أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين أمس الثلثاء (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) البحرية الروسية في البحر المتوسط بالاتصال مع البحرية الفرنسية والعمل معاً «كحلفاء» في الحملة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية (داعش)» في سورية. وقال بوتين خلال اجتماع لرئاسة أركان الجيش الروسي خصص للعمليات العسكرية في سورية بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند أنه سيتم نشر حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول في مياه شرق المتوسط، أنه «من الضروري إجراء اتصال مباشر مع الفرنسيين والعمل معهم كحلفاء». وتحادث بوتين هاتفياً مع نظيره الفرنسي قبل اللقاء المقرر في 26 نوفمبر الجاري. وقال الكرملين إن الرئيسين اتفقا على «تنسيق أكبر» لأجهزة استخبارات البلدين بشأن النزاع السوري بعد اعتداءات باريس الجمعة. من جهة أخرى، نفذت الشرطة الفرنسية أكثر من 120 عملية دهم ليل الإثنين الثلثاء، فيما استمرت مطاردة المشتبه به الرئيسي في الاعتداءات صلاح عبد السلام (26 عاماً) المقيم في بلجيكا. وإلى جانب حملة المداهمات الواسعة النطاق على أراضيها، شنت فرنسا غارات جديدة في سورية ضد تنظيم «داعش». وليل الإثنين الثلثاء قصف الطيران الفرنسي للمرة الثانية خلال 24 ساعة معقل المتطرفين في الرقة بشمال سورية ودمر مركز تدريب ومركز قيادة، بحسب رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس. وكما فرنسا بعد هذه الاعتداءات، قررت روسيا الثلثاء تكثيف غاراتها في سورية، وقصفت قاذفات استراتيجية روسية لأول مرة مواقع لتنظيم «داعش» في سورية حيث تشن موسكو منذ 30 سبتمبر/ أيلول حملة غارات جوية كما قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خلال اجتماع رئاسة الأركان. وحتى الآن لم تكن روسيا تستخدم في سورية إلا قاذفات تكتيكية وطائرات دعم على الأرض. واستخدام القاذفات الاستراتيجية التي تقلع من روسيا، مرحلة جديدة في اختبار القوة العسكرية الروسية في البلاد. وقصفت قاذفات تي يو-22 صباح الثلثاء أهدافاً لتنظيم «داعش» في محافظتي الرقة (شمال شرق) ودير الزور (شرق) في حين قصفت قاذفات تي يو-160 وتي يو-95 إم سي محافظتي حلب (شمال غرب) وإدلب (شمال غرب) بحسب شويغو. وذكر رئيس الأركان الروسي، فاليري غيراسيموف أن الطيران الروسي قصف منذ تدخله قبل 48 يوماً 4111 هدفاً في سورية ونفذ 2299 طلعة ودمر 562 مركز قيادة و64 معسكر تدريب و54 ورشة لصناعة الذخائر والمعدات العسكرية. وقال وزير الدفاع «إن عدد الطلعات تضاعف ما يسمح بشن غارات عنيفة ومحددة ضد مقاتلي تنظيم (داعش) على كافة الأراضي السورية». وأعلن الجيش الروسي تعزيز قواته الجوية في سوريا بـ 37 طائرة منها ثماني سو-34 وأربع سو-27. وأعلن الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند الإثنين نشر حاملة الطائرات «شارل ديغول» في شرق المتوسط للمشاركة في العمليات في سورية وستبحر من تولون (جنوب فرنسا) الخميس. وأعلنت فرنسا «تكثيف عملياتها في سورية» بعد الاعتداءات الدامية الجمعة. ومن العاصمة الفرنسية المفجوعة، اعتبر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري أن سورية قد تبدأ مرحلة «انتقال سياسي كبير» في غضون «أسابيع» بين النظام والمعارضة، في الوقت الذي أعرب فيه عن تضامنه مع فرنسا بعد مقتل 129 شخصاً ليل الجمعة في هجمات تبناها تنظيم «داعش». وقال كيري «نحن على مسافة أسابيع نظرياً، من احتمال انتقال كبير في سورية، وسنواصل الضغط في هذه العملية». وأضاف «نحن لا نتحدث عن أشهر وإنما أسابيع، كما نأمل». وأوضح وزير الخارجية الأميركي أن «كل ما نحتاج إليه، هو بداية عملية سياسية، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار. إنها خطوة جبارة»، ملمحاً بذلك إلى التسوية التي تنص على عقد اجتماع بين النظام السوري وأعضاء من المعارضة السورية قبل الأول من يناير/ كانون الثاني 2016. كذلك تنص تسوية فيينا التي وقعها السبت عشرون بلداً، بينها روسيا والولايات المتحدة وإيران والبلدان العربية والأوروبية، على وقف لإطلاق النار وإجراء انتخابات وصياغة دستور جديد. وقال كيري «إحساسي هو أن الجميع يدرك أنه (...) علينا أن نضاعف جهودنا لضربهم (تنظيم الدولة الإسلامية) في الصميم حيث يخططون لهذه الأمور». وأضاف «لقد وافقنا على تبادل مزيد من المعلومات، وأنا مقتنع أنه خلال الأسابيع المقبلة سيشعر (داعش) بضغط أكبر». ويلتقي هولاند نظيره الأميركي باراك أوباما في واشنطن في 24 نوفمبر، وينتقل بعدها إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 26 من الشهر نفسه. وفي السياق نفسه، قال الرئيس السوري، بشار الأسد في مقابلة مع مجلة «فالير أكتويل» الفرنسية إن بلاده لن تتعاون مع فرنسا في تبادل المعلومات المخابراتية إلا إذا غيرت باريس سياساتها في المنطقة. وقال الأسد في المقابلة التي أجريت بعد يوم من هجمات باريس «إن لم تكن الحكومة الفرنسية جادة في حربها على الإرهاب فلن نضيع وقتنا في التعاون مع بلد أو حكومة او مؤسسة تدعم الإرهاب». وأضاف قائلاً «عليك أولاً أن تغير سياستك كي تعتمد على معيار واحد وهو أن تكون جزءاً من تحالف يضم فقط البلدان التي تحارب الإرهاب وليس تدعمه». وأكد الأسد أنه قال دوماً إنه على استعداد للانضمام لتحالف دولي ضد الإرهاب وأن السوريين هم وحدهم الذين يحددون مستقبل بلادهم عبر صناديق الاقتراع.