الحالة الصفرية في النظام الديموقراطي

  • 12/6/2013
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

فهاد محمد آل حشان في الستينيات من القرن الماضي تحدث (موريس دوفرجيه) عن حالة مفصلية خطيرة يتعرّض لها النظام الديموقراطي يكون فيها أمام ما يمكن تسميته بخطر وجودي، وضرب مثلاً لهذه الحالة بوصول حزب شيوعي إلى سدة حكم بلد ديموقراطي عن طريق الانتخابات دون أن يترافق ذلك مع تحوّل نظري أو مراجعة فكرية تجعل من هذا الحزب الشيوعي مؤمناً بالديموقراطية بشكل ينعكس على أدائه الفعلي في حكم البلاد. كان الخطر الذي استشعره دوفرجيه في هذه الحالة آتياً من عدة أوجه، فمن جانب نجد على رأس النظام حزباً شيوعياً لا يؤمن بالديموقراطية إلا بالحدود التي توصله إلى الحكم، وهذا ما يجعل مستقبل النظام الديموقراطي في هذه البلاد مهدداً بالزوال، ومن الجانب الآخر نجد أن المعارضة التي ستتصدى لبقاء هذا الحزب على سدة الحكم ستصطدم بالشرعية الديموقراطية التي اكتسبها هذا الحزب عن طريق الصناديق، وهذا أشبه ما يكون بموقف طوبائي خصوصاً إذا ما علمنا أن النظام الديموقراطي في هذه الحالة في طريقه إلى التلاشي فيما لو بقي موقف المعارضة بهذه المثالية. قد يكون ما مرت به القاهرة تحت حكم الإخوان قريباً جداً من هذه الحالة التي ناقشها دوفرجيه، فكلنا شهدنا وصول الإخوان إلى سدة الحكم في ظروف تبدو طبيعية ترافقت مع تصريحات من داخل الجماعة تدّعي وجود تحوّلات نظرية في فكر الجماعة جعلتها مؤمنةً باللعبة الديموقراطية بكل تفاصيلها، ولكن ما حصل على مستوى الممارسة السياسية لم يكن يثبت إلا العكس تماماً، حيث أظهر الإخوان من خلال أدائهم السياسي في حكم البلاد أن إيمانهم بالديموقراطية كان فقط من أجل الوصول إلى الحكم، فعن طريق مراجعة سريعة لأداء الإخوان الفعلي سيتبين لأي مراقب عدم وجود ما يثبت حقيقة التحوّل الفكري المزعوم الذي يضمن بقاء الديموقراطية وازدهارها في مصر التي قامت فيها الثورة طلباً لذلك. لم يحتمل المصريون بقاءهم في المنطقة الرمادية من الديموقراطية لأكثر من عام واحد، أو ربما كان هذا هو الحد الأقصى الذي تستطيع أن تصمد أمامه هذه الحالة الغريبة من الديموقراطية، فقد وصلت البلاد بعد عام واحد من حكم الإخوان إلى حالة انسداد سياسي جعلت من جميع الأطراف في الساحة السياسية المعارضة أمام تحد حقيقي في سبيل إنقاذ الديموقراطية، وعلى هذا الأساس تشكّلت جبهة الإنقاذ، وقد كان من حسن الحظ أيضاً أن البلاد ما زالت تعيش الحالة الثورية التي تجعل من شرعية الحزب الحاكم مرتبطة بالشارع ومدى الرضا الشعبي عنه، قبل أن تكون مرتبطة بالصناديق ونتائجها كما هو الحال في البلاد المستقرة سياسياً، وهذا ما ساعد المصريين على إنجاح مهمتهم في إنقاذ الديموقراطية بإزاحة الإخوان من الحكم بعد أن فشلوا في كسب ثقة الشارع الثائر معتقدين أن شرعية الصندوق ستكون كافية من أجل ضمان بقائهم في حكم مصر ما بعد الثورة، ولهذا كان رحيلهم مبكراً. لقد ودّعهم الشعب المصري على أمل أن يصحو قريباً وقد تحققت أحلامه بالعيش في ظل دولة ديموقراطية آمنة.

مشاركة :