سر جاذبية «نظرية المؤامرة»!

  • 10/16/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«الأرض مسطحة.. فضائيون على شكل سحالٍ يحكمون العالم.. التطعيم خطر على الصحة.. كورونا مؤامرة عالمية….. إلخ». ليست العبارات السابقة ضلالات يرددها مصابون بجنون الارتياب، بل عبارات يؤكدها ملايين الأشخاص حول العالم ويدافعون عنها باستماتة.. وتمتلئ مواقع الإنترنت بمن كرسوا وقتهم لذلك.. ولم تكن هذه مجرد طُرفة تطالعها كي تضحك وتضرب كفاً بكف.. بل أصبحت لها تداعيات مخيفة بعد أن أصبح المؤمنون أكثر تنظيماً وتأثيراً.. مثل الداعين لإنكار وباء كورونا وما يترتب على ذلك من عدم اتباع التدابير الصحية ورفض الكمامات، وهو ما يساهم في تفشي الوباء أكثر.. لماذا يؤمن الناس بمثل هذه الأشياء؟ تعتبر نظريات المؤامرة جذابة لكثيرين لأنها تعطيهم تفسيراً سهلاً للعالم.. الاعتقاد في مؤامرة بسيطة يدبرها أشخاص قليلون يحكمون العالم، أسهل من رؤية عالم معقد تتشابك فيه آلاف العوامل والمؤثرات التي تحكمها متغيرات وقوانين اجتماعية واقتصادية وعلمية متداخلة.. نظرية المؤامرة أسهل وأكثر تشويقاً.. حرص العلماء على دراسة هذا النمط من التفكير، ومن بينهم الدكتور ستيف كلارك Steve Clarke الباحث في جامعة تشارلز ستورت، وجامعة أوكسفورد، الذي حدثنا عن هذا الأمر قائلاً: - نظريات المؤامرة تساعد أتباعها على فهم العالم من حولهم بطريقة جذابة تعينهم في توجيه سلوكهم.. لكن بعض هذه النظريات ليس جذاباً بالضرورة.. اعتقاد مدمر يتابع كلارك: - لا ننكر أن بعض نظريات المؤامرة صحيحة. فقد تآمر ريتشارد نيكسون للتغطية على تورطه في فضيحة ووترغيت. لم نعد نعتبر هذه نظرية مؤامرة، رغم أنها - من حيث اللفظ - نظرية مؤامرة! ليس التفكير في مؤامرة ما، خطأ بالضرورة.. لكن ينبغي الانتباه حين تكون الأدلة عبثية وغير منطقية، مثل اشتراك ملايين الأشخاص حول العالم لإخفاء الحقيقة عنك.. مثل الاعتقاد بأن ملايين الطيارين والعلماء ورواد الفضاء من مختلف الثقافات والبلدان حول العالم، اتفقوا على أن يخفوا عنك أن الأرض مسطحة دون سبب واضح! هناك مؤامرات مزعومة تناقض المنطق، رغم أن تأثيرها عميق في أتباعها.. يقول كلارك: -.. بعض نظريات المؤامرة مؤلمة لأصحابها جداً، لكنهم يعتنقونها رغم ذلك.. فمثلاً، تشير إحدى الإحصاءات إلى أن نحو 20% من الأميركيين الأفارقة يعتقدون أن فيروس نقص المناعة البشرية/‏‏‏ الإيدز هو من صنع حكومتهم لقتل السود! الاعتقاد بأن حاكمك يتآمر لخلق أمراض كي يقتلك، أمر مؤلم للغاية بلا شك، وله تداعيات سلبية على أكثر من مستوى.. العنصر المفقود بما أن أغلب هذه المعتقدات تفتقر للمنطق، فما هي المهارة الذهنية التي تنقص أتباع نظريات المؤامرة؟ يقول كلارك: - المشكلة الرئيسية عند الكثير من هؤلاء، هي رفض التخلي عن الفكرة عندما تكون الأدلة غير مؤكدة. فغالباً ما تظهر أدلة واضحة على بطلانها، لكن منظريها يصرون عليها رغم ذلك ولا يتخلون عنها، بل يزيدون عليها افتراضات إضافية لتأكيدها.. مثل توسيع دائرة المتآمرين المتورطين! (فمثلاً: لو جاء شخص بدليل ضد نظريتهم، سيجعلونه جزءاً من المؤامرة!).. هذا ليس تفكيراً سليماً.. بدلاً من إنكار الأدلة والإصرار على توسيع نطاق الافتراضات الخيالية، يجب التخلي عن نظرية المؤامرة التي تواجه أدلة كبرى ضدها. الفلسفة هي الحل ماذا عن كيفية التخلي عن طريقة التفكير هذه؟ يجيب كلارك: - الحل هو تدريس التفكير النقدي في المدارس والجامعات، لأن هذا يساعد على تعزيز التفكير التحليلي. هناك أدلة علمية تؤكد أن الناس عندما يفكرون بشكل تحليلي، فإنهم يكونون أقل عرضة لقبول نظريات المؤامرة التي لا أساس لها. ويمكن الرجوع لدراسة نشرت في دورية كوجنيشن تحمل عنوان: «التفكير التحليلي يقلل الإيمان بنظريات المؤامرة» لمزيد من التفاصيل.

مشاركة :