انضمت مئات المنظمات التي تمثل آلاف الأفراد إلى الدعوة لمعاهدة عدم انتشار الوقود الأحفوري. وفي وقت سابق، دعا الدالاي لاما ومئة آخرون من الحائزين على جائزة نوبل لإنهاء التوسع في الوقود الأحفوري، بينما أعرب أكثر من 2000 أكاديمي وعالم عن دعمهم في خطاب مفتوح. سيتعين علينا العيش في عالم تصبح فيه الأحداث المناخية المتطرفة أكثر حدة وتكراراً، ولكن القاعدة الأولى للخروج من أي حفرة هي التوقف عن الحفر، ويتطلب ذلك عدم الخضوع لسلطة وتأثير جماعات الضغط المدافعة عن الوقود الأحفوري وحلفائها السياسيين. أصبح الآن إيجاد حل قابل للتطبيق لإدارة انحسار صناعات الوقود الأحفوري أكثر حرجاً مما سبق. وتقدم معاهدة عدم انتشار الوقود الأحفوري رؤية ومساراً للهيئة التي يمكن أن تبدو عليها قيادة العمل المناخي الدولي الحقيقي وجهود التعاون الدولي الصادقة بهذا الصدد. حطم صيف 2021 الشمالي كل الأرقام القياسية في الكوارث الطبيعية، وضمت القائمة العالمية الطويلة والمتنامية فيضانات في الصين وغرب أوروبا، وجفافا شديدا في أفريقيا، وغيرها. هذه بداية الفوضى المناخية، وهي تبعث رسالة صارمة: لم يعد باستطاعتنا الاعتماد على الأنماط التاريخية للتنبؤ بمستقبل الكوارث الطبيعية. والجدير بالذكر، أن أحدث تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ يعزو أحوال الطقس البالغة القسوة بوضوح إلى تأثير البشر على المناخ، مشيراً إلى أن الوقود الأحفوري تسبب في 86% انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال القرن الماضي. على مر العقود، تربحت قلة من الشركات الخاصة المملوكة للدولة والفاحشة الثراء والنفوذ من بيع هذا الوقود مع خداع العامة والتأثير على الحكومات لإحباط التدابير السياسية للتصدي لتغير المناخ. مثل هذا الخداع من قبل الشركات يفرض مشكلة معقدة على بلدان الجنوب بشكل خاص، والتي تسعى جاهدة لتحسين أمنها الاقتصادي. إن غياب آلية دولية للتعامل مع الوقود الأحفوري يعني استمرار الصناعة بالتوسع بشكل أكبر، حتى بعد توقيع اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015. وفقًا لتقرير فجوة الإنتاج الصادر عن الأمم المتحدة، فإن إنتاج الوقود الأحفوري المخطط له في عام 2030 يتخطى حالياً المستوى المسموح به في ظل ميزانية كربونية تتفق مع هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية بنحو 120%. ويهدد تنفيذ هذه الخطط بإطلاق العنان لتغير مناخي جامح، ولكن يبدو أن مؤيديها لا يخشون عقاباً، ما يُظهر بوضوح أن القادة السياسيين قد غضوا الطرف عن هذا المحرك الأكثر وضوحًا لفوضى المناخ. حتى من يطلق عليهم مسمى أبطال المناخ مثل كندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والنرويج يمررون مشاريع جديدة للوقود الأحفوري بينما يدقون ناقوس الخطر المناخي بالتوافق مع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. في حين أن التركيز على تقليل الانبعاثات ربما كان نهجاً معقولاً في أوائل تسعينيات القرن الماضي، فمن الواضح أنه ليس كافياً اليوم. نحتاج أيضاً إلى آلية تكميلية موجهة صراحة نحو تقييد إمدادات الوقود الأحفوري. وتعد معاهدة عدم انتشار الوقود الأحفوري إحدى الآليات التي تكتسب دعماً عالمياً وقادرة على وضعنا على المسار الصحيح نحو مناخ صالح للعيش. وتضاهي مثل هذه المعاهدة اتفاقيات دولية قائمة تهدف إلى الحد من تهديد الأسلحة النووية والألغام ونضوب الأوزون ومخاطر أمنية أخرى. أحرز العالم تقدماً في الأشهر القليلة الأخيرة فيما يخص الركيزة الأولى للمعاهدة المستقبلية، وهي الحد من الانتشار. وصرحت الوكالة الدولية للطاقة أن أي إنتاج جديد للوقود الأحفوري سيتعارض مع أهداف اتفاقية باريس، واتفق أعضاء مجموعة السبع على وقف تمويل مشاريع الفحم الجديدة، وحظرت العديد من الولايات القضائية جميع تصاريح الوقود الأحفوري الجديدة. الركيزة الثانية هي التخلص التدريجي الملائم. يجتمع علماء المناخ على حاجتنا إلى تقليص مخزون وإنتاج الوقود الأحفوري الحالي. حتى بدون أي مشاريع جديدة للفحم أو الزيت، سيُنتج العالم بحلول عام 2030 نحو 35 ٪ أكثر من النفط و69 ٪ أكثر من الفحم من المستوى المتوافق مع مسار الدرجة ونصف الدرجة المئوية. ثالثًا، ينبغي لمعاهدة جديدة أن تساعد على تمكين الانتقال العادل بعيدا عن الوقود الأحفوري من خلال عملية تعاون دولي يكون الإنصاف في جوهرها، فتقود الاقتصاديات الغنية المنتجة للوقود الأحفوري الطريق وتتقاسم منافع وأعباء الانتقال مع البلدان الفقيرة. * المديرة التنفيذية لشبكة العمل المناخي الدولية، وعضو اللجنة التوجيهية لمبادرة معاهدة عدم انتشار الوقود الأحفوري. ** رئيسة قسم السياسة البيئية الدولية في مؤسسة هاينريش بول، وعضو اللجنة التوجيهية لمبادرة معاهدة عدم انتشار الوقود الأحفوري، وعضو مؤسس في مجلس إدارة صندوق العدالة المناخية. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :