شهدت القاهرة في الآونة الأخيرة مجموعة من المعارض الفنية تضمنت أعمالاً لفنانين تشكيليين برعوا في النهل من الطبيعة والبيئة المحيطة بهم، كما مزجت بعض اللوحات بين الواقع والفانتازيا، وسجلت جميع المعارض إقبالاً واسعاً من متذوقي الفن التشكيلي ونقاده. تحت ثلاثة عناوين مختلفة، هي: "مسارات الروح"، و"شجرة الجميز"، و"مصرف كفت" تناغمت إبداعات ثلاثة فنانين للإبهار، بأفكار بعضها مستوحى من البيئة والطبيعة، والبعض الآخر اختارت فيه الريشة والألوان المزج بين الواقع والفانتازيا. أول هذه المعارض هو "مسارات الروح"، وتحمل لوحاته توقيع الفنان السكندري إبراهيم الطنبولي، ويستضيفه غاليري "ديمي" بضاحية الزمالك. وحول هذا المعرض، قال الناقد محمد مرسي: "إن أرقى أنواع الفن هو الذي عندما تشاهده يترك لديك أثراً ما، وأعمال إبراهيم الطنبولي تحاول أن يكون لها هذا التأثير، حيث إن لديه القدرة على أن يدخلك عالمه من أول وهلة، فتصبح أسير هذا العالم الذي يقع بين الواقع والفانتازيا أو الحقيقة والخيال، وهو العالم المفضل لدى الطنبولي الذي يمارس فيه ألعابه السحرية، بعد لحظات من متابعة المتلقي لأي عمل له يكتشف أن هناك مشاعر تغيَّرت وعوالم اكتشفتها لم تكن موجودة". وفي "مسارات الروح" يمارس الطنبولي لعبته المفضلة في أن يأخذنا إلى عوالم من الدهشة، وظف فيها إمكانياته الفنية من القدرة على التعبير بالخطوط والألوان إلى اختياراته المميزة من الأمكنة إلى الشخوص إلى حتى السنوغرافيا أو خلفيات هذه العناصر، لتجد نفسك في عوالم قريبة منك، وأخرى بعيدة تتفاعل معها، وتجد نفسك جزءاً منها، على خلفية من الإيقاعات والموسيقى والخيالات. قدرٌ كبير من الحركة والحيوية، وكأنك فعلاً تتنقل بين مسارات نفسية وروحية تُعيد من خلالها اكتشاف العالم من جديد. «شجرة الجميز» ومن المعارض التي لفتت الأنظار في الفترة الأخيرة، ذلك المعرض الذي استضافته قاعة الباب/سليم بدار الأوبرا المصرية، بعنوان "شجرة الجميز" للفنان د. أحمد عبدالكريم. وحول هذا المعرض، قال رئيس قطاع الفنون التشكيلية خالد سرور: "يتميز أسلوب أحمد عبدالكريم بالتنوع والثراء، وتُعد تجربته الفنية دليلاً واضحاً على ما يتمتع به من قدرات هائلة على صياغة أفكاره إبداعاً عذباً، سلساً، قادراً على إثبات البُعد الثقافي والبيئي، دلالياً وبصرياً، من خلال توظيف الرمز كأيقونات رئيسة في لوحاته، ووسيلة لإثارة عين وعقل المتلقي وجذبها لرموز يألفها وجدانه، وتمتد لتتلاقى مع جذوره الحضارية". وعن فلسفة ومضمون العرض، قال الفنان أحمد عبدالكريم: "شجرة الجميز كانت من بين أهم الأشجار التي تناولها الفنان المصري القديم من عدة محاور حياتية ودينية وطبية وفنية، فاعتبرها شجرة الأرواح على الأرض، ومنها انطلقت أسطورة نشأة الكون". «مصرف كفت» فيما شهد متحف الفن المصري الحديث معرضاً للفنان عبدالوهاب عبدالمحسن، بعنوان "مصرف كفت" سيطرت عليه أجواء السحر والمغامرة، وهذا العرض ينتمي لتجربة الفنان ذات الطابع الروحي الرومانسي، والتي تعكس ارتباطه وتأثره بمظاهر عاداته وتقاليده التي عايشها في طفولته وصباه، وتتجلى هذه الظواهر من خلال توظيفها كدلالات بصرية، مع إضفاء أبعاد جمالية وتعبيرية متنوعة، لتتوالد صورة مجازية شكلتها مخيلة الفنان، وجسدتها مفرداته. حكايات العشق بينما قال الفنان عبدالوهاب عبدالمحسن، عن المعرض: "مصرف كفت، هو مسرى ليلي مسكون بأساطير الطفولة، يقع في نهاية قريتي الصغيرة الفقيرة مجاوراً لطريق الجبانة والعائدين في الليل، وفي براح ظلمة الليل تمشي القراميط في مسرى ماء المصرف تحمل على أجسادها الداكنة حكايات العشق والهجر ولوعة فراق الأحبة، فعلى مصرف كفت كل الكائنات تخرج من مكانها وتطير في عتمة الليل فاردة أجنحتها ترف في خيالي، وترسم نفسها على صفحة الذاكرة، قراميط في شكل فراشات الطمي، طلاسم سفلية بالعشق مرة، والهجر والفراق مرة، وأمنيات لم الشمل آلاف المرات، ليكون القرموط في الأساطير رمزاً مقدساً للخصوبة وحاملاً لتعاويذ المحبين والحالمين بالإنجاب".
مشاركة :