روسيا لم تستوعب الدرس! | حسن ناصرالظاهري

  • 11/20/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم تتعرّض روسيا لخسارة عقب نهاية الحرب العالمية الثانية بمثل ما تعرّضت له أثناء غزوها لأفغانستان، في تسعينيات القرن الماضي، الأمر الذي دعا بالرئيس السوفيتي -آنذاك- «جورباتشوف» أن يعلن عن ضرورة انسحاب قوات بلاده من أفغانستان، مُصرِّحًا: (إن الحرب الأفغانية كانت كالجرح الغائر في جسد تاريخ روسيا، التي لم تتمكّن على مدى تسع سنوات من أداء مهامّها في أفغانستان، لقد لطّخت سمعة روسيا)، وبذلك الانسحاب، فشل الاتحاد السوفيتي في أن ينجح لجعل أفغانستان بلدًا شيوعيًّا، وتابعًا له. وأيّد الرئيس جورباتشوف في ذلك، المحلل الروسي «يوري كروبوف» الذي قال: (إن الاتحاد السوفيتي بغزوه أفغانستان قد وقَّع أمر إعدامه)، ومعروف أن التدخل الروسي في أفغانستان قد كلّف موسكو 50 مليار دولار، وآلاف القتلى، وعشرات الآلاف من الجرحى، وهو ما أدّى إلى تفكك الاتحاد السوفيتي، وانهياره اقتصاديًّا، وأعاق مسيرته في سباق التسلّح مع الغرب. ويبدو أن النظام الروسي الحالي لم يستوعب هذا الدرس، كما لم يتفهم الخلاصة التي وصل إليها جورباتشوف، والتي تشير إلى الإخفاق بعد حرب دامت تسع سنوات لطّخت -كما أشار- سمعة روسيا، وجاء النظام الروسي اليوم ليُحيي زمن التدخلات، بتدخّله في سوريا. لن يكون أهل «بطرسبورج» المدينة التي ينحدر منها الرئيس بوتين، والذين انتصروا على الجوع والعطش، وبرد الشتاء القارس خلال حصارهم الذي دام 900 يوم من قبل قوات هتلر، ولم يستسلموا، لن يكونوا أكثر شجاعة، ولا صلابة، من الشعب السوري العظيم، الذي آلى على نفسه على أن يلحق الهزيمة بأيّ قوة تستبيح أرضه، وتدمر بلاده، والتاريخ يسجّل بأنه لم يسبق لمحتل النجاح، فالأمريكيون الذين غزوا فيتنام، وقتلوا مليوني شخص، وخلّفوا 3 ملايين جريح، تكبّدوا 57 ألف قتيل، و153,303 جرحى، على الرغم من أن الفيتناميين لا يملكون حتى لأسلحة رشاشة، إلاّ أنّهم في النهاية انتصروا في حربهم، وأجبروا الغزاة على الانسحاب من أراضيهم. هناك مَن يرى أن الروس أدركوا بأن تدخلهم المباشر في سوريا لن يقودهم إلى تحقيق نتائج مثمرة، وأنهم تورّطوا، وسيدفعون الثمن غاليًا نتيجة هذا التورّط الذي كان بتشجيع من النظام الإيراني، الذي عجز هو الآخر عن تحقيق أيّ تقدم طوال الأربع سنوات الماضية، ولذلك بدا الروس -أكثر من أيّ طرف آخر- يسعون إلى إيقاف هذه الحرب، ويستعجلون في التوصل إلى حل سياسي خشية الاستغراق في العمل العسكري دون نتائج مثمرة، فالاتّصالات المتوالية التي يجريها الرئيس الروسي مع القادة العرب، والأوروبيين، والولايات المتحدة تؤكد ما ذهبتُ إليه، لاسيما وأن الطائرات الروسية تلقي بحممها بشكل عشوائي، ويبدو أن الطريق نحو إيجاد حل في سوريا سيكون طويلاً ومكلّفًا على الخزانة الروسية، طالما أن الروس متمسّكون برئيس النظام السوري، تساهم في إطالتها الانتخابات المزمع إجراؤها بعد 18 شهرًا، والسؤال الذي يطرح نفسه: على أيّ أرض ستجرى الانتخابات بعد أن أجبرت البراميل المتفجرة الشعب السوري على الشتات؟ وكيف يكون الأسد من بين المتقدمين للترشح لرئاسة سوريا، وهو مجرم حرب، قتل 350 ألف سوري، ودعا دولاً وميليشيات ليُشاركوه في قتل شعبه، وتدمير بلاده؟!. hnalharby@gmail.com

مشاركة :