وقعت الشابة إينيس مارينيو ضحية لما يُعرف بـ"الانتقام الإباحي" قبل سنوات إذ تعرضت لاعتداء جنسي قائم على الصور، لتأخذ الآن على عاتقها محاربة الظاهرة أوروبيا. فهل يكفل قانون الحماية الرقمية الجديد الامان عبر الانترنت وقعت الشابة البرتغالية إينيس مارينيو ظاهرة "الانتقام الإباحي" وتحارب الآن هذه الظاهرة داخل الاتحاد الأوروبي انتشر مؤخرا مصطلح أطلق عليه "الانتقام الإباحي" حيث يتم نشر صور على الانترنت بهدف الانتقام من أشخاص والإضرار بهم. إينيس مارينيو هي شابة برتغالية في عامها الرابع والعشرين كانت ضحية ظاهرة "الانتقام الإباحي" إذ تعرضت لاعتداء جنسي قائم على الصور. فقبل سنوات وعندما كانت على وشك الانتهاء من عملها في مقهى في العاصمة البرتغالية لشبونة، تلقت رسالة مزعجة على هاتفها الخلوي تخبرها بأن مقطعا مصورا يحتوى على صور حميمة لها نُشر عبر شبكة الإنترنت. "شعرت بالعجز وتوترت كثيرا وهرعت على الفور إلى المنزل لأكون مع أسرتي"، بهذه العبارات تستعيد مارينيو ذكرياتها المريرة وهي تستحضر ماذا حل بها في ذاك اليوم المشؤوم عندما كانت في عامها الحادي والعشرين. وفي مقابلة مع DW قالت: "قام شخص ما، كنت أثق فيه بنشر مقطع مصور حميمي فيما كُتب اسمي عليه وقد نٌشر على منصات إباحية فضلا عن تويتر وانستغرام". وأضافت "هذه الواقعة صدمتني". وتؤكد أنها لم تقف صامتة إزاء هذه الواقعة إذ ذهبت إلى الشرطة لتقديم شكوى، بيد أنها فوجئت بأن الأمر لا يقتصر عليها فحسب. وأضافت "رجال الشرطة كانون يرغبون في مساعدتي، لكنهم كانوا يواجهون كما كبيرا من قضايا مماثلة لقضيتي. لقد بدأ عام 2022 ولا تزال التحقيقات جارية". وعلى إثر ذلك، أنشأت مارينيو جمعية تدعى Não Partilhes وهي تقدم الدعم للفتيات والنساء اللاتي وقعن ضحايا لاعتداء جنسي عبر نشر صورهن في البرتغال. ورغم مرور السنوات، يبدو أن هاجس هذه الواقعة المريرة لا يزال يخيم على الشابة البرتغالية. رغم المأساة التي حلت بها، إلا أن إينيس مارينيو تؤكد أنها لن تسمح بإن تفسد هذه الواقعة حياتها وتوضح "في بعض الأحيان وأنا أسير في الشارع أشعر أن هناك شخصا ما ربما يقوم بتصويري وأشعر بالتوتر. لكني أذكر نفسي بأن قد تعافيت من أثر هذه التجربة وأنني امتلك القدرة على محاربة هذا المرض، لذا فأنا أمتلك القوة للصمود". مدى إنتشار مثل هذه الجرائم؟ وإزاء ذلك، هناك تساؤلات حيال انتشار جرائم الاعتداء الجنسي القائم على الصور، بيد أن الإجابة قد تكون صادمة خاصة مع انتشار استخدام الانترنت في حياة البشر. وفي هذا الصدد، نشر مركز HateAid الذي يساعد في محاربة العنف عبر الانترنت وحركة "لانديكر" للعدالة الرقمية دراسة جاء فيها أن النساء في الاتحاد الأوروبي تخشى بشكل خاص من الوقوع ضحية لهجوم عبر الإنترنت إذ تخشى 30٪ منهن من نشر صور عارية أو حميمة مزيفة. وفي ذلك، شددت كلير ماكغلين- أستاذة القانون في جامعة دورهام في المملكة المتحدة - أن البعض النساء لا يعرفن "ببساطة أنهن ضحايا لاعتداء جنسي قائم على الصورة". وفي مقابلة مع DW، أكدت ماكغلين على خطورة الأمر ليس فقط في الاتحاد الأوروبي وإنما في سائر أنحاء العالم، مضيفة "في بعض البلدان مثل كوريا الجنوبية يتم التقاط صور النساء في دورات المياه أو غرف تغيير الملابس في المحال التجارية حيث يتم نشر هذه الصور على مواقع إباحية دون علم هؤلاء النساء. وهذا الأمر الخفي يمثل مشكلة خطيرة". "لن تفسد حياتي"؟ وتصب هذه الظاهرة في صالح المواقع والمنصات الإباحية حيث أفاد موقع xHamster الذي يعد أحد أكبر المواقع الإباحية في العالم بزيادة طلب المستخدمين الراغبين في مشاهدة صور أو مقاطع مصورة تندرج تحت تصنيف "كاميرا خفية أسرية" أو "فضيحة". وبالعودة إلى مارينيو، فقد أوضحت الشابة كيف نُشر صور الخاصة بها على منصات التواصل الاجتماعي ، مضيفة "تواصلت مع إدارة موقع تويتر حيث حذفوا المقطع، بيد أن إدارة انستغرام قالت إنها غير مسؤولة عن كيفية مشاركة مجموعات لهذا المحتوى." انتشرت مؤخرا حوادث الاعتداء الجنسي القائم على الصور وقالت " تم مشاركة هذا المحتوى الخاص بي على انستغرام من قبل مجموعات بما في ذلك مجموعة تحمل اسم "الانتقام الاباحية ". أما جوزفين بالون- التي ترأس الشؤون القانونية في مركز HateAid- فأكدت أن محاربة هذه الظاهرة خاصة الاعتداء الجنسي القائم على الصور بشكل فعال يتطلب معالجة نشر هذه الصور على الإنترنت من البداية. وشددت في مقابلة مع DW على أهمية الأمر، مضيفة "تكمن المشكلة في أن العديد من الخوارزميات تلتقط مثل هذه الصور وقد يُعاد تحميلها وإعادة نشرها مرارا وتكرارا وفي الأحيان لسنوات". وقالت "بعض الضحايا يقمن في الغالب بالبحث بأنفسهن عبر محرك البحث غوغل للتأكد هل تم إعادة نشر هذه الصور أم لا، بل قد يصل الأمر إلى أن بعض الضحايا يتلقين رسائل من أناس شاهدوا هذه الصور واعجبتهم. لذا فإن النساء والفتيات اللاتي وقعن ضحايا لمثل هذه الأمور لا ينسين الواقعة ويشعرن دائما بالصدمة". بيد ان الشابة البرتغالية مارينيو لم تدع هذه الواقعة تبعدها عن العالم الافتراضي وتدفعها نحو الإنغلاق إذ شددت في المقابلة على أنها لم تغلق صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي. وأضافت "شعرت بأنني قوية بالقدر الكافي لمواجهة هذه الجريمة، كالاستمرار في ارتداء الملابس التي أحبها وأنشر صوري كما أحب، فأنا أريد أن أعيش حياة طبيعية ولن أسمح لهذه الجريمة أن تفسد حياتي". قانون الحماية الرقمي الجديد؟ ومع انتشار هذه الظاهرة في القارة الأوروبي ومن أجل ضمان سلامة العامة على شبكة الانترنت، وافق البرلمان الأوروبي الخميس الماضي على تشريع "قانون الخدمات الرقمية" الذي يهدف إلى أن دفع المنصات الكبيرة على الإنترنت إلى التعامل مع المحتوى غير القانوني الذي يُنشر عبر الإنترنت بشكل فعال. وفي هذا الصدد، قالت ألكسندرا غيز – نائبة في البرلمان الأوروبي والتي دعمت التشريع – إن القانون سيسهل على الضحايا "حذف والتخلص من هذه الصور عبر الإنترنت". وفي مقابلة مع DW، قالت "في حالة وجود هوية مجهولة تقف وراء الأمر، يمكن للضحية الاتصال بإدارة هذه المنصة وإظهار وجهها ومطالبة المنصة بحذف هذه الصور ". وأشارت جيز إلى أن التشريع الجديد يتضمن تسجيل أرقام الهواتف على المنصات الإباحية الكبيرة وتدريب المشرفين على المحتوى الإباحي للتأكد في قانونية الأمر. التحرك سريعا من جانبها، ترى كلير ماكغلين- أن دول الاتحاد الأوروبي يمكن أن تستفيد من تجارب الدول الأخرى في الوقت الذي لا يزال فيه النقاش مستمرا داخل أروقة التكتل الأوروبية حول آلية تطبيق التشريع. أنشأت إينيس مارينيو منظمة لمحاربة جرائم الاعتداء الجنسي القائم على الصور في البرتغال وأضافت "إذا تعرضت فتاة أو سيدة في أستراليا لإعتداء جنسي قائم على الصور، يمكنها الاتصال بمنظمي السلامة في أستراليا ومن ثم يتم حذف مثل هذه الصورة. هذه الطريقة فعالة لأن منظم السلامة هو جهة حكومية فهي تأخذ القرارات بشكل سريع وفعال". أما الشابة البرتغالية مارينيو، فأكدت على أهمية تثقيف صغار السن حول جرائم الإنترنت ، مضيفة "عبر المنظمة التي أعمل بها، أقوم بزيارة مدارس في البرتغال وأتحدث إلى الأطفال عن مأساتي وكيف يمكن لكل فرد أن يلعب دورا في محاربة هذه الظاهرة". وقالت "من المهم أن نؤكد أن أي شخص يمكن أن يقع ضحية لمثل هذه الجرائم، فلسنا وحدنا في يناضل من أجل العدالة والأمن عبر الانترنت". بريانكا شانكار / م ع
مشاركة :