زمن الماديات والكماليات الزائفة

  • 1/27/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لكل مرحلة زمنية معطيات ومتغيرات وتحديات تفرزها المستجدات الحضارية وتستوجب علينا اكتساب أدوار إيجابية في التعامل معها وفرض سلوكيات رفيعة لتقنين عدم إساءة استغلالها لتهذيب طبائع البشر كي تضبط اتجاهاتها وتوجه مساراتها وتحفظ توازنها وتحكم مسيرتها وتحسن إدارة التعامل معها بما يتسق مع أخلاقياتنا وقيمنا الوطنية التي تحث على النظام والانضباط والمصداقية والعفة مراعاة لحقوق الآخرين وحق مجتمعنا ووطننا علينا؛ فالتقدم الحضاري والرقي يقتضي انضباط المسار وتوازن المسيرة وتهذيب السلوك وعلو الذوق القائم على التقيد بالقيم والأخلاقيات فيما يبث على المنصات الإلكترونية للتواصل الاجتماعي من محتوى لها رسائل مؤثرة أخلاقياً واستهلاكياً، وربما يستلزم الأمر معه في مرحلة ما فرضه بالقانون وصولاً للإيمان بالدور والمسؤولية القانونية والمجتمعية والوطنية لحفظ الفرد والجماعة. إن مما لا شك فيه أن غياب القيم والأخلاقيات والأصالة والاحتشام في السلوكيات والممارسات، وأن الحضور والظهور المبتذل ونشر الانحلال وتضليل الناس مدعاة لانتشار الفساد الأخلاقي والاستهلاكي، وإن عدم الالتزام بالأنظمة في أي مجتمع سبب لتفشي العلل والفوضى، ولا جدال في تأثير ذلك على مسار السلوك الطبيعي للنشء وبخلق جيل هش لا يعي دوره المجتمعي العظيم ومسؤوليته الوطنية الكبيرة وسبل إبرازهما بالشكل الذي يليق بهما؛ فما يقوم به كثير ممن يزعمون بأنهم "مشاهير" أو "مؤثرون" على المنصات الإلكترونية لوسائل التواصل الاجتماعي من استعراض مصطنع وخارج عن المألوف للماديات والكماليات الزائفة وترويجها للتأثير على سلوكيات وتصرفات الغير والتغرير بقراراتهم تعدى أثرها دائرة ممارسة الحق الشخصي، ويشكل استهتاراً بما تحث عليه الأنظمة إجمالاً من أحكام تدعو إلى الانضباط والحرص على عدم بث أي محتوى يحفز على التفاخر في الإنفاق المصطنع، أو المباهاة المزيفة في الصرف، أو تدعو للانحلال والتغرير بالآخرين في تنافس مشين وإسراف بيّن وتعدّ ظاهر وغش فاضح تجاوز مرحلة التوازن وحدود الاعتدال والأخلاق المحمودة ونتج عنه إثقال الكواهل بما لا يطاق؛ وهذا ما يقود إلى القول بأن تلك السلوكيات والممارسات لا تعكس حقيقة ما يفترض أن يتحلى به مجتمعنا بكافة مكوناته وأطيافه من خصال حميدة وقيم عالية، وهو ما يستلزم وقفة نظامية حازمة تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي مع كل من يقف خلف بث لمحتوى تافه استهلاكياً، أو يدعو للابتذال الأخلاقي، ولا يتسق مع قيمنا وأخلاقنا الرفيعة التي تعكس حقيقة واقع مجتمعنا ودرجة وعيه ونضج ثقافته وعلو ذوقه وحسن أدبه، باعتباره يشكل خروجاً على الالتزام والتقيد بالأنظمة في السلوكيات والممارسات المنضبطة والحضور الراقي.

مشاركة :