ملف الفلسفة عبر التاريخ يتصدر 'الجوبة'

  • 1/22/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تضمن العدد الأخير الذي حمل الرقم 73 من مجلة "الجوبة" الفصلية التي تصدر عن مركز الأمير عبدالرحمن السديري الثقافي بالمملكة العربية السعودية الكثير من العناوين والموضوعات الثقافية المتنوعة، تصدّرها ملف بعنوان: "الفلسفة عبر التاريخ". الأسئلة الوجودية والحياتية وجاء في المقال الافتتاحي الذي كتبه المشرف العام على التحرير، إبراهيم بن موسى الحميد أن تعدد مناهج الفلسفة منحها متانتها، ووهبها ذلك ولادة أفكار جديدة مستمرة تعكس وعي الإنسان بوجوده ودوره في عالم متغير ومستمر، وأن الفلسفة كانت إحدى مسارات الثورات العلمية والمعرفية. وذهب الحميد إلى القول بأن بروز الحضارة الغربية وتفوقها، يرجع الفضل فيه إلى الفلسفة التي تغلغلت في تلك الأمم مانحة للعقل أهميته ومرجعيته، وقدمت الكثير للإنسانية حين طرحت الأسئلة الوجودية والحياتية، وكل ما يتعلق بالإنسان والوجود والحضارة والتقدم: ما أعطى الكثير لمعاني الحياة، للوصول إلى صناعة الحياة التي يحلم بها الإنسان، والتواؤم مع الواقع أو التمرد عليه. منهج فكري  وفي الملف الخاص الذي أفردته المجلة تحت عنوان "الفلسفة عبر التاريخ "، أكدت المجلة على أن الفلسفة هي منهج فكري تأملي تفسيري، يتضمن جميع العمليات الخاصة بالعقل التي تبحث في أسباب وجود الأمور، وكذلك جوانب الحياة المتنوعة، وأن كل منا يرى لنفسه فلسفته الخاصة التي يسعى من خلفها لبناء تفكير منهجي متوحد مع ذاته، تابع مع مجتمعه ومن حوله. كما أن الفلسفة تسعى إلى تقديم التفسيرات الواضحة المنطقية الكلية التي تعمل على البرهنة، وأن الفلسفة هي بمثابة مشروع شخصي للغاية، وأن الباعث على دراسة الفلسفة أسباب عديدة أبرزها رغبة في أن يفهم المرء نفسه والكون من حوله فهما تاما وكاملا. محبة الحكمة وفي مقالها الذي تصدّر العدد 73 من الجوبة، رأت الكاتبة التونسية  كاهنة عباس أنه بالرغم من أن المعنى الاشتقاقي للكلمة يعني في مجمله "محبة الحكمة"، إلا أنه من الصعب وضع تعريف للفلسفة، وذلك وأن ظهور الفلسفة وتطورها لم يكن له المكانة نفسها، ولا الصيرورة ذاتها في كل الثقافات وكل العصور. وأن الفلسفة خلال نشأتها اهتمت بطـبيعـة العالـم ومكوناته، ثم تشعـبت مواضيع بحثها لتشمل معرفة الإنسان لنفسه، ثم معرفته لحقيقة الوجود، إلى أن أسهمت تدريجيا في نشأة العلوم الصحيحة ثم العلوم الإنسانية. وفي ملف "الفلسفة عبر التاريخ" غاص بنا الكاتب اللبناني إسكندر داغر، في العوالم الفلسفية للروسي ليون شيستوف، ويُبيّن لنا كيف انتقل من فلسفة التراجيديا، إلى نقد العقلانية والبديهيات المتعارف عليها، ومن ثم نقده للعلم والمنطق – اللذين يجد أنهما دمرا الحسٌ الإنساني – في سبيل العودة إلى روحانية ما. وترجم لنا الكاتب والمترجم المغربي محمود الميشرافي "دوستوفسكي والوعي المشترك في الفلسفة.. ليف شيستوف عن دوستوفسكي"، وهو إبحار آخر يُضاف لما قدمه لنا إسكندر داغر عن الفلاسفة الروس. وفي مقالها "الفلسفة عبر التاريخ" أشارت لنا الكاتبة الأردنية الدكتورة آمال جبور، إلى أن "الفلسفة بنت المدن الاغريقية"، ثم سعت من خلال المقال للتعريف بالأصول التاريخية للفلسفة، وختمت المقال بتأكيدها على أن الإنتاج الذي قدمه الفكر الفلسفي عبر التاريخ مرتبط بوعي الانسان وتطور أفكاره، والذي ينطلق من محاولاته المستمرة في الوصول للحقيقة. تأثير الفلسفة الإسلامية في أوروبا وفي ذات الملف، وفي مقاله الذي حمل عنوان "الأسئلة الكبيرة في الفلسفة الإسلامية" عرض لنا الكاتب الأردني محمد العامري  كيف استطاعت الفلسفة الإسلامية ان تحفر في ذاكرة الشعوب الشرقية، والأوروبية كذلك، وكيف كان للفلسفة الإسلامية تأثيرها الكبير في أوروبا المسيحية، وذلك عبر ترجمة النصوص الفلسفية العربية والإسلامية إلى اللغة اللاتينية، وهو الأمر الذي أسهم في حدوث تحوّل كبير في الفلسفة اللاتينية خلال العصور الوسطي، وتحديدا ما يختص بالفلسفة الطبيعية، وعلم النفس، والميتافيزيقيا. وناقش الكاتب الأردني ضرار بني ياسين جدلية العلاقة بين الفلسفة والعلم، واعتبر أنه ومن خلال المنظور التاريخي " لم يكن ثمة استقلال بين الفلسفة والعلم، وأن العلاقة الموضوعية بينهما والتي تتعدى مجرد العلاقة التاريخية، دلّت في حقل المعرفة على أنه كان ينظر إليهما بوصفهما علما واحدا عند الفلاسفة". وفي مقال "الفلسفة بين الواقع والعالم" ناقش الكاتب السوداني راشد الذيب، دور ومكانة الفلسفة في عالم اليوم المثقل بالإنجازات العلمية الكبيرة، من غزو للفضاء إلى البيولوجيا الدقيقة، إلى اكتشاف الخريطة الجينية، وثورة الاتصالات التي أدخلت البشرية عصراً جديداً أصبح يعرف بالعصر الرقمي. وأما الكاتب التونسي، أيمن حسن، فقدّم لنا في مقاله "فلسفة الكتابة الشّذرية" قراءة في هذا الجنس من الكتابة، وكيف فتحت هذه الكتابة أفقا جديدا لقراءة أعمال الفلاسفة الكبار، وكيف تُمكننا من القاء أضواء جديدة على النصوص – الفلسفية – التي وصلتنا. نور العقل  ودار مقال الكاتبة الأردنية الدكتورة هناء بنت علي البواب "الفلسفة والحياة.. بين الخير والشر" في فلك فلسفة الحياة الحقيقية التي تستضيئ بنور العقل، والعلم الذي يقوم على الفضيلة. وذهبت الكاتبة المصرية، ليلى التلمساني، في مقالها "الفلسفة من الحياة إلى الفن"، إلى التأكيد على أن "حاجة الناس للتفلسف تعني قدرة الفلسفة في إزالة الغموض عن العالم، وطرح الأسئلة الفلسفية عن مجمل القضايا الشائكة، تلك التي تندرج ضمن ما هو ميتافيزيقي، وتلك التي تعبر عن صميم الحياة الخاصة بالمعاناة والألم والسعادة ورغبات الإنسان... و"أنه لا شيء يبقى يقينيا، ولا بديل من التفكير النقدي والتسليم بحق العقل في التساؤل وإثارة الممكن". وفي الملف أيضا، ترجمت لنا الكاتبة والمترجمة المغربية مونية فارس "السعادة الاجبارية". الصنعة في خدمة الموهبة وفي موضوعات العدد 73 من "الجوبة"، استمتعنا بملف آخر دارت مواده حول المسيرة الشعرية للشاعرة السعودية هند النزاري، وتضمن حوارا أجرته اسرة التحرير مع الشاعرة، وأجابت فيه عن الكثير من الأسئلة حول نشأتها الشعرية، وأهم المحطات في مسيرتها مع الشعر. وفي الملف استمتعنا قراءة الناقد والكاتب المصري، محمود قنديل في ديوان "اردت أن أقول لأمي" للشاعرة السعودية، هند النزاري، التي حافظت – من خلال ذلك الديوان – على إيقاع النص وموسيقاه بغير تكلف، ودون تصنع، واستدعت مفردات لغوية جميلة تمكنت من توظيفها برهافة لرفع قواعد النص، كما نجحت في استلهام أجواء ميتافيزيقية بهدف تقريب المسافة بين الطبيعة وما وراءها. وأخذنا قنديل إلى قلب المدارات العالم الشعري لهند النزاري المفعم بالأضداد " القهر/ الحرية/الانغلاق المجتمعي/الانفتاح/غياب القيم/حضورها "، وكيف قدمت نصا "يبوح بالكثير ويمهد لأسباب الاغتراب، وبواعث العُزلة، ويضع لبنات صلبة في بناء القصيدة، ويرينا بغير تحفظ اللحظات الآنية بما يتأجج داخلها من فورات وثورات ". وفي رؤية نقدية أخرى لديوان الشاعرة هند النزاري، قدمت لنا الناقد والكاتبة السعودية، سميرة بنت ضيفالله الكناني الزهراني، قراءة حملت عنوان " جماليات الانزياح.. قراءة في ديوان اردت أن أقول لأمي لشاعرة المدينة هند النزاري"، جاء فيها أن ديوان "أردت أن أقول لأمي" شعر منساب في مائة صفحة، من دون فواصل أو عناوين "فكأننا أمام قصيدة واحدة" ومشاعر تتفجر من قلب العنوان الذي تعتلي فيه الأم جوهر الشعور، فتجعل من الشعر أمنيات، ومن الحالة الشعورية حالة خاصة تموج بكل المشاعر والدلالات. كشف المسكوت عنه وفي قراءة لديوان آخر للشاعرة السعودية، هند النزاري، جعلتنا أكثر قربا من عوالم تلك الشاعرة، قدمت لنا الناقدة والكاتبة المصرية، الدكتور هويدا صالح معالجة نقدية حملت عنوان "رؤية العالم في ديوان بلقع"، وفيه عرضت لنا كيف أن الشعر فيما بعد الحداثة يقبل التعدد، والتنوع، والتجاور. وفي تلك المعالجة النقدية، نجحت الدكتور هويدا صالح، في أن تبين للقارئ رؤية الشاعرة السعودية هند النزاري للعالم، وكشفت عن الخطاب الثقافي في قصائدها، ورصدت التعالقات النصية التي نهض عليها النص الشعري، وتجليات ومستويات التناص فيه... وكيف أن الشاعرة لم تفارق رؤية القدماء للعالم، ليس على مستوى البنية والإيقاع والوزن والقافية فقط، بل على مستوى الرؤية. العوالم الإبداعية لمحمد مدخلي وفي إطار نهج المجلة في التعريف بالمبدعين السعوديين، احتوى العدد 73 من "الجوبة" على رؤية نقدية للكاتب السعودي، خلف سرحان القرشي، تناول فيها "ثيمة الظل في قصص محمد مدخلي القصيرة جدا".  وقد تناولت تلك الرؤية النقدية كيف يوظف القاص محمد مدخلي في بعض قصصه القصيرة جدا "ثيمة الظل" وكيف يستدعي ما يرتبط بها من سمات فنية وجمالية، وما لها من دلالات مختلفة، وما ارتبطت به من معانٍ في سفر المعرفة الإنسانية منذ فجر التاريخ، وعلى المستويين المادي والمجازي. وفي نصوص العدد، كنا على موعد مع ابداعات مدهشة لكتاب وكاتبات وشعراء وشاعرات أكثر دهشة، حيث عشنا مع البحر في قصيدة "البحر في عينيكِ" للشاعر علي بن حسين الصميلي، كما عشنا مع الدهشة في قصيدة " أحلام المومياء " للشاعر الأردني، أحمد نمر الخطيب. وتضمن العدد نصوصا وقصائد للشعراء والأدباء: عبدالكريم محمد النملة، ودينا بدر علاء الدين، وطاهر الزراعي، وهشام بن الشاوي، وهيفاء الجبري، وملاك الخالدي، وحامد أبوطلعة، ونورة آل بهيكل، وهند النزاري، ورشيد سوسان، وفريد النمر، ومنى حسن، ونادية أحمد محمد محمود، وجمانة سليم الطراونة، وأحمد اللاوندي، ولينا فيصل المفلح، وإبراهيم بن يحيي جعفري. الطفل الكامن بداخل لويز غلوك وفي زاوية مواجهات، ترجم لنا عبدالرحيم نور الدين  نص مقابلة كرين القايم، مع الشاعرة الأميركية لويز غلوك ونشرتها صحيفة لوفيغاروا الفرنسية. وفى المقبلة تتحدث الشاعرة الأميركية الجائزة على جائزة نوبل في الآداب، عن ذلك الطفل الكامن بداخلها، وكيف أنها كانت طفلة جميلة أرادت التحكم في حياتها، وكيف شعرت بأنها مختلفة عن الآخرين، وحلمها المبكر بأن تكون كاتبة، وكم هي تحب الناس، وكم تخشى من الموت. وفي زاوية مواجهات أيضا، حاور محمد نجيم، الباحث والمترجم الأردني، تيسير ابوعودة، ودار الحوار حول ما يشهده العالم من تحوّل جذري في ظل جائحة كورونا، والعزلة التي فرضتها الجائحة على الناس. وتابعنا أيضا، مقابلة عمرو بوقاسم، مع الشاعر السعودي، أحمد القيسي، الذي تحدث عن تجربته في الكتابة بقوله: "يُحمدُ لتجربتي في الكتابة أنها لا تؤمن بالثبات والاستقرار على حال واحدة". كما تحدث  القبيسي عن تأثير جائزة كورونا على الخطاب الإبداعي، وكيف اضافت إلى قواميس الأدباء مصطلح العزلة. وفي المواجهات، ترجم لنا الدكتور فيصل أبوالطفيل، ترجمة لمقابلة مع "جاك أتالي" والذي حذرنا من السلطة المفرطة لمن وصفهم بعمالقة الويب، وقدم لنا بعض المقترحات لـ"ترويض هذه الوحوش الرقمية". اسم الغاط ودلالاته اللغوية وفي زاوية "نوافذ" جال بنا الدكتور محجوب محمد آدم، في مركز السديري الثقافي ومكتبته، وقاعاته، وقدم لنا اطلالة على كلمة "الغاط" ودلالاتها اللغوية. وفي "نوافذ" أيضا، كتب لنا محمد على حسن الجفري "في مديح الحطب"، وحدثنا محمد عبدالرزاق القشعمي عن "حصة إبراهيم المنيف.. مترجمة كتاب الرواية العربية وشقيقة عبدالرحمن المنيف". كما تابعنا الكشف العلمي الجديد الذي أشار إلى أن موقع الجمل في مدينة سكاكا، هو أقدم موقع نحت بالعالم، وهو الكشف الذي عزز فرص مدينة سكاكا بمنطقة الجوف، في التحول لمنطقة عالمية على خريطة السياحة والآثار، وذلك بحكم تميزها بوجود آثار تُعد الأقدم في المملكة العربية السعودية، مثل أعمدة الرجاجيل، وقصر زعبل، والمنطقة الأثرية بسكاكا، وبئر سيسرا، وغار حضرة النبطي، إضافة إلى أقدم موقع استوطنه الإنسان في قارة آسيا، بالشويحطية قرب سكاكا. وفي زاوية "قراءات" قدمت لنا الكاتبة صفية الجفري، مقالاً حمل عنوان "كيف تُصلح قلبا مكسورا"، وكتب لنا رائد العيد مقالا حمل عنوان "في مديح العادي". وفي "قراءات" أيضا قرأنا مقال الدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد " خلاصة الأيام.. قصة يجب أن تروى ". وفي تلك المقالات التي وردت بزاوية "قراءات" على صفحات العدد 73 من مجلة "الجوبة" طاف بنا الكتاب من خلال مقالاتهم الثرية، بين الكثير من القضايا والمواقف الإنسانية التي نستخلص منها العظة والعبرة، وكيف نتعلم من مواقف الآخرين، ونستفيد من تجاربهم الحياتية والعلمية. واحتوى العدد 73 من "الجوبة" على تقرير شامل وكامل أعده لنا محمد صلاح أبوعمر، حول ما شهده مركز عبدالرحمن السديري الثقافي، من أنشطة وفعاليات اجتماعية وثقافية خلال الشهور الماضية، واختتم العدد بمقال "بين بورخيس وساباتو" للكاتب السعودي، صلاح القرشي، وجاء المقال في لغة شيقة، وقدم لنا الكاتب من خلاله قراءة ممتعة في كتاب "محاورات بيونس اريرس" الذي ترجمه أحمد الويزي، وصدر عن دار شهريار، وجمع فيه الصحفي الأرجنتيني، أورلاندو بارون بين العملاقين خورخي لويس بورخيس، وارنستو ساباتو، حيث تحدثا عن الأدب والسينما والأحلام.

مشاركة :