بيروت - عكست واقعة طريفة ودرامية في نفس الوقت حجم ما بلغته الأزمة في لبنان بعد أن تمكن مواطن من سحب أمواله من أحد المصارف وقدرها 50 ألف دولار تحت التهديد بإحراق المصرف بمن فيه بعد أن احتجز رهائن داخله وسكب البنزين على عدد من الموظفين. والواقعة على ما تضمنته من عنف وخطر وبحكم ما قد تشكله من تهديد أمني وأسلوبا إجراميا قد يتبعه آخرون لسحب ودائعهم بالدولار في ظل قيود مشددة على السحب، اختزلت مأساة يعانيها لبنانيون كثر أموالهم في حكم المحجوزة بسبب تلك القيود. ومنذ نحو عامين تفرض المصارف اللبنانية قيودا على أموال المودعين بالعملة الأجنبية، لا سيما الدولار الأميركي كما تضع سقوفا قاسية على سحب الأموال بالليرة اللبنانية (حسب قيمة الوديعة والمصرف) وذلك على إثر أزمة اقتصادية ومالية طاحنة. وذكر شهود عيان أن مواطنا يدعى 'ع.س' دخل إلى مصرف في بلدة جب جنين بمحافظة البقاع، مطالبا بسحب 50 ألف دولار من حساب وديعته وعندما رفض المصرف طلبه، هدد بتفجير وإحراق المصرف. ووفق الشهود، قام المواطن بفتح حقيبة كانت بحوزته وفي داخلها قنبلة ومادة بنزين وتمكن من احتجاز المواطنين والموظفين الذي كانوا داخل المصرف ثم قام بسكب مادة البنزين على بعض الموظفين وفي أرجاء المصرف مهددا بإشعال النيران، في حال لم يتسلم أمواله. وسادت حالة من التوتر والذعر في المكان، فيما ضربت القوات الأمنية طوقا حول المصرف، كما تم استدعاء سيارة إطفاء تابعة للدفاع المدني اللبناني. وبحسب الشهود، فإن القوى الأمنية حاولت التفاوض مع المواطن تجنبا لاستخدام القوة حرصا على سلامة الجميع. وبعد نحو 3 ساعات من مفاوضات شاقة تمسك فيها المواطن بمطلبه كما تمسك بتهديداته، انتهت الواقعة من خلال منحه الأموال التي طالب بسحبها من حسابه كاملة وقدرها 50 ألف دولار وبعدما قام الأخير بتسليم الأموال إلى أحد أفراد عائلته، سلّم نفسه إلى القوى الأمنية. وعلقت قناة 'الجديد' اللبنانية على الواقعة بالقول "سبع من آل سباعي أخذ حقه بيده.. وبالمعنى الحرفي للكلمة احتجزوا أمواله.. فاحتجزهم داخل المصرف وهدد بحرق البنك على من فيه". وبين الحين والآخر، يُنفذ المودعون وقفات احتجاجية أمام البنك المركزي والمصارف التجارية للمطالبة للمطالبة بـ"الإفراج عن أموالهم المحتجزة" لدى البنوك. وتعد هذه الواقعة، إحدى تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان منذ أواخر 2019، حيث أدت إلى انهيار مالي ومعيشي وتراجع غير مسبوق في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار. وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها، في الوقت الذي تعاني فيه المصارف من شح في السيولة والنقد الأجنبي. ولا توجد حتى الآن مؤشرات على نهاية قريبة للأزمة على الرغم من تحقيق الحكومة خرقا في جدار الجمود السياسي بعد أن أنهى الثنائي الشيعي: حزب الله وحركة أمل تعطيل انعقاد أول جلسة لمجلس الوزراء منذ تشكيل حكومة نجيب ميقاتي في سبتمبر/ايلول من العام الماضي. وتطالب الجهات المانحة لبنان بتنفيذ إصلاحات قاسية شرطا للإفراج عن قروض وهبات بمليارات الدولارات للمساعدة في إنقاذ الاقتصاد الذي يقف على حافة الانهيار.
مشاركة :