جاذبية نظريات المؤامرة في الخطاب السياسي التركي | ألكسندرا دي كرامر

  • 1/26/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

خلال مقابلة مباشرة مع قناة سي.إن.إن تورك، استخدم وزير المالية التركي نورالدين نبطي نظرية المؤامرة لشرح المشاكل الاقتصادية في البلاد. وقال إن الليرة خسرت ما يقرب من 40 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، لأن “الاحتياطي الفيدرالي لم يكن مؤسسة مستقلة” وبدلا من ذلك “تديره خمس عائلات كبيرة”. وتحظى نظريات المؤامرة على الرغم من سخافتها بتأييد بين القادة الأتراك. وأصبح نشر المعلومات المضللة عن الآخرين (من ألمانيا إلى وكالة المخابرات المركزية إلى منظمة فتح الله غولن) دفاعا سياسيا أساسيا لسبب وجيه: يشكّل الأتراك جمهورا متقبلا له. وبالعودة إلى أبريل 2018، عندما سجلت الليرة مستوى قياسيا منخفضا بلغ 4.5 ليرة للدولار، وجدت شركة ميتروبول لاستطلاعات الرأي ومقرها أنقرة أن 42 في المئة من الأتراك يعتقدون أن “تراجع الليرة كان مؤامرة من قوى أجنبية”. وبعد سبعة أشهر، ذكرت شركة الاستطلاعات كوندا أن 48 في المئة من الأتراك يعتقدون أن “العالم تديره خمس عائلات كبيرة”، بينما اعتبر 23 في المئة فقط أن هذا خاطئ. ومع استمرار هذه الاتجاهات، فلا عجب أن يستمر قادة اليوم في مواكبة التمثيلية. وليس من المفيد أن يكون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو نفسه منغمسا في خطاب ما بعد الحقيقة. فعلى سبيل المثال، يكمن السبب الرئيسي وراء المشاكل الداخلية لأردوغان في “لوبي أسعار الفائدة”، الذي يقول إنه كان يخطط بنشاط (بمفرده) للانهيار الاقتصادي في تركيا، وهي فكرة انتشرت لأول مرة خلال احتجاجات حديقة غيزي في 2013. ثم نجد “العقل المدبر”، وهو مصطلح يستخدمه القادة للإشارة إلى مجموعة منتشرة في كل مكان تعارض ما يزعمون أنه صعود تركيا الحتمي. حتى أن شبكة التلفزيون الموالية للحكومة آي هايبر أنتجت فيلما وثائقيا بعنوان “العقل المدبر” في 2015. و”كشف” التحقيق الذي استمر ساعتين أن العقل المدبر يتكون بالكامل تقريبا من اليهود ويركع العالم أمام إرادته في البحث عن “تابوت العهد” الذي يرجع إلى 3500 سنة. وهذا كلام مجنون. ولكن على الرغم من أن وسائل الإعلام الموالية للحكومة مثل آي هايبر وشبكة تي.آر.تي الحكومية سجلت نتائج كارثيّة في التصنيف الدولي من حيث الموضوعية، إلا أنها تظل بعض القنوات الإخبارية الوحيدة التي يشاهدها مؤيدو حزب العدالة والتنمية الذي يشكل قاعدة أردوغان. كما اتهم الرئيس المؤسسات الإخبارية المستقلة ومنصات التواصل الاجتماعي بالترويج للأكاذيب وتهديد الديمقراطية، مما يزيد من تآكل مصادر المعلومات غير السياسية في البلاد. وليست كل نظريات المؤامرة بريئة مثل تلك التي تتناول معاهدة لوزان للسلام. فللبعض عواقب حقيقية. ونذكر على سبيل المثال هوس أردوغان بتشويه سمعة جورج سوروس مؤسس مؤسسات المجتمع المفتوح، باعتباره “ذلك اليهودي الذي يمول احتجاجات حديقة غيزي”. وأدى هذا الاحتجاج إلى إغلاق مكاتب مؤسسات المجتمع المفتوح التركية في 2018، بعد احتجاز رئيسها في تركيا هاكان ألتيناي و13 من زملائه وإدانتهم بمحاولة الإطاحة بالحكومة. وسُجن فاعل الخير عثمان كافالا، الذي أطلق عليه أردوغان لقب “مخلّفات سوروس”، لأكثر من أربع سنوات أيضا. وكان استخدام نظريات المؤامرة يُعتمد كدفاع للسياسيين الأتراك لتبرير إخفاقاتهم لفترة طويلة. ولكن في ظل غياب مصادر موثوقة والوصول المفتوح إلى المعلومات، فليس هناك ما يوقف صعود نظريات المؤامرة بين النخبة السياسية في تركيا. كما يحذر الصحافي مصطفى أكيول “أصبح التفكير التآمري مشكلة وطنية”، حيث أصبح المثقفون والقراء عاجزين عن تغيير السرد. وفي تركيا المعاصرة، حيث يتم تسييس الحقائق، أصبح تبادل الآراء شبه مستحيل.

مشاركة :