تعليق ((شينخوا)): الجاني الحقيقي وراء فخاخ الديون

  • 1/21/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بكين 20 يناير 2022 (شينخوا) في كتابه الأكثر مبيعا "اعترافات قاتل اقتصادي"، شرح جون بيركنز كيف كان يعمل لدى شركة أمريكية لإجراء محادثات مع مسؤولين عالميين لقبول قروض بنى تحتية كبيرة. وقال إنه في حال نجاح القاتل المأجور تماما، "فإن القروض ستكون كبيرة لدرجة اضطرار المدين للتخلف عن سداد مدفوعاته بعد بضع سنوات". وقد كشف ذلك عن قمة جبل الجليد فيما يتعلق بالديون المفرطة التي تسببت بها الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، عن قصد أم لا، إلى جانب بعض البلدان الغربية والمؤسسات المالية الأخرى. وعادة ما بدأ الأمر بأسعار فائدة منخفضة، ويرجع ذلك أساسا إلى تفضيل واشنطن لذلك، الأمر الذي أدى إلى زيادة اعتماد البلدان النامية على الأسواق الغربية، إلا أنه بعد ذلك ساءت الأمور عندما باتت تكاليف الاقتراض مرتفعة إلى حد وجد معه المدينون أنفسهم عالقين في فخ. في الأساس، هذه هي الهيمنة المالية الأمريكية في الواقع، في شكل هيمنة الدولار. وكان من بين الضحايا في القرن الماضي أفريقيا وأمريكا اللاتينية. في السبعينيات من القرن الماضي، اقترضت العديد من دول أمريكا اللاتينية من مجموعة كبيرة من الدائنين بقيادة البنوك التجارية الأمريكية بأسعار فائدة حقيقية تقارب الصفر، بتشجيع من الحكومة الأمريكية، من أجل التنمية الاقتصادية. وبالتالي، ارتفعت الديون بشكل هائل. لكن، بعد سنوات، شددت الولايات المتحدة وأوروبا سياساتهما النقدية، حيث بدأت البنوك التجارية في تقصير فترات إعادة السداد وتحصيل أسعار فائدة أعلى على القروض. وسرعان ما وجد المدينون في أمريكا اللاتينية أن أعباءهم لا يمكن تحملها، وما تلا ذلك كان أزمة ديون حادة ومطولة إلى حد أدى إلى اكتساب ثمانينيات القرن الماضي بالكامل اللقب التحذيري "العقد الضائع". لقد كرر التاريخ نفسه في الآونة الأخيرة. فعندما احتفت الولايات المتحدة في منتصف العقد الماضي بانتعاشها الاقتصادي من الأزمة المالية العالمية في 2008 وانطلقت لإنهاء برنامجها لتحفيز التيسير الكمي، ارتفعت المعدلات بشكل حاد، الأمر الذي زاد مرة أخرى من أعباء ديون الأسواق الناشئة. والأسوأ من ذلك، أن الولايات المتحدة قد همشت البلدان الأقل نموا في اجتذاب التمويل الدولي، حيث امتصت واشنطن ديونها الخارجية ومنحت طالبي الأموال الآخرين جولة وعرة. خذ سريلانكا وماليزيا كمثال. ذكر تقرير صادر عن "تشاتام هاوس"، وهو مركز أبحاث بريطاني، أن مشاكل ديونهما نشأت أساسا من أسواق مالية خاضعة لسيطرة الغرب، من بين جهات أخرى. وفي مواجهة المعضلات، لم تمنح الأسواق الناشئة هذا العدد الكبير من الخيارات لإيجاد مخرج لها. وأشار تقرير لجامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا إلى أن سريلانكا بحلول منتصف العقد الأول من القرن الحالي لم تمكنت من الحصول على الكثير من قروض ميسرة من مصادر أخرى غير الصين. وتوجب عليها أن تحصل على قروض تجارية عالية الفائدة، وخاصة من بنوك أمريكية وبريطانية، وأن تصدر سندات سيادية دولية باهظة الثمن، ومعظمها اشتراها الأمريكيون. وحتى اليوم، لا تزال الجهات الفاعلة الغربية تتحمل حصة كبيرة من الديون الخارجية للبلدان النامية. وأورد تقرير "حملة اليوبيل بشأن الديون"، وهي مؤسسة خيرية بريطانية، أن 32 في المائة من الديون الخارجية الحكومية الأفريقية مستحقة لمقرضين من القطاع الخاص و35 في المائة لمؤسسات متعددة الأطراف، مع 55 بالمائة من مدفوعات الفائدة الخارجية لدائنين من القطاع الخاص. وذكر الرئيس الموزمبيقي فيليب نيوسي ذات مرة أن أولئك الذين يواصلون إلقاء العظات بشأن قضية الديون هم الذين تسببوا في مشكلة الديون في أفريقيا. وبالنسبة للبلدان النامية، فإن التنمية المستدامة هي الطريقة السليمة والفعالة لفك عقدة أعباء الديون الثقيلة. وهذا ما كانت الصين تساعد هذه البلدان على تحقيقه في السنوات الأخيرة. ومع تقديم القروض لمعالجة الفجوة في البنية التحتية في الداخل، يمكن لهذه البلدان النامية أن تخلق فرص عمل وإيرادات، وتتحول القروض إلى حافز للنمو المستدام بدلا من أن تكون عبئا. وبالتالي، فإن هذه القروض يجري الحصول عليها بسهولة من قبل البلدان النامية التي تشعر بخيبة أمل من مخططات القروض التي وضعتها النخب الغربية التي تقودها الولايات المتحدة. من بين القروض الصينية في القارة الأفريقية بين عامي 2000 و2015، دُفع حوالي 40 في المائة لمشاريع الطاقة، وذهب 30 في المائة إلى مشاريع البنية التحتية للنقل، وفقا لمبادرة أبحاث الصين- أفريقيا في جامعة جونز هوبكنز. وللتخفيف من ضغوط المدينين، تعمل الصين بنشاط على تعزيز تخفيف عبء الديون عبر إعادة هيكلة الديون وتعليقها وتخفيفها. وأبدت الصين دعمها لخطوة تخفيف عبء ديون البلدان الأفريقية وتنفذ بنشاط مبادرة مجموعة العشرين لتعليق خدمة الدين لأفقر البلدان، ولديها أعلى مبلغ تأجيل بين أعضاء مجموعة العشرين. وبعد تفشي وباء كوفيد-19، أعلنت الصين شطب ديون 15 دولة أفريقية في شكل قروض حكومية بدون فوائد كان من المقرر استحقاقها بحلول نهاية عام 2020. كما وثق باحثو جامعة جونز هوبكنز 16 حالة إعادة هيكلة ديون قيمتها 7.5 مليار دولار أمريكي في 10 دول أفريقية بين عامي 2000 و2019، ووجدوا أن الصين شطبت متأخرات متراكمة لا تقل عن 94 قرضا بدون فوائد تصل إلى أكثر من 3.4 مليار دولار. وذكر البحث أن الصين لعبت دورا هاما في مساعدة الدول الأفريقية على إدارة ديونها. بيد أن إجراءات الصين تم تجاهلها من قبل العالم الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة والتي لم تسهم إلا قليلا في تخفيف ديون البلدان النامية في مثل هذه الأوقات الصعبة. وبدلا من ذلك، لفقوا ما يسمى بفخاخ الديون لتشويه الصين ومبادرة الحزام والطريق. وتهدف حيلتهم إلى الحفاظ على هيمنتهم المالية وعرقلة التنمية المشتركة للصين وغيرها من البلدان على طول الحزام والطريق. وإذا كانت تلك الدول الغربية تهتم حقا بالعالم النامي، فعليها أن تثبت صدقها فقط من خلال تقديم الدعم الثابت الذي طالما تاقت إليه البلدان المدينة، بدلا من ممارسة خدعة "فخ الديون الصينية" القديمة. أو على الأقل، البقاء بعيدا عن طريق أولئك الذين يمدون يد العون حقا.

مشاركة :