السوريون يتفنّنون في صنع رجل الثلج رغم الظروف الصعبة

  • 1/29/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من الظروف الإنسانية والاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها السوريون حاليا بسبب نقص وقود التدفئة والتقنين الجائر للتيار الكهربائي، والطقس البارد الذي يخيّم في البلاد، إلا أن كل هذا لم يمنع الغالبية منهم من اقتناص لحظة فرح من خلال صنع تمثال رجل الثلج بأشكال فنية مختلفة أمام منازلهم ضمن طقوس اجتماعية رائعة. فقد استيقظ أهالي محافظة السويداء جنوب سوريا الجمعة على مشهد قد ألفوه سابقا، والأرض تلبس ثوبها الأبيض، وبلغ سمك الثلج حوالي 30 سنتيمترا داخل المدنية، وأكثر من متر ونصف المتر في منطقة ظهر الجبل شرق المدنية، لتشكل حافزا للأهالي كي يخرجوا من منازلهم لصنع تماثيل رجل الثلج بأحجام وأشكال مختلفة تعكس حبهم للفن والفرح. أجواء من الفرح والمرح أجواء من الفرح والمرح وقالت الشابة السورية دانا بلاني (22 عاما) وهي تجمع كرات الثلج الكبيرة وتضعها أمامها كي تصنع تمثال رجل الثلج، لوكالة أنباء “شينخوا” إن “الثلج ضيف جميل في السنوات السابقة، وكان مصدرا للفرح، واليوم بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السوريون عموما، إلا أن هذا الطقس كان مشجعا كي نخرج مع العائلة لنصنع تمثال الثلج أمام منزلنا وبحجم كبير”. وتابعت بلاني تقول “لقد كان منظرا ملفتا للانتباه عندما تجمع الجيران في ساحة منزلنا وساعدونا في صنع التمثال، وسط أجواء من الفرح والمرح”، مؤكدة أن “هذا الأمر جعلنا ننسى البرد القارص وكل ما يحيط بنا من هموم”. وتزداد الأعباء على السوريين وخاصة في فصل الشتاء، حيث صار همّهم تدفئة عائلاتهم مع غلاء المواد الغذائية والوقود. وقال شادي زين الدين (36 عاما) إن “الأجواء باردة في السويداء ودرجات الحرارة متدنية جدا، ولكن هذا لم يمنعنا من الخروج إلى منطقة ظهر الجبل للتمتع بمناظر الثلج الذي غطّى الأرض”. ومن جانبها انشغلت لين (19 عاما) طالبة جامعية بتجميع كتل الثلج لصنع تمثال كبير من الثلج وتزيينه ليصبح تحفة فنية ثمّ وضعته على جانب الطريق. وقالت لين وهي تحمل كرة كبيرة من الثلج “في كل عام نخرج عندما يتساقط الثلج، وأقوم بصناعة تمثال من الثلج مع عائلتي”، مشيرة إلى أن سقوط الثلج تأخر كثيرا هذا العام، ولهذا تواجد هذا العدد الكبير من الأسر في هذا المكان. تساقط الثلوج يحمل معه طقوسا تقليدية متنوعة كأكلة "البقسمة" أو بوظة الشتاء وهي مزيج من دبس العنب والثلج تساقط الثلوج يحمل معه طقوسا تقليدية متنوعة كأكلة "البقسمة" أو بوظة الشتاء وهي مزيج من دبس العنب والثلج وتابعت تقول “ما أجمل الثلج حين يغطي الأرض، فتصبح كعروس تلبس ثوبا أبيض”. وعبر الشاب دانيال مزهر (17 عاما) عن فرحته برؤية الثلج الذي كان ينتظره منذ أيام، لافتا إلى أن طقوس اللعب بالثلج وصنع التمثال كانت من أسعد لحظات عمره. وقال الشاب مزهر، وهو يلبس قفزات جلدية، ويساعد الشابة بلاني في صنع التمثال، “منظر الثلج، وهو يغطي الأرض بهذا السُّمك شكّل دافعا لي كي أخرج من المنزل للتمتع باللعب بالثلج والمشاركة في صنع تمثال الثلج”، مؤكدا أن الثلج شكّل حالة اجتماعية رائعة بين سكان الحي الذين اجتمعوا بشكل عفوي. وإلى الجنوب من مدينة السويداء، استطاع شاب سوري أن يصنع تمثالا من الثلج على شكل أسد، بتقنية ثلاثية الأبعاد، وكان تمثالا ملفتا للانتباه. وروى الشاب فادي، وهو طالب فنون تشكيلية، بكثير من السعادة، أن منظر الثلج دفعه إلى صنع التمثال، مبينا أن هذا التمثال كان تحفة فنية غير مألوفة بالنسبة إلى أهالي القرية لأنهم اعتادوا صنع تمثال رجل الثلج التقليدي. وقال فادي، بعد أن أنجز تمثاله، إنه “رغم الظروف الإنسانية والاقتصادية الصعبة التي يعانيها السوريون من شح في وقود التدفئة، والبرد القارص الذي يترافق مع الحالة الجوية السيئة التي تعيشها البلاد منذ أيام، إلا أن هذا لم يقف عائقا أمام اقتناص غالبية الناس للحظة من الفرح، واللعب بالثلج، وصنع تمثال”، مؤكدا أنه صنع تمثالا على شكل أسد ليكون فرجة للناس المارين من أمام المنزل. وأشار إلى أنه أمضى وقتا جميلا خلال صنعه التمثال مع أهله وبعض أصدقائه. طقوس اللعب بالثلج وصنع التمثال من أسعد اللحظات طقوس اللعب بالثلج وصنع التمثال من أسعد اللحظات ويحمل تساقط الثلوج في سوريا خلال فصل الشتاء طقوسا تقليدية متنوعة، ومنها ما يعرف بأكلة “البقسمة” أو “بوظة الشتاء” وهي مزيج من دبس العنب والثلج. والبقسمة مشهورة جدا، خاصة في محافظة السويداء جنوب سوريا وفي مناطق ريف دمشق والقلمون، وهي ذات مذاق بارد وحلو، حيث يتم تحضيرها بعد جلب كمية من الثلج النظيف ودقها بالملعقة لطحن ذرات الثلج، ثم إضافة دبس العنب إليها وخلطها بشكل جيد لتكون جاهزة للأكل كنوع من الحلويات الشتوية. وفي الساحات العامة في المدينة انتشر عدد من الشبان والشابات وسط حالة من الفرح، وراحوا يلعبون بكرات الثلج، وسط أجواء من الفرح والسرور، وكانت أصواتهم العالية تمزق صمت المكان والضباب الذي بدأ يتسلل إلى مكان وجودهم. وقالت مروة (15 عاما) “ما أجمل اللعب بالثلج، فرغم البرد القارص، إلا أن هذا الأمر يشكل متعة كبيرة لنا”، مشيرة إلى أنه في المرة القادمة، ستقوم بصنع تمثال من الثلج وستحمله إلى منزلها، ليبقى ذكرى لعدة أيام. وأشار أبوسليمان (44 عاما) إلى أنه صنع مع أفراد أسرته تمثالين من الثلج، رجل وامرأة، لافتا إلى أنه قام بإلباسهما ألبسة تراثية من أزياء محافظة السويداء التقليدية. وقال أبوسليمان إن “صنع التماثيل كان منتشرا بكثرة هذه المرة في معظم أرجاء مدينة السويداء”، منوها إلى أن صنع التماثيل كان فرصة لكي يعبر الناس عن فرحتهم بسقوط الثلج، الذي أنعش آمال الفلاحين بموسم جيد.

مشاركة :