دول «التعاون» تتجه لضبط ميزانياتها لمواجهة انخفاض أسعار النفط

  • 11/20/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أظهرت دول مجلس التعاون الخليجي في شهر أكتوبر/تشرين الأول بشكل أكبر من أي وقت مضى، نيتها ضبط ميزانياتها من أجل مواجهة تحدي انخفاض أسعار النفط. وبالتحديد، كانت هناك الكثير من التكهنات بأن يتم خفض خطط الإنفاق في السعودية للسنوات القادمة، وأن يتم اعتماد تدابير جديدة مدرَّة للدخل. أعلنت السعودية خلال الشهر الماضي، قيامها بدراسة رفع سعر البنزين على المستهلكين (الذي يعد ثالث أدنى سعر عالمياً). ورغم أن جهود المملكة لمواجهة تأثير انخفاض أسعار النفط في الاقتصاد المحلي من خلال رفع الإنفاق العام، قد أدت إلى زيادة في عجز الميزان التجاري والميزانية وارتفاع في إصدار الديون وانخفاض في احتياطي النقد الأجنبي، فقد حافظ الاقتصاد المحلي على نمو نسبي، إذ بلغ مؤشر مديري المشتريات (PMI) لشهر سبتمبر/أيلول مستوى 56.5، متراجعاً عن مستواه لشهر أغسطس/آب الذي بلغ 58، لكنه لا يزال أعلى من حاجز ال50 الذي يفصل بين النمو والانكماش. وواجهت الإمارات بعض الصعوبات مع التراجع المستمر في قطاع البناء وأسعار العقارات، وكذلك استمرار انخفاض أسعار النفط والغاز. وانخفض مؤشر مديري المشتريات (PMI) لشهر سبتمبر/أيلول إلى 56.0 مقارنة ب57.1 في أغسطس/آب، لكن المستويات ما زالت قوية، حيث لا تزال القراءات الثانوية للمخرجات والطلبيات الجديدة أعلى من 60. أما بالنسبة لقطر، فقد أعلنت الدولة عن أول زيادة في أسعار الخدمات للمستهلكين منذ عام 2002، وأنها ستفرض غرامات على إهدار المياه والكهرباء. وتمكنت عُمان من طرح أول إصدار من الصكوك السيادية، بإصدار محلي يستحق بعد خمس سنوات، وتجاوزت الطلبات حجم الإصدار المعروض 1.7 مرة. وخلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، قام صندوق النقد الدولي بتخفيض توقعات النمو لدول مجلس التعاون الخليجي لهذا العام والعام المقبل، الأمر الذي يرجع، بشكل رئيسي، بسبب انخفاض النفقات الرأسمالية. أما خارج دول مجلس التعاون الخليجي، فقد تم تخفيض قيمة الجنيه المصري مرتين خلال أسبوع واحد في أكتوبر (بما مجموعه نحو 2.6٪ من قيمته مقابل الدولار الأمريكي). وجاء خفض قيمة العملة مرتين- عبر مزادات العملات (الفوركس)، بعد خفضين آخرين خلال فصل الصيف. وتسببت قضايا العملة المصرية والتدابير الخاصة بتقييد الحصول على العملة الأجنبية، المثيرة للجدل، باستقالة محافظ البنك المركزي المصري خلال شهر أكتوبر. وعلى صعيد التصنيفات، هناك قرار (ستاندارد آند بورز) بخفض التصنيف السيادي للمملكة العربية السعودية الى A+/A-1 من AA-/A-1+ مع نظرة مستقبلية سلبية التغيير الوحيد المهم خلال الشهر. وقالت (ستاندارد آند بورز) إن ارتفاع العجز المالي الحكومي العام نتيجة للانخفاض الحاد في أسعار النفط كان العامل الرئيسي في هذا القرار، في حين تعكس النظرة السلبية، وفقا لوكالة التصنيف تحدي تغيير التدهور في الميزان المالي للسعودية. نظرة مستقبلية للأسواق وفي حين يفترض الكثيرون ارتباطاً وثيقاً لأسواق الدخل الثابت بدول مجلس التعاون الخليجي بسعر النفط، لكن الواقع يشير إلى ضعف نسبة الارتباط بين المؤشرات، مثل سندات دول مجلس التعاون الخليجي في مؤشر سيتي العام لسندات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - Citi MENA Broad Bond Index، وبين أداء أسعار النفط. ونرى أنه من السهل تفسير الضعف النسبي لأداء أسواق السندات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثلما حدث في أكتوبر، بأن البيتا، وهو معيار قياس التقلبات والمخاطر، كانت أقل مما هي عليه في بقية الأسواق الناشئة، إضافة إلى التوقعات بضعف فروق الفائدة إلى حد (بما في ذلك في الأسواق المتقدمة). ونظل حذرين بشأن توقعات الاقتصاد العالمي قبيل رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة، على الرغم من أننا نعتقد أن مثل هذا الارتفاع، إن حدث، سيوفر قدراً من الوضوح للأسواق العالمية بشأن حالة الاقتصاد الأمريكي. وفي الوقت نفسه نحن متفائلون بأن السيولة الإضافية التي توفرها البنوك المركزية في أوروبا والصين واليابان، تعزز ثقة المستثمرين. وفي المدى المتوسط، نسعى لتشكيل فكرة أوضح عن الكيفية التي تعتزم حكومات دول مجلس التعاون تكييف ميزانياتها تماشياً مع انخفاض أسعار النفط والغاز. وقد يمهد الاجتماع الوزاري في نوفمبر/تشرين الثاني الطريق لفرض ضريبة القيمة المضافة على نطاق دول المجلس. ومن الممكن أيضاً أن تتم تقوية ضريبة الشركات كوسيلة لمعالجة العجز المالي الذي تواجهه دول المجلس. نحن مهتمون، بصفة خاصة، بفهم كيفية اعتزام الحكومة السعودية للتعامل مع تزايد العجز المالي في الموازنة العامة المقبلة. ويبدو واضحاً أن الحكومات في دول مجلس التعاون ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سوف تتوجه بشكل متزايد للاعتماد على الوسائل التقليدية والمتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لتمويل الإنفاق، في الوقت الذي يتسبب انخفاض أسعار النفط بهبوط إيرادات الصادرات ما يؤثر سلباً في قدراتها المالية. موارد مالية ضخمة وكانت الحكومات قامت بإصدار سندات في الأسواق المحلية خلال العام الجاري لتغطية العجز الكبير في الميزانية، ونتوقع أن تستمر في هذا الاتجاه. في حين يبدو الوضع المالي لبعض الدول مقلقاً مع استمرار الحكومات في زيادة الإنفاق العام، فلا تزال لدى دول الخليج موارد مالية ضخمة، ويبقى الدين العام متواضعاً، ونشيد بالجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد في المنطقة، فضلاً عن الإصلاحات المتعلقة بالضرائب والدعم الحكومي التي بدأت بسبب انخفاض أسعار النفط. ومن المرجح التوجه إلى اقتصادات أكثر تنوعاً وحكومات تتميز بمرونة مالية أفضل مع سوق أكثر تطوراً وعمقاً للصكوك وأسواق الدين. مع ذلك، فإن النظرة المستقبلية على المدى القصير غير واضحة، حيث تشهد السوق تذبذباً في ضوء التكهنات بما قد يفعله الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر/كانون الأول. نتيجة لذلك، نعتقد أنه من الحكمة في مثل هذه ظروف المحافظة على السيولة للاستفادة من التغيرات التي تشهدها الائتمانات، والتي نحافظ على توقعات إيجابية بشأنها. *مدير الاستثمار في الصكوك العالمية وأدوات الدخل لدى فرانكلين تمبلتون للاستثمار (الشرق الأوسط)

مشاركة :