة التي استخدمت في الغوص، إضافة إلى مزاد للمحامل التقليدية، منوها باستحداث مسابقات بحرية تراثية مثل الحداق ورفع الشراع والتجديف وغيرها. رحلة الهند من جهته، أوضح حسن عيسى الكعبي نوخذة (ربان السفينة) محمل فتح الخير الثانية أن طاقم الرحلة واجه صعوبات جمة أثناء إبحاره من الهند، بسبب تقلبات الطقس والأمطار الغزيرة وارتفاع الأمواج والرياح الشديدة بالمحيط الهندي، منوها بطاقم السفينة الذي تجاوز هذه الصعوبات بفضل رباطة الجأش وقوة التحمل والمهارة الفنية التي اكتسبها بالتدريبات التقنية والجلسات النفسية، حسب قوله. وأوضح الكعبي أن الرحلة، التي عادت من الهند بعد أربعين يوما، شكلت تجربة ممتعة لثلاثين شابا أرادوا أن يتعرفوا على تراث أجدادهم، وعلى طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تعتمد على الغوص والبحث عن اللؤلؤ، قبل اكتشاف النفط. واعتبر الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، وهو صاحب متحف للمقتنيات التراثية يحمل اسمه في حديث للجزيرة نت أن المهرجان تجسيد حقيقي لواقع الحياة البحرية التي عاشها الأجداد قبل قرن، واستحضار للتاريخ في أبهى صوره التراثية والثقافية، حسب قوله. وأشار إلى أن مسيرة السفن الحديثة المبحرة إلى الهند لا تتعدى يومين، في حين أن رحلة محمل فتح الخير استغرقت شهرا وعشرة أيام، وهي المدة التي كانت تستغرقها محامل الأجداد في رحلاتهم التجارية والبحرية. معارض ومسابقات ويضم المهرجان مجموعة من المعارض والورش للتعريف بالمهن البحرية التراثية، مثل فلق المحار والطواش (تاجر اللؤلؤ) والغزل والقلاف والحبل والقرقور والحداد والودج (صناعة الصل) وبيع السمك، وغيرها من الحرف التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بالبحر. وخصصت مجموعة من المسابقات البحرية، منها مسابقة الغوص على اللؤلؤ التي تعرف مشاركة خليجية واسعة، ومسابقة المحامل الشراعية، ومسابقة اختيار أجمل محمل تقليدي من بين أكثر من مئة محمل تقليدي تقدم للمشاركة، فيما نظمت مسابقة خاصة في فن الغوص، ورحلات بحرية للأطفال. وتعمل على تنشيط فعاليات مهرجان المحامل التقليدية فرق شعبية فلكلورية من قطر والسعودية وسلطنة عمان، حيث تقدم وصلات غنائية من فن الفجيري الذي يتضمن أهازيج تغنى على إيقاع حركة المجاديف والأشرعة، إضافة إلى فقرات للألعاب الشعبية التراثية. يشار إلى أن مهرجان المحامل التقليدية يستمر إلى 21 من الشهر الجاري، وهو اليوم الذي سيعلن فيه عن نتائج المسابقات البحرية والفنية، المقامة على هامش المهرجان.
مشاركة :