يتصدر القطاع المصرفي الإماراتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كأكبر قطاع مصرفي وطني، وأكثرها أماناً واستقراراً، فيما يتمتع بسيولة عالية جداً، مكنته من توفير التمويل اللازم للمشاريع الكبرى خاصة في قطاع البنى التحتية، فيما يتوقع أن تنمو أرباح البنوك وإيراداتها بنسب أعلى خلال العام الحالي، مع طرح الكثير من الاكتتابات الأولية الجديدة، وتعافي الاقتصاد الوطني وعودة النشاط إلى مستويات ما قبل «كوفيد - 19»، وفقاً لخبراء ماليين واقتصاديين. وتظهر بيانات مصرف الإمارات المركزي أن القطاع المصرفي الإماراتي عزز مكانته كأكبر قطاع مصرفي في المنطقة، بزيادة إجمالي موجوداته بقيمة 108 مليارات درهم لتصل إلى 3.296 تريليون درهم بنهاية نوفمبر 2021 مقارنة مع 3.188 مليار درهم بنهاية ديسمبر 2020، بنمو بلغت نسبته 3.4%، ما يعتبر مؤشراً على دخول الاقتصاد الوطني الإماراتي مرحلة انتعاش جديدة، وارتفاع مستوى جاذبيته للاستثمار والشركات والمستثمرين عامة، بحسب البيانات الإحصائية الصادرة حديثاً عن مصرف الإمارات المركزي. ووفقاً للبيانات الصادرة عن مصرف الإمارات المركزي، فإن الموجودات الأجنبية للبنوك العاملة بالدولة ارتفعت بقيمة 62.5 مليار درهم خلال الفترة منذ بداية العام الماضي حتى نهاية شهر نوفمبر 2021، لتبلغ 911.5 مليار درهم مقارنة مع 849 مليار درهم، وهذه تمثل أذرع البنوك الإماراتية في الأسواق الدولية، سواء من خلال الاستثمارات أو الودائع، أو الشركات والفروع التابعة لها في الأسواق الخارجية. وأما المطلوبات الأجنبية لدى القطاع المصرفي الإماراتي فقد زادت بقيمة 50 مليار درهم تقريباً، لترتفع إلى 765 مليار درهم بنهاية نوفمبر 2021 مقارنة مع 715 مليار درهم بنهاية ديسمبر 2020، وهو مؤشر مهم على جاذبية السوق المحلية لرؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، وهو أيضاً مؤشر ثقة كبيرة بالقطاع المصرفي الوطني الإماراتي وارتفاع مستويات وعناصر الأمن والأمان لدى البنوك الإماراتية، وفقاً للمعايير الدولية. وتظهر البيانات أن الودائع المصرفية لدى البنوك العاملة بالدولة (59 بنكاً) قد سجلت ارتفاعاً كبيراً بلغت قيمته 82.5 مليار درهم خلال فترة المقارنة ذاتها، ليبلغ 1.967 تريليون درهم بنهاية نوفمبر 2021 مقارنة مع 1.8845 تريليون درهم بنهاية عام 2020، مسجلة نسبة نمو بلغت 4.4%، ما يؤكد متانة القطاع المصرفي وقوته ويعكس ثقة المودعين وعملاء البنوك في الدولة والخارج، باعتباره أحد أكثر القطاعات المصرفية أماناً على مستوى العالم. ويؤكد ذلك أن البنوك الإماراتية استطاعت استقطاب 74.5 مليار درهم ودائع جديدة للمقيمين بالدولة وأكثر من 8 مليارات درهم ودائع جديدة من الأجانب غير المقيمين بالدولة خلال فترة المقارنة نفسها. محمد العسومي محمد العسومي وتظهر البيانات ارتفاع السيولة الإجمالية في السوق المحلية بقيمة 60 مليار درهم لتبلغ 1.830 تريليون درهم بنهاية نوفمبر 2021 مقارنة مع 1.770 تريليون درهم بنهاية 2020 بنسبة نمو 3.4%، ما يعتبر مؤشراً على مستويات نمو الاقتصاد الوطني الكلي خلال الفترة ذاتها. وقال الدكتور محمد العسومي الخبير الاقتصادي: إن القطاع المصرفي في دولة الإمارات يعتبر قطاعاً رائداً في المنطقة وساهم في عملية التنمية منذ بدايتها، وبالأخص تمويل البنى التحتية اللازمة للتنمية وكذلك القطاع العقاري، إلا أن الائتمان المصرفي المقدم للقطاع الصناعي لا زال متواضعاً. من جهة أخرى، تتوفر للمصارف في الدولة إمكانيات هائلة لتطوير دورها التنموي، كما أن تحول الدولة إلى أهم مركز مالي في منطقة الشرق الأوسط وأحد المراكز المالية العالمية يعطي دفعاً قوياً للقطاع المصرفي لتنمية أدواته التمويلية والاستفادة من موقع الدولة في النظام المالي العالمي، وهذه مسألة مهمة لا بد من الاستفادة منها. محمد علي ياسين محمد علي ياسين وقال محمد علي ياسين الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء في شركة الظبي كابيتال، إن موجودات القطاع المصرفي نمت بنسب جيدة في عام 2021، وهو دليل على أن الأصول والودائع في ارتفاع وفي تعافٍ مستمر، وكذلك السيولة متوفرة بشكل كبير في البنوك، والدليل على ذلك انخفاض أسعار الفائدة على الإقراض، خاصة على المدى القصير. وقال: مع ارتفاع أسعار النفط أيضاً، سيرتفع مستوى الودائع المصرفية بالدولة لأن الكثير من الودائع الحكومية يتم إيداعها في البنوك المحلية. وأضاف: أن الإقبال الكبير على الاكتتابات العامة التي طرحت مؤخراً دليل على توفر السيولة الاستثمارية العالية، لافتاً إلى أن هناك الكثير من الإصدارات، خاصة في الربع الأول من العام الحالي 2022، والتي يتوقع أن تؤدي إلى دعم وزيادة أرباح البنوك وإراداتها. كذلك يتوقع أن يتم رفع أسعار الفائدة خلال العام الحالي، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على زيادة أرباح البنوك بالدولة، وهذا يزيد قوتها ومتانتها. وأضاف: لا يوجد لدى المستثمرين في الدولة أي قلق من أية عوامل يمكن أن تؤثر سلباً على أرباح البنوك في المرحلة الحالية. أمجد نصر أمجد نصر مركز عالمي من جهته، قال أمجد نصر الخبير في الصيرفة الإسلامية بالسوق الإماراتية، إن البنوك الإماراتية تعتبر بين أكثر البنوك أماناً في العالم، موضحاً أن البنوك الإماراتية راكمت خبرات في العمل المصرفي مكنتها من المساعدة على تحويل الإمارات إلى مركز عالمي متقدم في خدمة أسواق المال وأسواق رأس المال. وأوضح نصر أن آلاف الشركات العالمية الكبرى تتخذ اليوم مقراً رئيسياً لها أو مقراً لمكاتبها الإقليمية في دولة الإمارات، لما تمتع به الدولة من بنية متطورة جداً للخدمات المالية، تعتبر بين الأكثر تطوراً في العالم، كما تملك مؤسسات مصرفية عالمية المستوى، وكوادر متمكنة ذات خبرة ومهنية عالية، نجحت في تطوير العمل المصرفي الإماراتي ليصبح أحد القطاعات الأفضل عالمياً. وقال نصر: يتميز القطاع المصرفي الإماراتي بقدراته التنافسية العالمية من حيث القدرة على التمويل بأسعار تنافسية جداً من جهة، ومن حيث القدرة على توفير التمويل اللازم للمشاريع الكبرى التي تحتاج إلى مليارات الدولارات، ولا يمكن لها الحصول على التمويل المصرفي إلا بوجود بنوك كبيرة ذات ملاءة عالية وتملك السيولة اللازمة، وفي الوقت ذاته قادرة على احترام المعايير المفروضة والأنظمة السارية فيما يتعلق بإدارة السيولة والتركزات الائتمانية وغيرها. وائل أبومحيسن وائل أبومحيسن سيولة عالية إلى ذلك، أكد وائل أبومحيسن المدير العام لشركة غلوبل للأسهم والسندات، أن القطاع المصرفي الإماراتي يمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، وهو القطاع الذي تعتمد على قوته وملاءته قطاعات الأعمال الأخرى. وأوضح أن البنوك الإماراتية تتمتع بمتانة عالية وثقة كبيرة من طرف المستثمرين والمودعين على حد سواء، مبيناً أن البنوك الوطنية الإماراتية، تتمتع بمستويات عالية جداً من السيولة، ما يجعلها منافسة في تقديم التمويل اللازم بأسعار وتكلفة مشجعة على الاستثمار للشركات العاملة في الأسواق المحلية لدولة الإمارات. وبين أبومحيسن أن القطاع المصرفي الإماراتي يعتبر ذا أهمية كبيرة عالمياً وإقليمياً وليس فقط على المستوى المحلي، نظراً لأن دولة الإمارات أصبحت اليوم مركزاً مالياً عالمياً يحسب حسابه في التعاملات المالية الدولية. وقال: إن البنوك الإماراتية بين الأكثر موثوقية وأماناً على مستوى العالم، كما أن السياسة النقدية المستقرة وأسعار صرف الدرهم الإماراتي الثابتة تجاه الدولار الأميركي، منذ عدة عقود دون تغيير جعل السوق الإماراتية واحدة من أكثر الأسواق في المنطقة والعالم جذباً للمستثمرين ورؤوس الأموال، والبنوك المحلية الأكثر جذباً للمودعين بشكل عام. ولفت أبومحيسن إلى أن هذه السياسة المبنية على عناصر الثقة والأمان ساهمت في نمو القطاع المصرفي الإماراتي ليصل إلى ما هو عليه اليوم، باعتباره أكبر قطاع مصرفي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والأكثر أماناً وموثوقية على مستوى العالم. وأضاف: لذلك، ليس من المستغرب أن يبلغ تدفق السيولة الأجنبية من غير المقيمين بالدولة إلى البنوك الإماراتية، ما يقارب 5 مليارات درهم كمعدل وسطي شهري خلال العام الماضي.
مشاركة :