بعد أسابيع قليلة من توليها حقيبة الخارجية، تزور أنالينا بيربوك موسكو في مهمة ينظر إليها كأول اختبار للسيدة الشابة لإبراز قدراتها الدبلوماسية أمام دبلوماسي عتيق من طراز لافروف. مهمة شاقة وملفات شائكة ومعقدة تنتظرها. وزير الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تلتقي نظيرها الروسي سيرغي لافروف في اول زيارة تقوم بها إلى موسكو بعد توليها منصبها (18.01.2022). في أول زيارة لوزيرة الخارجية الألمانية إلى روسيا منذ توليها مهمتها، ينتظر ألينا بيربوك مهمة شاقة في موسكو تتجلى في اقناع الجانب الروسي باستئناف عاجل لمفاوضات السلام في النزاع الأوكراني. وقالت بيربوك خلال مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء (18 يناير/ كانون الثاني 2022)، عقب محادثاتها مع نظيرها سيرغي لافروف، إنه من "المهم لأمن أوروبا" عقد اجتماع مقبل "بصيغة نورماندي" - أي بين أوكرانيا وروسيا بوساطة ألمانية-وفرنسية ، وأن "يلتزم الجميع بخطة مينسك" للسلام. وخلال زيارتها لكييف يوم أمس الاثنين، حيث التقت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكى ووزير خارجيته ديميترو كوليبا، وصفت بيربوك أن اجتماعاً بصيغة نورماندي يبقى "الطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق" لنزع فتيل الأزمة على الحدود الروسية الأوكرانية حيث احتشد عشرات الآلاف من القوات الروسية. ومن جانبه، شدد لافروف على أن روسيا لا ترى نفسها طرفا في النزاع. تجدر الإشارة إلى أن خطة السلام المتفق عليها لإنهاء الصراع في أوكرانيا معلقة حاليا، وسط اتهامات متبادلة بين كييف وموسكو بانتهاكها. وبشأن الضمانات الأمنية التي تطالب بها روسيا الغرب والمتمثلة في إنهاء توسع الناتو شرقا والتخلي عن انضمام أوكرانيا للحلف، قالت بيربوك: "نحن مستعدون لحوار جاد حول اتفاقات متبادلة وخطوات تجلب المزيد من الأمن للجميع في أوروبا"، مضيفة أن المحادثات التي جرت بين مجلس حلف شمل الأطلسي (الناتو) وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا كانت أولى الخطوات خلال الأسبوع الماضي. وأوضح لافروف أن روسيا تنتظر الآن مقترحات مكتوبة من الغرب . لكن متحدث عن الخارجية الألمانية أكد أن هذه الزيارة لا تدخل في إطار هذه المباحثات. زيارة في توقيت حرج وينظر إلى اجتماع بيربوك داخل ألمانيا، على أنه اختبار حقيقي لقدراتها الديبلوماسية بعد تعيينها في الثامن من كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي. والعلاقات مع روسيا تعتبر من الملفات الشائكة على طاولة الخارجية الألمانية في العقدين الأخيرين. وتجتمع الوزيرة الشابة بلافروف، وزير الخارجية الأطول خدمة في أوروبا، في وقت سجلت فيه العلاقات الثنائية بين البلدين تراجعاً حادّاً بسبب العديد من الملفات. وتُحمّل برلين موسكو مسؤولية تنفيذ هجوم إلكتروني على البرلمان الألماني في عام 2015 والهجوم على زعيم المعارضة أليكسي نافالني بغاز نوفيتشوك. إضافة إلى اتهامها بتورط الأجهزة الروسية في مقتل معارض روسي في "حديقة تيربارك" في برلين. على ضوء ذلك، أدان القضاء الروسي مواطناً روسياً، واتهمت برلين موسكو لاحقا بممارسة "إرهاب الدولة"، وتمّ طرد الدبلوماسيين من الجهتين. من جانه، دعا في هذا اللقاء وزير الخارجية الروسي إلى تحسين العلاقات بين البلدين، مشددا على أنه "لا بديل عن علاقة جيدة بين موسكو وبرلين"، وذلك "على قدم المساواة وبمراعاة المصالح الخاصة". بيربوك، من جانبها شاطرته الرأي حول أهمية العلاقات، متحدثة هي الأخرى عن أن "لا بديل عن علاقات مستقرة بين موسكو وبرلين"، وأنها تدرك جيّدا "البعد التاريخي العميق للعلاقة بين بلدينا". وأضافت بيربوك قائلة: "سنظل ممتنين إلى الأبد لشعب روسيا على المصالحة بعد أهوال الديكتاتورية النازية". زيارة دعم أمريكية تزامنا مع ذلك، يتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بليكن إلى أوكرانيا في "زيارة دعم"، على وقع المخاوف من غزو روسي لها، وفق بيان لوزارة الخارجية الأميركية. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن بيلكين سيلتقي في كييف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث "سيشدد التزام الولايات المتحدة في سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا". ومن المنتزر أن يتوجه بلينكن بعد ذلك إلى برلين لإجراء محادثات رباعية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا حول الأزمة الأوكرانية، وفق البيان. وأضاف برايس أن القوى الأربع ستتبادل وجهات النظر حول "الجهود المشتركة لردع عدوان روسي إضافي على أوكرانيا بما يشمل استعداد الحلفاء والشركاء لفرض عواقب كبرى وكلفة اقتصادية كبرى على روسيا ". وحذرت الولايات المتحدة روسيا مراراً من غزو أوكرانيا، وحثت كلا من الدولتين على العودة إلى مجموعة من الاتفاقات التي استهدفت إنهاء الحرب في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا. و.ب/ع.ج.م (رويترز، أ ف ب، د ب أ)
مشاركة :