هامش المناورة يضيق على القوى الموالية لإيران في العراق |

  • 1/26/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تزداد الأوضاع تعقيدا بالنسبة إلى القوى الموالية لإيران في العراق بعد انتفاء الحلول القضائية وآخرها رفض المحكمة الاتحادية العليا الثلاثاء الطعن المقدم في جلسة انتخاب رئاسة البرلمان، وإصرار زعيم التيار الشيعي مقتدى الصدر على المضي قدما في حكومة أغلبية وطنية وإن كان ذلك دون هذه القوى. ومع تضاؤل هامش المناورة بالنسبة إلى القوى الولائية، حيث لم يعد أمامها سوى القبول بشروط الصدر للمشاركة معه في حكومة أغلبية وطنية أو الانتقال إلى صفوف المعارضة، سارع إسماعيل قآاني قائد فيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني إلى العودة إلى بغداد الثلاثاء، في زيارة هي الثانية له في أقل من أسبوعين. وتقول أوساط سياسية عراقية إن من بين أهداف زيارة قآاني إلى بغداد محاولة إقناع الصدر بتخفيف شروطه المتعلقة أساسا بحل الميليشيات وتسليم السلاح للدولة، في مقابل ذلك يمكن التوصل إلى حل لتشكيل حكومة أغلبية يشارك فيها جزء من الإطار التنسيقي ولا تضم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وهو ما يصر عليه الصدر. وتشير الأوساط إلى أن إيران ليست ضد تشكيل حكومة أغلبية وطنية في العراق شريطة أن تضم القوى التي تدين لها بالولاء، وهو ما يعمل عليه حاليا قآاني، لافتة إلى أنه من غير المستبعد أن تضغط طهران على المالكي لجهة التخلي عن طموح المشاركة في السلطة المقبلة والقبول بالبقاء في المعارضة، مقابل حصوله على ضمانات من بينها عدم تعرضه لتتبعات قضائية حول تهم فساد تلاحقه. وكان الصدر صرح الثلاثاء عقب قرار المحكمة الاتحادية بأنه ماض في تشكيل حكومة أغلبية وطنية، متحدثا للمرة الأولى عن عرض تقدم به لكل من زعيم منظمة بدر هادي العامري وزعيم كتائب عصائب أهل الحق قيس الخزعلي ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، واقترح فيه المشاركة في حكومة الأغلبية شريطة حل الميليشيات المسلحة وعدم مشاركة زعيم ائتلاف دولة القانون. إسماعيل قآاني قائد فيلق القدس في زيارة هي الثانية له إلى بغداد في أقل من أسبوعين وقال الصدر في خطاب مطول إنه عرض على وفد تحالف الفتح الذي زار الحنانة قبل فترة المشاركة في حكومة أغلبية وطنية بشرط استثناء المالكي، لكن لم يوافقوا قائلين “إما أن نأتي جميعا أو لا نأتي”. وأضاف الصدر أنه بعد تمسكه بتشكيل حكومة أغلبية جاء العامري بمفرده إلى الحنانة وتم الاتفاق على أن يشارك جزء من الإطار التنسيقي في الحكومة بعيدا عن المالكي، لكن “إلى اليوم أنتظر جوابهم لكن لا يوجد”. ولم يخل خطاب الصدر من توجيه اتهامات مبطنة للمالكي بالمسؤولية عن استشراء الفساد في العراق، حيث قال “لا بد من إبعاد بعض القوى السياسية التي تسببت بالفساد والنأي بالحكومة الجديدة الإصلاحية عنها”. ويلوم الصدر المالكي الذي ترأس الحكومة لدورتين متتاليتين (2006 – 2014) على استشراء الفساد وأعمال العنف، إضافة إلى اجتياح تنظيم داعش لثلث مساحة العراق صيف عام 2014. ويرى مراقبون أن موقف الصدر المتشدد حيال المالكي يتجاوز مسألة تورط الأخير في ملفات فساد، ذلك أن أغلب القوى السياسية ساهمت بشكل أو بآخر في تفشي هذه الظاهرة التي جعلت العراق يحتل المراتب الأولى عالميا في الدول الأكثر فسادا. ويلفت هؤلاء المراقبون إلى أن موقف الصدر من المالكي يعود إلى مخلفات سابقة، حينما عمد زعيم ائتلاف دولة القانون إلى تهميش التيار الصدري وتحجيم نفوذه، خلال توليه رئاسة الوزراء لفترتين، بالرغم من أن الصدر سبق وأن قدم الدعم للمالكي. ويعتقد كثيرون أن المالكي لن يذعن بسهولة لمحاولة عزله عن السلطة المقبلة، ما لم يتحصل على ضمانات بشأن عدم ملاحقته في قضايا فساد سبق وأن لوح بها التيار الصدري. ويشير المراقبون إلى أن قآاني سيحاول خلال زيارته الحالية إلى العراق الحصول على تعهدات من الصدر بشأن عدم تحريك قضايا فساد ضد زعيم ائتلاف دولة القانون والتخلي عن مطالبه لجهة حل الميليشيات، في مقابل تسهيل عملية تشكيل حكومة أغلبية وطنية. وانتقد الصدر خلال خطابه الاتهامات الموجهة إليه من بعض الأطراف التي تحمّله مسؤولية تفتيت البيت الشيعي من خلال تمسكه بحكومة أغلبية وطنية، وقال “حكومة الأغلبية الوطنية طالبت بها كل القوى السياسية خلال الحملة الانتخابية، وحين نطالب بها اليوم يقولون إنها ضرب للتشيّع والشيعة”. وشدد “كنا ولازلنا نقدم المصالح العامة على المصالح الخاصة والمصالح الوطنية لازالت بأعيننا، ولكن الإشكال الذي يطرح هو أن مقتدى الصدر ينحو منحى ضد التشيّع والشيعة وهذا ليس صحيحا”. واعتبر أن التصريحات التي تقول إنه ينوي حل الحشد الشعبي مجانبة للواقع، وأن ما يريده هو تنظيم الحشد وإرجاع هيبته وإخراج العناصر الفاسدة فيه وغير المنضبطة التي وجودها بات مضراً للحشد، ويمس بسمعة المذهب. وسبق أن طالب الصدر بإعادة هيكلة الحشد الشعبي وإخراج الميليشيات المتمردة وغير المنضبطة، وهو مطلب أثار مخاوف القوى الولائية التي رأت أن الأجندة المقبلة للزعيم الشيعي تشكل خطرا وجوديا عليها. Thumbnail وترى تلك القوى أن انخراطها في حكومة أغلبية قد يفرمل اندفاعة زعيم التيار الصدري، لكن ذلك يجب أن يسبقه الحصول على ضمانات بشأن عدم التعرض لأي من الميليشيات وشكل مشاركتها في الحكومة والبرنامج المطروح لها، والذي لا يجب أن يكون في أولوياته محاربة الفساد. وكان الصدر تحدث في خطابه عن هذه النقطة، حيث أكد أن هناك من القوى من رفض صراحة أن يكون وقف الفساد والهدر مطلبا رئيسيا، وأضاف أن أحدهم ذهب إلى حد القول “إذا نحارب الفساد رح تمتلئ السجون”. ويعتقد المراقبون أن الخيار الأكثر واقعية بالنسبة إلى القوى الولائية هو الانخراط في حكومة أغلبية وإن كان ذلك دون المالكي، لأن خلاف ذلك قد يقود إلى سيناريوهات مميتة بالنسبة إليهم كالدخول في مواجهة مفتوحة مع التيار الصدري الذي يملك قاعدة شعبية وازنة كما لديه ميليشيات مسلحة. وعقب خطاب الصدر صرح عضو تحالف الفتح محمود الحياني بأن هناك “حوارات ولقاءات منتظرة لتوحيد الرؤى السياسية لتشكيل الحكومة القادمة”، موضحاً أن “الحكومة المقبلة ستكون ممثلة لجميع القوى وتحظى بقبول مختلف الأطراف حتى تكون قوية وقادرة على إدارة البلد اقتصادياً وأمنياً”. وأضاف “ربما في الأيام القريبة سيكون هناك اتفاق بين الفرقاء السياسيين في البيت الشيعي، وستكون هناك حوارات مقبلة”، لافتاً إلى أن “الحوارات لم تنقطع طوال الفترة الماضية بين جميع الأطراف الشيعية، وكلها تبحث عن تشكيل حكومة قوية قادرة على إدارة الملفات العالقة”. وأشار الحياني إلى أن “اجتماعات الإطار التنسيقي مستمرة إلى حين تشكيل الحكومة وبعد ذلك ستكون هناك لقاءات ليس مع الكتلة الصدرية فقط بل مع جميع الكتل السياسية لتقريب وجهات النظر والرؤى السياسية”.

مشاركة :