المشتل الزراعي بمطار الملك خالد يُنتج أكثر من مليون نبتة سنويًا

  • 2/1/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

حينما يحزم المسافر حقائبه وأمتعته متوجهًا إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض، وبعد تجاوزه بوابة المطار متوجهًا إلى صالات السفر، تلفت ناظريه الأشجار والنباتات المختلفة على قارعة الطريق، وقبل وصوله إلى الصالات يأسره جمال الزهور بأشكالها وألوانها؛ إضافةً إلى التنسيق البديع للنباتات التي تزدان بها الطرقات المؤدية للصالات، ومنذ لحظة دخوله صالات المطار لينهي إجراءات السفر، يرى أنواعًا شتى من النباتات والزهور؛ ترافقه إلى قبيل صعوده الطائرة، تضفي بجمالها الأخاذ وروائحها الزكية رونقًا وروعةً ونضارةً وحُسنًا، يشعر المسافر بوجوده بين أحضان الطبيعة، لكنه لا يعرف ولا يتبادر إلى ذهنه أن هذه النباتات والأشجار والزهور هي من إنتاج المشتل الزراعي بالمطار. يقع المشتل الزراعي في مطار الملك خالد الدولي بالرياض تحت مظلة شركة مطارات الرياض، ويعمل فيه عدد من المهندسين الزراعيين بمختلف التخصصات: "الإنتاج النباتي، هندسة نظم ري، مكافحة الآفات الزراعية"، وهو أحد المرافق الأساسية والحيوية؛ لتغطية الاحتياج اليومي من النباتات والزهور وتحقيق الاستدامة لجميع صالات ومباني وطرق وميادين المطار الداخلية والخارجية. ويهدف المشتل الزراعي الذي ينتج أكثر من مليون نبتة سنويًا، للتوسع في تنمية الغطاء النباتي وإضافة المزيد من الأصناف الملائمة للبيئة المحلية واستخدام أحدث التقنيات في مجال الزراعة والري. وافتتح المشتل بحسب ما أفاد به مدير إدارة التشجير والطرق والأرضيات بشركة مطارات الرياض المهندس مساعد المدلج، في مطار الملك خالد أواخر عام 1982م، ويقع على مساحة 160 ألف متر مربع، ويتكون من مناطق زراعة أشجار خارجية بمساحة 70 ألف متر مربع، ومناطق شبه مظللة بمساحة 18 ألف متر مربع، وبيوت محمية لإنتاج النباتات والزهور الداخلية بمساحة 8000 متر مربع، ويبلغ عدد النباتات المخزنة بالمشتل أكثر من 230 ألف نبتة، وعدد النباتات في مناطق المطار المختلفة أكثر من 600 ألف نبتة. ويحتوي المشتل على مختبر زراعي لفحص ودراسة عينات التربة ومياه الري بشكلٍ يومي وقسم لفحص ومعالجة الآفات والأمراض الزراعية بأجهزة متخصّصة، كذلك يحوي أجهزة لتعقيم التربة وأجهزة لتدفئة البيوت المحمية لحماية النباتات من الصقيع. وتتم الاستفادة من المياه المعالجة الناتجة من محطة معالجة المياه بالمطار وباستخدام مضخات بمواصفات خاصة وتقنيات حديثة لنقل مياه الري للمشتل ولجميع مواقع التشجير، ويتم استهلاك ما يقدر بـ7000 متر مكعب يوميًا من المياه المعالجة لري النباتات. وعن أُسس اختيار أشجار الزينة للمناطق الخارجية في المطار التي يتم إنتاجها عن طريق المشتل، أوضح مدير وحدة التشجير بشركة مطارات الرياض المهندس بسام المسعود، أن انتقاء الأشجار يتم وفق أُسس مدروسة ووفق جداول تكاثر مجدولة على مدار العام، وأهم تلك العوامل هو ملاءمة الشجرة للظروف البيئية لمدينة الرياض من حيث ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة وتحمّل الرياح والجفاف وارتفاع نسبة الملوحة ومقاومة الآفات وبحسب طبيعة نموها السريع وجذورها القوية؛ فيراعى مثلًا عدم زراعة النباتات ذات الأشواك الحادة بالقرب من ممرات المشاة أو بجانب الصالات، أو اختيار بعض النباتات قليلة التفرع لعدم حجب اللوحات الإرشادية داخل حرم المطار والأشجار دائمة الخضرة مثل أشجار السدر والنيم والباركنسونيا واللبخ والخبيز الساحلي والزيتون والسرسيديوم والأثل وكاسيا جلاوكا وغيرها، كذلك يتم في المشتل إنتاج الأشجار البرية وزراعتها في أودية وأراضي المطار كأنواع الطلح (السنط) مثل الطلح النجدي والطلح النيلي وطلح سيال وطلح الفتنة، وهي أشجار معمرة تصل ارتفاعاتها إلى أكثر من 20 مترًا، وذلك لملاءمتها للبيئة المحلية وتحملها للعطش والجفاف. وتتم صيانة المشتل بحسب ما أفاد به مفتش أول تشجير بشركة مطارات الرياض المهندس سلطان الطبيشي، عن طريق المتابعة وتفتيش أنظمة البيوت المحمية مثل وسائل التبريد "المراوح- خلايا التبريد - الخزانات والمضخات"، والتدفئة: "جهاز التدفئة والأنابيب البلاستيكية"، ومحابس الري (الضبابي- النقاطات) الستائر الداخلية، كما تتم متابعة نمو النباتات وبعد تكاثرها يتم نقلها للمناطق الخارجية بالمشتل وتقليم الأفرع الجانبية غير المرغوبة لتنمو على ساق واحدة غير متعرجة لتتناسب في تنسيق المواقع، إضافةً إلى مكافحة الحشائش حيث يتم التأكد من جميع النباتات سواء داخل المشتل أو بالمناطق الخارجية لمرافق المطار بعدم نمو الحشائش -وهي أي نبات غير مرغوب فيه- على النبات الرئيس، لأنها تشاركها في مياه الري والغذاء، كما تكافح الآفات عبر متابعة النباتات ورشها رشاً وقائياً، وعند إصابة إحداها تتم مكافحتها بعد التعرف على الإصابة. ويستخدم في المشتل الزراعي برامج التسميد سواء كان تسميداً معدنياً أو عضوياً لجميع النباتات الداخلية أو الخارجية عبر جرعات محسوبة بشكلٍ دوري، ويُعمل في المعمل الزراعي تحاليل للتربة والماء باستمرار لمتابعة عناصر التربة والماء ودرجة الموضة PH بهما، إضافةً إلى تعقيم التربة عبر درجة حرارة 120 درجة مئوية للتأكد من خلو التربة من أي مرض بكتيري ضار. وتتم جدولة الري واستخدام المضخات وشبكات الري وفق موسمي الصيف والشتاء واختيار كمية الري ونوعه لكل نبات، وفق احتياجاته المائية مع التأكد من عدم انسداد شبكات الري عبر برامج صيانة مجدولة لتنظيف خطوط الري والنقاطات أو الببلرز أو الرشاشات، والتأكد من عمل المضخات الرئيسة والاحتياطية، كما توجد خطط جاهزة للتعامل مع الحالات المناخية المختلفة مثل العواصف والأتربة. وشارك المشتل الزراعي في تنظيم العديد من مهرجانات التشجير والزهور والندوات والحملات الوطنية للتشجير والفعاليات (أسبوع البيئة، أسبوع الشجرة) في الرياض وعدة مدن بالمملكة، وله مساهمات عديدة في منح الشتلات لحملات وروابط التشجير التطوعية حول المملكة وكذلك لعددٍ من الجهات الحكومية. ويُسهم المشتل الزراعي في تحقيق الأهداف الإستراتيجية من إنشائه ودعم حماية البيئة من خلال زيادة المساحات الخضراء تماشيًا مع أهداف رؤية المملكة 2030م في حماية البيئة والموارد الطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة، وكذلك المساهمة مع برنامجي الرياض الخضراء والسعودية الخضراء للمحافظة على التوازن البيئي وتنقية الهواء وتحسين ومنع انجراف وتآكل التربة وتخفيف حدة انبعاثات الكربون وإضفاء الطابع الجمالي داخل صالات السفر والمناطق الخارجية والطرق للقادمين والمغادرين من المطار، فضلًا عن المساهمة في التخفيف من حدة درجات الحرارة صيفًا وتخفيف حدة الرياح والغبار.

مشاركة :