زادت التفجيرات الإرهابية التي شهدتها باريس يوم الجمعة الماضي، من معاناة اللاجئين في أوروبا. إذ تشهد القارة العجوز ارتفاعاً غير مسبوق في أعداد المهاجرين منذ الحرب العالمية الثانية، وبلغ عدد طالبي اللجوء أكثر من نصف مليون شخص خلال العام الحالي، بسبب الحروب الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، وفق ما ذكرت «مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين». وفي أعقاب الهجمات، اشتعلت النيران في مخيم اللاجئين الموجود في غابات كاليه الفرنسية، والذي يوجد فيه 6 آلاف لاجئ غالبيتهم من سورية، الأمر الذي أسفر عن عدد من الاصابات. ولم تحدد السلطات المحلية السبب الرئيس للحريق، غير أن وسائل إعلامية أشارت إلى أنه كان «متعمداً»، وجاء «انتقاماً» للهجمات الانتحارية. واستغلت الأحزاب اليمينية المتطرفة في فرنسا التفجيرات التي تبناها تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) لتنظيم تظاهرات مناهضة للمسلمين جابت عدداً من الشوارع الفرنسية، ورفع المحتجون خلالها لافتات تتطالب بإغلاق الأبواب في وجه المهاجرين، وطرد المسلمين من البلاد. وفي ألمانيا، شارك الإثنين الماضي في مدينة دريسدن (شرق) حوالى 18 ألف متظاهر ضد «طالبي اللجوء»، ووصفوهم بـ«المجرمين»، في تظاهرة هي التاسعة ضمن ما يسمى بـ«تظاهرات الاثنين»، والتي تنظمها جماعة «أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب» (بيغيدا). وأظهر استطلاع للرأي أجراه موقع «زيت» ألالماني، أن «نحو نصف الألمان (49 في المئة) يتعاطفون مع مخاوف بيغيدا، بينما قال 30 في المئة أنهم يدعمون أهداف المتظاهرين بالكامل»، مؤكداً أن «73 في المئة من الألمان قلقون من أن الإسلام المتطرف ينتشر، بينما قال 59 في المئة إن ألمانيا قبلت عدداً كبيراً من طالبي اللجوء». في الجهة المقابلة، نظمت حكومة ولاية ساكسونيا بالاشتراك مع مدينة دريسدن تظاهرة مطلع الاسبوع الحالي، جذبت نحو 35 ألف شخص تحت شعار«ضد العنصرية والعداء للأجانب». وقالت رئيسة بلدية دريسدن هيلما اوروز: «لن نسمح لهذه الكراهية بأن تقسمنا». ونددت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل بالتظاهرات المناهضة للمسلمين، وحضت الألمان على معارضة حركة «بيغيدا»، ووصفت منظميها بأنهم «عنصريون تملؤهم الكراهية». وصرح وزير العدل هيكو ماس أن المسيرات «تجلب العار على البلاد»، مؤكداً أن ألمانيا تشهد «تصعيداً في التحريض على المهاجرين واللاجئين، وهو أمر بغيض ومقيت». في السياق نفسه، أبدت «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» قلقها إزاء ردود الفعل من قبل بعض الدول لإنهاء البرامج التي وضعت لإدارة أزمة اللاجئين واقتراح إقامة مزيد من الحواجز، والتراجع عن التزاماتها في هذا الشأن. وأبدت الناطقة باسم المفوضية مليسا فلمينغ قلقها إزاء الأنباء غير المؤكدة التي تفيد أن واحداً من المهاجمين في هجمات باريس دخل إلى أوروبا في إطار التدفق الحالي للاجئين والمهاجرين، مشيرة إلى أن «اللاجئ يجب ألا يتحول إلى كبش فداء نتيجة لتلك الأحداث المأسوية». يذكر أن اللاجئين يعانون من سوء المعاملة، خصوصاً على حدود الدول الاوروبية، وكانت منظمة الامم المتحدة أفادت في أيلول (سبتمبر) الماضي بأن نحو «3340 مهاجراً غرقوا وهم يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط، من أجل الوصول إلى أوروبا حتى الآن هذا العام».
مشاركة :