رغم الجهود الكبيرة المبذولة في تركيا للحدّ من آثار التلوث الذي تعاني منه البيئات البحرية حول العالم، لا تزال أنواع السلاحف البحرية تتعرض لمخاطر تهدد بقاءها بسبب زيادة معدلات التلوث. وتعتبر السلاحف البحرية واحدة من أقدم المخلوقات البحرية على كوكب الأرض، وتم سن عدة قوانين ومعاهدات دولية تخص السلاحف، هذه الكائنات البحرية التي عاشت منذ الأزمنة السحيقة وعاصرت الديناصورات وغيرها من الكائنات الضخمة واستطاعت التأقلم والتكيف ولم تنقرض مثل غيرها من الكائنات. هذه المخلوقات أصبحت مهددة كغيرها بالانقراض بسبب تخريب موطنها على اليابسة، كما تعرضت أماكن تعشيشها للتدمير والتغيير بحجة الازدياد السكاني والأنشطة البشرية المختلفة. السلاحف البحرية التي تقوم الأوساط العلمية بمراقبتها لحمايتها وضمان استمرارها تكافح من أجل البقاء أمام تزايد مخاطر التلوث وراقب فريق من المختصين مناطق نشاط السلاحف البحرية التي يعود تاريخ وجودها إلى 110 ملايين عام، وتمكن على مدار عامين، من جمع بيانات مهمة حولها من الشواطئ التركية في ولايات موغلا (غرب) وهطاي وأضنة وأنطاليا (جنوب) وإسطنبول (شمال غرب) وريزة (شمال شرق). ومن خلال المقاطع المسجلة، تمكن الفريق من توثيق حياة السلاحف البحرية ومناطقها، وذلك في المنطقة الممتدة من ساحل “إيزطوزو” أقصى شمال الساحل الغربي لتركيا إلى ساحل “سامانداغ” في أقصى الجنوب. ومن أصل 7 أنواع من السلاحف البحرية في العالم، تقوم السلاحف ضخمة الرأس من نوع “كاريتا كاريتا” والسلاحف البحرية الخضراء باستخدام الشواطئ التركية المطلة على البحر المتوسط للتعشيش. بدوره، يقوم مركز إعادة تأهيل أبحاث وإنقاذ السلاحف البحرية في تركيا برصد مناطق التعشيش وعلاج أو إعادة تأهيل السلاحف البحرية المصابة ومناطق تعشيشها. بالإضافة إلى ذلك، يقوم مركز “سامانداغ” لحماية السلاحف البحرية بإجراء أبحاث ودراسات حول حماية السلاحف البحرية والمحافظة على مناطق تعشيشها. وتكافح السلاحف البحرية -التي تقوم الأوساط العلمية بمراقبتها بشكل مستمر بغرض حمايتها وضمان استمرارها- من أجل البقاء أمام تزايد المخاطر بسبب ارتفاع معدلات التلوث. مركز سامانداغ لحماية السلاحف البحرية يجري أنشطة مهمة لمراقبة وحماية السلاحف في ساحل "سامانداغ" بولاية هطاي مركز سامانداغ لحماية السلاحف البحرية يجري أنشطة مهمة لمراقبة وحماية السلاحف في ساحل "سامانداغ" بولاية هطاي وتعتبر عوامل مثل التلوث البلاستيكي في البحر وعلى اليابسة والبقع النفطية وأنشطة الصيد الجائرة وتغير المناخ، من الأخطار التي تؤثر سلبا على تعداد السلاحف البحرية حول العالم، في الوقت الذي يشكل الحفاظ عليها أهمية كبيرة بالنسبة إلى توازن النظم البيئية والبحرية العالمية. ولفت يعقوب كاسكا، رئيس مركز إعادة تأهيل أبحاث وإنقاذ السلاحف البحرية في تركيا، إلى أن المركز ومنذ عام 1988، يقوم بالمراقبة ومتابعة مناطق التعشيش في شاطئ “إيزطوزو” بولاية موغلا البالغ طوله 4.5 كيلومتر. وذكر كاسكا، أن المركز وفي بداية سنوات نشاطه تمكن من تتبع حوالي 40-50 سلحفاة بحرية أمّ في الشاطئ الذي كان يحتوي في ذلك الوقت على 150 عشا. وتابع “اليوم، وصل عدد أعشاش السلاحف البحرية في إيزطوزو إلى 700-750 عشا، بمعنى آخر، زاد عدد السلاحف الأم القادمة إلى هذا الشاطئ ما يقرب من 3-4 أضعاف". السلاحف أصبحت مهددة كغيرها بالانقراض بسبب تخريب موطنها على اليابسة كما تعرضت أماكن تعشيشها للتدمير بحجة الازدياد السكاني وأوضح كاسكا أن عدد السلاحف البحرية المصابة التي تم إحضارها إلى المركز في السنوات الأخيرة يتراوح بين 40 و50 سلحفاة بحرية، وأن المركز تمكن من إنقاذ 55-60 في المئة من هذه السلاحف. وحول المخاطر التي تتعرض لها السلاحف وأسباب إصابتها، قال “تقوم السلاحف بأكل الأكياس البلاستيكية التي يتم إلقاؤها في البحر معتقدة أنها مواد يمكن التغذي عليها، هذا يتسبب في انسداد جهازها الهضمي وتراكم الغازات المعوية، وبالتالي نفوقها”. وتظهر بعض اللقطات سلحفاة بحرية من الإناث تحاول وضع بيضها في منتجع شاطئ في منطقة ألانيا بمقاطعة أنطاليا، وفشلت بسبب التقاط السياح للصور. وتُظهر اللقطات السلحفاة باستخدام زعانفها لتجريف الرمال وإنشاء ثقب، وتأمل أن تضع بيضها في الرمال، لكن التقارير المحلية تشير إلى أن عملية وضع البيض للحيوان قد توقفت بسبب التقاط الصور والفيديوهات. وقال كاسكا “بالإضافة إلى ذلك، فإن الزوارق السريعة تشكل خطرا على السلاحف البحرية، إذ أن اصطدامها بها يؤدي إلى كسر قوقعاتها، كما يمكن لمراوح الزوارق أن تلحق أضرارا بالغة بالسلاحف”. مخاطر محيطة بنا من كل جانب مخاطر محيطة بنا من كل جانب وتابع موضحا “حتى الآن، جرى نقل ما يقرب من 450 سلحفاة بحرية مصابة إلى مركزنا، حيث قمنا بمعالجة جروحها وإعادة تأهيلها وإرسالها إلى البحر مجددا”. وقال بكداش سونماز مدير مركز “سامانداغ” لحماية السلاحف البحرية، “إن المركز يجري أنشطة مهمة لمراقبة وحماية السلاحف في ساحل سامانداغ بولاية هطاي”. وأشار سونماز إلى أن عدد الأعشاش في المنطقة ارتفع إلى أكثر من ألف في السنوات الأخيرة، مشددا على ضرورة إجراء دراسات علمية تبحث في مخاطر التلوث على الحياة البحرية بما في ذلك حياة السلاحف وأعدادها. ووفقا لبيانات العامين الماضيين (2020 و2021)، فقد بلغ عدد سلاحف “كاريتا كاريتا” التي عششت على ساحل “إيزطوزو” بولاية موغلا ألفا و492 سلحفاة، فيما عششت 3 آلاف و243 من السلاحف البحرية الخضراء على ساحل “سامانداغ”. وتصل أعداد البيوض الموضوعة من قبل السلاحف في هذه الأعشاش نحو 130 ألف بيضة سنويا، ينجو منها ما معدله واحد من كل ألف فقط.
مشاركة :