يا سادة.. إيران لم تستوعب الدرس بعد

  • 6/24/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

المشكلة الأكبر لـ«عمائم قم» أنهم يجيزون فتاوى التدخل والعبث في الشؤون الداخلية لدول الجوار، ويعتبرونها مسرحاً لهم ولأذرعهم العميلة، اعتقاداً أن سياسة الترهيب هي التي تضمن لعمائمهم الاستمرار والاستقرار.. ومثلما كان الحضور الإسلامي البارز الذي أنتج "وثيقة مكة المكرمة" كانت الاستجابة السريعة للدعوة السعودية من الدول الخليجية والعربية والإسلامية الشقيقة للمشاركة في القمم الثلاث، لتؤكد الثقل السعودي البارز إقليمياً ودولياً، وتوضح الدعم الكبير الذي تحرص عليه المملكة لكل ما يسهم في وحدة الصف العربي والإسلامي من جهة، ومن جهة أخرى تعكس جهداً هائلاً لمعالجة قضايا المنطقة الملتهبة ولعل أهمها في الوقت الراهن التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية.. والتي وصفها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -في كلمته بافتتاح القمة الخليجية- بأنها تعد "تحدياً لمبادئ إرساء السلم" الإقليمي والدولي، وشدَّد على ضرورة اتخاذ موقف حازم وحاسم ضد إيران.. مشيراً إلى أن تقاعس المجتمع الدولي عن تحمل مسؤولياته تجاه الأنشطة التخريبية التي تقوم بها السلطة في إيران طيلة العقود الأربعة الماضية من رعاية للأنشطة الإرهابية وتهديد الملاحة البحرية وتوسيع نفوذها ومحاولة الهيمنة على المنطقة، هو ما "قادها للتمادي الذي نراه اليوم". بالتالي يمكن اعتبار قمم مكة الثلاث بأنها رسالة "تصدي" واضحة ومهمة للغاية بمواجهة الغطرسة الإيرانية المتعاقبة والمتزايدة، في خضم توترات التصعيد بين طهران وواشنطن، وعلى خلفية التهديدات الإيرانية لحركة الملاحة في الخليج وما يتبعها من زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. وهنا نفهم، أن البيانات الختامية للقمم الثلاث، إنما هي "حائط صد دفاعي" ضد التهديدات الإيرانية أولاً، ورسالة خليجية وعربية وإسلامية لنظام الحكم فيها، بأن العرب والمسلمين يقفون صفاً واحداً مع المملكة العربية السعودية -بصرف النظر عن الأذرع والعملاء- ومستعدة للدفاع معها بمواجهة أي خطر، وبمثل ما نتائج القمم تعكس الإدانة شديدة اللهجة للسلوك الإيراني المتعجرف ولكل أذرعه الإرهابية في المنطقة، فإنها أيضاً تكرس لانطلاقة منظومة مؤسسية للعمل العربي المشترك، وعلى من يريد أن يكون جزءاً منها أن يراجع مواقفه واصطفافاته في الإقليم، خصوصاً على وقع التصعيد العسكري، واستعراضات القوة والهيمنة في المنطقة.. لأننا كعرب حقيقة بتنا بين خيارين: إما أن تتشكل جبهة عربية ضد الغطرسة الإيرانية أو أن نستعد لموجات جديدة من التخريب والإرهاب، وطهران متمرسة جداً في هذا السلوك الفوضوي! لذا، مخطئ جداً من يعتقد أن القمم الثلاث تصعيد لـ "حرب" محتملة ضد طهران، لأن الحقيقة أنها إجراء "وقائي" لمحاولة ضبط السلوك الإيراني المستفز، ووقف تدخلاتها المباشرة وغير المباشرة في الإقليم والمنطقة، وأيضاً مخطئ من يحاول تصوير المشكلة في بعدها الطائفي على أنها صراع بين السنة والشيعة مثلاً -كما يحاول خطاب المظلومية الإيراني- بالعكس تماماً، أكثر من مرة طالبت الدول الخليجية إيران باحترام قواعد الجوار التاريخي والتقارب المذهبي، وكنا نتصور أن النزعة التوسعية الفارسية وصورة "شرطي الخليج" التي حكمت سياسات طهران خلال فترة حكم الشاه، قد انتهت للأبد مع قيام الجمهورية الإيرانية عام 1979 وبناء قواعد جديدة من التعاون المشترك على أساس جغرافي وديني وسياسي أيضاً، ولكن للأسف، امتدت صورة هذه النزعة الاستعلائية وكبرت وتزايدت مع حكم آيات الله الذين اعتقدوا قدرتهم على إخفائها تحت شعارات تصدير الثورة التى كانت ولا تزال جزءاً جوهرياً من سياسات طهران الوقحة لتبرير تدخلها فى شؤون الآخرين! مشكلة النظام الإيراني أنه غير قادر على استيعاب حقائق التعايش المشترك، وأنها لا يمكن أن تقوم أبداً بذات صورة "شرطي الخليج" القديمة، ولا بصورة "آية الله الثوري" الجديدة، والمشكلة الأكبر لـ "عمائم قم" أنهم يجيزون فتاوى التدخل والعبث في الشؤون الداخلية لدول الجوار ويعتبرونها مسرحاً لهم ولأذرعهم العميلة، اعتقاداً أن سياسة الترهيب هي التي تضمن لعمائمهم الاستمرار والاستقرار. هذا ما نحاول أن نوصله لهم، وربما كانت هذه الرسالة بالذات هي أهم ما صدر عن قمم مكة الثلاث، عنوانها التضامن الواسع مع المملكة، ومضمونها أن لا مكان في هذا العالم، وفي هذا الإقليم لمن يحاول أن يصدر متاعبه وأزماته الداخلية والسياسية للغير هرباً من استحقاقاتها المحتملة والمؤكدة.. والأهم، أن هذه الأرض المقدسة ليست وحدها، ولن تكون بإذن الله.

مشاركة :